اختار اللغة

الذكاء الاصطناعي

من واقع تجربتي الشخصية

عالمي

عبد الكريم الحسن مستخدمًا البرنامج التقني الذي وفرته الشركة لتمكينه من أداء أعماله اليومية.

رواد المهنة

يرويها: عبدالكريم الحسن

كثير من الأشخاص من ذوي الإعاقة يشعرون بالقلق عندما يفكرون في دخول سوق العمل. هذا القلق طبيعي، خصوصًا إذا لم تكن بيئات العمل مهيأة بالكامل، أو إذا سبق أن مرّ أحدهم بتجارب لم تكن مشجعة. ومن بين هذه الفئة، يواجه الكفيف تحديات مضاعفة، فمعظم المهام اليومية تعتمد على النظر، من تصفح الملفات إلى استخدام البريد الإلكتروني والبرامج المكتبية.

التساؤلات لا تتوقف: «هل سيتمكن من استخدام الحاسوب؟ هل سيتقبله زملاء العمل؟ هل بيئة العمل مهيأة لذوي الإعاقة؟ وهذه المخاوف لا تنبع من ضعف، بل من تجارب سابقة أو واقع يفتقر أحيانًا للدعم والوعي  الكافي.

حلول الذكاء الاصطناعي سهلت التحديات

رغم هذه التحديات، هناك أدوات تقنية تعتمد قدرات الذكاء الاصطناعي أثبتت فاعليتها بشكل كبير، وفي مقدمتها برامج قارئ الشاشة. من خلال هذه البرامج، يصبح الجهاز ساحة عملية لغير المبصرين، إذ يقوم البرنامج بقراءة كل ما يظهر على الشاشة بصوت مسموع.

ومن بين هذه البرامج، يُعد NVDA من أشهرها، وهو برنامج مجاني يدعم أكثر من لغة، ويعمل بكفاءة عالية. يُتيح للمستخدم تصفح البريد الإلكتروني، تحرير الملفات، قراءة النصوص، والتعامل مع الأنظمة بكل سهولة.

وطريقة الاستخدام سهلة بعد قليل من التدريب، حيث يتم التنقل باستخدام لوحة المفاتيح، ويقوم البرنامج بإعطاء ملاحظات صوتية فورية عن كل عنصر يتم التفاعل معه، سواء كان زرًا، ملفًا، أو نصًا.

وبفضل هذه التقنية، يصبح الكفيف قادرًا على أداء نفس المهام التي يؤديها أي موظف آخر، دون الحاجة إلى تدخل مباشر أو مساعدة مستمرة.

خطوات عملية تسبق الأثر

كان واضحًا منذ اليوم الأول لي مع فريق العمل، أن أرامكو السعودية تتبنى  بيئة عمل مختلفة. دون الحاجة إلى شرح طويل، تم توفير الجهاز الخاص بي، وتحميل برنامج قارئ الشاشة، وضبط الإعدادات لتتناسب مع طريقة الاستخدام الصوتي.

أذكر  أنه تم توجيه سؤال لي خلال المقابلة الشخصية.. سؤالًا بسيطًا ومباشرًا عن الاحتياجات التقنية التي تمكنني من تأدية عملي، دون التطرق إلى تفاصيل الإعاقة، في إشارة إلى احترام وتفهم حقيقيين.

هذا النوع من المبادرات لا يُعد مجرد دعم خاص، بل هو نهج عملي يؤكد أن أرامكو السعودية ترى في كل موظف قيمة، وتبادر بتهيئة الأدوات التي تساعده على الإنتاج.

لم يتوقف الأمر عند التهيئة الأولية، بل استمر الدعم مع كل تحديث أو تحدٍّ تقني، وكان هناك من يتجاوب بسرعة واهتمام، مما أزال عن الموظف أي عبء إضافي.

بيئة مشجعة إلى أبعد الحدود 

وبعيدًا عن الجانب التقني، كان دعم الزملاء والمديرين في الشركة  حاضرًا بشكل كبير. لم تكن هناك نظرة شفقة أو تردد في التعامل، بل كانت العلاقة طبيعية ومحترمة منذ البداية. فالزملاء أبدوا تعاونًا رائعًا، سواء في تبادل المهام، أو تقديم الملاحظات بلطف، أو حتى في طرح أفكار تساعد في تسهيل بعض الخطوات.

أما المديرون، فكانوا دائمًا على استعداد للاستماع، وتقديم الحلول عند الحاجة، دون تعقيد أو تأخير. هذا النوع من التفاعل الإنساني والمهني كان و مازال له أثر عظيم في خلق بيئة مشجعة على العطاء و الاستقرار.

ثقافة الدعم غير  المشروط

الجميل في «أرامكو» أن الدعم الذي قدمته لي لم يكن مرتبطًا بالإعاقة فقط. بل مما لمست وشعرت وفهمت أن ثقافة الشركة تقوم على مبدأ التمكين لكل موظف، أيًّا كانت ظروفه. سواء كان من ذوي الإعاقة أو لا، وذلك في جميع المراحل والدرجات الوظيفية. فكل موظف يجد الدعم من قسم الموارد البشرية أو أي قسم آخر. هذا الأسلوب يجعل بيئة العمل عادلة وممكنة ويمنح الجميع الإحساس بالدعم المستمر. لا حاجة لطلب خاص أو شرح طويل، لأن ثقافة أرامكو السعودية مبنية على التيسير والتقدير.

فعندما يشعر الموظف بأن الأدوات متوفرة والدعم موجود، يكون تركيزه  فقط على العمل نفسه، دون الحاجة للقلق من التفاصيل الجانبية.

الدعم هو العامل الحاسم

التحديات موجودة وستظل ولا شك، لكن بتوفر الأدوات المناسبة مثل قارئ الشاشة، أو أي برنامج آخر  وبيئة عمل واعية كأرامكو السعودية  تحرص على دعم موظفيها، يجعل الفرق واضحًا. ما حدث في هذه التجربة ليس حلمًا أو استثناءً، بل نموذجًا يمكن تطبيقه في أي مكان.

ليس من الضروري أن ترى الشاشة حتى تعمل، المهم أن تجد من يراهن على قدراتك، ويوفر لك  الأدوات التي تستحقها. وهذا ما لمسته وألمسه ومن واقع تجربتي.

مقالات ذات صلة