إطلالة

ماذا أقرأ؟

ماذا أقرأ؟

تُقام سنويًّا، وعلى امتداد الوطن العربي، أعراس ثقافية موسمية تشجع على القراءة وتدعم اكتساب المعرفة، متمثلة بالمعارض الدولية للكتاب.

ونحن هنا في المملكة، نستعد لانطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب هذا الأسبوع، ولمدة عشرة أيام.

كما أُطلِقت كثيرٌ من المبادرات والمسابقات لتشجيع القراءة بهدف نشر ثقافة القراءة في المجتمع مثل برنامج إثراء القراءة (أقرأ)، أحد برامج مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء).

والهدف من ذلك كله هو الإسهام في تمكين وتشجيع القراءة وغرس بذرة الاطلاع بوصفها واحدة من أهم وسائل الإثراء المعرفي وتطوير الذات.

هنا ربما يتبادر إلى ذهن زائر المعرض أو من له اهتمام بالقراءة، السؤال المكرر: ماذا يقرأ؟ وهل الأفضل أن يقتني رواية أم كتابًا غير روائي ينتمي إلى الثقافة بمفهومها الواسع؟

في البدء لا بد من التأكيد على أن القراءة بحد ذاتها هي المظلة الكبرى التي تندرج تحتها جميع الخيارات المتاحة لنا، وقد قيل «القراءة شجرة ثمارها لا تقدر بثمن».

وما يحدد الأفضلية هنا هو إشباع الرغبة الذاتية لممارسة القراءة أولًا، ومن ثم لاحقًا يتم تحديد نوعية القراءة.

أي يجب ألا تشغل نفسك بالإجابة عن هذا السؤال عندما تقرر البدء بالقراءة، لأنك ستضع الحواجز والعراقيل لنفسك بهذا التصنيف قبل أن تبدأ بقراءة ما يقع تحت يديك. فاعلم أن تحقيق الفائدة للقارئ يأتي تراكميًّا وطبيعيًّا مع مرور الزمن.

الرواية بأنواعها تجمع المعلومة أحيانًا بالتسلية والخيال. أما الكتاب الثقافي فيقدم المعلومة بشكل جاد ومباشر. كما أن الرواية متجددة وذات مستويات مختلفة من الجودة والفائدة، وليس مستغربًا أن تقرأ رواية وتعيد قراءتها بعد سنوات وكأنك تقرأها للمرة الأولى. هنا أيضا نتذكر مقولة عباس محمود العقاد «اقرأ كتابًا جيدًا ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جيدة».

من وجهة نظر شخصية، أرى أن حب القراءة ينطلق من الرواية، والدليل على ذلك هو أن معظم محبي القراءة بدأوا بقراءة قصص الأطفال والناشئة، وهي الشكل الأولي للعمل الروائي، والبذرة الأساس للانخراط في عالم القراءة الواسع. تأتي الرواية بمفهومها الناضج بعد ذلك كتسلسل طبيعي لحب القراءة في تلك الفترة.

عند هذه المرحلة، يلح العقل في طلب المعرفة أكثر، ولا يقنع بالقليل فيأتي الكتاب المتخصص ليملأ الفجوات ويسمو بالفكر.

هنا تأتي مرحلة مفترق الطرق، فالبعض يتخلى عن الرواية لأنها حسب اعتقاده لا طائل منها فيتجه للكتاب المعرفي فقط. أما البعض فيستمر بقراءة الرواية، مع ميله لأن يكون أكثر دقة في اختياراته.

على أية حال، القراءة بأنواعها وفي جميع مراحل العمر هي لبنة بناء للوصول إلى المعرفة.

هذه المعرفة يجب استخدامها في تطوير ذواتنا من خلال التفكر والتأمل ومن ثم استحضار جميع هذه المعارف والمهارات للرقي بالتفكير، من تفكير سطحي إلى تفكير ناقد وتوجيهه الى الاتجاه الصحيح دون المساس بالثوابت الدينية والوطنية والمجتمعية.

ختامًا، بما أن المملكة أصبحت تشهد عدة معارض للكتاب، وفي أكثر من مدينة، فالمرجو والمأمول أن تكون هناك استضافة جديدة سنوية لمعرض دولي للكتاب في المنطقة الشرقية قريبًا، وبالتحديد في الظهران، التي تحتضن مركز إثراء، ومبادرته الرائعة (اقرأ)، التي تنمو عامًا بعد عام، وتجتذب أجيالًا جديدة وواعدة من القراء.

 

محمد النفاعي، كاتب سعودي.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge