400 مليون طن حجم الاستهلاك العالمي منه وإعادة تدويره تشكل %9 فقط
دعوة لتطوير عاداتنا اليومية نحو تبني مفهوم إعادة تدوير النفايات البلاستيكية

عالمي أغسطس 10, 2025
تتم عمليات رصف الطرق الجديدة باستخدام الأسفلت البلاستيكي المعاد تدويره في مدينة الملك سلمان للطاقة.
أبطال السلامة
شرعت الشركة، في إطار مبادرة أُطلقت، مؤخرًا، إلى استخدام البلاستيك المعاد تدويره في رصف الطرق الجديدة، وقد نُفِّذت هذه المبادرة في مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك)، حيث استخدمت أرامكو السعودية البلاستيك المعاد تدويره لاستبدال ما يصل إلى %10 من المادة الرابطة الأسفلتية التقليدية.
تقرير: مضاوي البلوشي وفاطمة السعيد وعبد الرحمن المطيري
تصور هذا السيناريو: تذهب إلى المستشفى لإجراء فحوص روتينية، فتؤخذ منك بعض عينات الدم للفحص وتعود إلى المنزل. هذا السيناريو البسيط يتضمن استخدامات عديدة للبلاستيك: أجهزة مراقبة القلب وضغط الدم، والرباط الضاغط الذي يربطه الممرض حول ذراعك قبل غرس الإبرة، والمحقنة، والضمادة، وأنابيب الاختبار، والأغلفة المعقمة التي توجد فيها كل هذه الأشياء.
يُعد البلاستيك أحد أكثر اختراعات القرن العشرين التي نجح تطبيقها واستخدامها على نطاق واسع، وبفضل تكلفته الاقتصادية ومتانته وسهولة استخدامه وإنتاجه بكميات كبيرة؛ أصبح ضرورة في حياتنا اليومية، سواء في ذلك منتجاته التي تستخدم مرة واحدة أو مرات متعددة.
وقد تجاوز الإنتاج العالمي من البلاستيك 400 مليون طن سنويًا، وهو ما يتناسب وضخامة الطلب عليه واتساع نطاق استخدامه. ولكن، وفي مقابل هذه الفوائد، هناك جانب سلبي يتمثل في سوء إدارة النفايات البلاستيكية، حيث يمكن أن تظهر مشكلات نتيجة للإفراط في استهلاك البلاستيك والافتقار إلى أنظمة فعالة للتخلص من نفاياته.
الاستخدام غير المسؤول للبلاستيك
في الغالبية العظمى من حالات استخدام البلاستيك، يتم التخلص منه بعد الاستخدام مرة واحدة. وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن معدل إعادة تدوير النفايات البلاستيكية على مستوى العالم في عام 2023؛ لا يتجاوز %9، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى وفرة المواد الخام وانخفاض تكلفتها، وضآلة القيمة المضافة المتحققة من إعادة التدوير، وانتشار استخدام أنواع البلاستيك غير القابلة لإعادة التدوير.
ولا يختلف الوضع في المملكة عن الوضع العالمي، حيث يُعاد تدوير نسبة %5 فقط من النفايات البلاستيكية حالياً. ويمكن للبلاستيك، إذا تم التعامل معه بشكل غير صحيح، أن يبقى في التربة والمياه لعدة قرون على شكل جزيئات بلاستيكية دقيقة، وأن يتسلل إلى سلاسل الغذاء ويخلق مخاطر صحية وبيئية. وفي هذا الصدد، قال جيركر تيملاندر، رئيس وحدة الشعاب المرجانية في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، : «إن التلوث الناتج عن النفايات البلاستيكية البحرية يؤثر بالفعل على أكثر من 800 نوع بحري من خلال التهام هذه الأنواع للبلاستيك أو وقوعها فريسة للتشابك في نفاياته أو ما تسببه هذه النفايات من تغيير في الموائل الطبيعية.»
إعادة النظر في النهج المتبع
ولعل الخطوة الأولى لإحداث التغيير هي التوعية، فمن المهم أن نفهم أنه على الرغم من هذه الإحصائيات، فإن البلاستيك ليس سيئًا بطبيعته، وأن أنماط استهلاكنا هي التي تحتاج إلى التغيير. وهذا يفتح مجالًا للابتكار وإيجاد نموذج يساعد على تقليل النفايات وتحسين إدارة الموارد، إذ يتعين علينا تغيير الإطار والنموذج الفكري من النموذج الذي يكتفي باستخراج الموارد واستخدامها ثم التخلص منها إلى نموذج الاقتصاد الدائري الذي يحتفظ بالموارد داخل دورة الإنتاج والاستخدام لأطول فترة ممكنة.
وانسجامًا مع هذا المبدأ، وضعت المملكة لنفسها هدفًا طموحًا يتمثل في تحويل وجهة أكثر من %90 من النفايات بعيدًا عن المرادم بحلول عام 2040، مما يشجع على تطوير سلوكيات أفضل فيما يتعلق بالبلاستيك.
إدارة البلاستيك في أرامكو السعودية
وتهدف أرامكو السعودية إلى تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في جميع أعمالها، بهدف رفع معدلات التدوير والكفاءة التشغيلية، والحد من التلوث والهدر، وتعزيز كفاءة العمليات. ولذلك تتبنى الشركة نهجًا استباقيًا لدعم هذه التغييرات وتنفيذ مبادئ التدوير وإعادة الاستخدام في مختلف مراحل سلاسل القيمة العائدة لها.
ومن هذا المنطلق، شرعت الشركة، في إطار مبادرة أُطلقت، مؤخرًا، إلى استخدام البلاستيك المعاد تدويره في رصف الطرق الجديدة، وقد نُفِّذت هذه المبادرة في مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك)، حيث استخدمت أرامكو السعودية البلاستيك المعاد تدويره لاستبدال ما يصل إلى %10 من المادة الرابطة الأسفلتية التقليدية. وثمة استخدام آخر تم من خلال التعاون بين أرامكو السعودية وشركتي سابك وتوتال إنرجيز لبناء أول معمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإنتاج ومعالجة النفط من النفايات البلاستيكية وإنتاج بوليمرات دائرية معتمدة دوليًا.
الاستهلاك الواعي والعمل الجماعي
ولا شك أن دور الأفراد لا يقل أهمية عن دور الحكومات والصناعات، فاختياراتنا كأفراد تمثل في مجموعها أكبر قوة لدينا. كما أن العمل بصورة واعية لتجنب الإفراط في الاستهلاك ومواصلة الاطلاع على أحدث المستجدات هما خطوتان صغيرتان يمكن للأفراد القيام بهما للمساعدة في التخفيف من أثر استهلاكهم على البيئة. والاختيار البسيط المتمثل في المشي بضع خطوات إضافية لوضع قارورة المياه الخاصة بنا في حاوية إعادة التدوير يحدث فرقًا!
