حوار مع كاتب

الكاتب يطرح الأسئلة والزمن يجيب عنها

 الكاتب يطرح الأسئلة والزمن يجيب عنها

ظافر الجبيري، قاص سعودي صدر له أكثر من مجموعة قصصية منها "خطوات يبتلعها المغيب"، و"الهروب الأبيض"، و"رجفة العناوين“.

 

  • ما السر وراء اقتصار إبداعك على القصة القصيرة؟

بداية، القصة، قصيرة كانت أم طويلة، تتقاطع مع الفن السردي الأطول: الرواية ومع الرواية القصيرة (النوفيلا) كما تسمى، وتلتقي مع الفن الأقصر وأعني القصة القصيرة جدًا. على الرغم من الفوارق الفنية والموضوعية التي تميّز كلا من هذه الفنون بعضها عن الآخر؛ مهما يكن، هل للأقدار أن تختارنا؟ ربما!  وربما كانت القصة قدَرًا وخَيارًا في ذات الوقت. لكن لي تجربةَ نشرٍ واحدة ومستقلة في كتاب، أعني مجموعة «تسوّل» والتي اشتملت على أكثر من 70 نصًّا في فنّ القصة القصيرة جدًا، وقد صدرت في عام 2020م.

 

  • هل تستطيع القصة القصيرة برمزيتها أن تعالج القضايا المجتمعية والأسئلة الوجودية الكبرى التي يسعى الأدب عمومًا إلى طرحها؟

أعتقد أن القصة القصيرة تملك ذلك متى استطاع الكاتب شحنها بالحمولات الفكرية والأسئلة الكبرى للحياة، شريطة ألّا تتحول قصته إلى صفحات من كتابٍ محلّق في تهويمات فكرية أو طرح نظري.

 

  • كيف توظف لغة القص لتوصيل المعنى المقصود من قصصك؟

قد يكون للتخصص في اللغة العربية دور في ذلك. أعني الحرص على لغة واضحة دون إغراق في جزالة قاموسية مستغلقة على الفهم، ودون النزول إلى لغة صحفية تحرم القارئ القدرة على الاستمتاع والدهشة معًا، وعليه لا بد من ترك مساحة للقارئ ليبحر في النص ويتعامل مع نهاية مفتوحة هنا ومعلومة غير مباشرة هناك.

  • قلت في حوار لك أن الكاتب لا يملك عصًا سحرية يطوّع بها كل شيء لكن يكفيه أن ينجح بطرح تساؤلات عبر تجربته النثرية من أجل حياة أقل ألمًا، هل ترى أنك نجحت في ذلك؟

هذا صحيح، لأن دور الكاتب يرتكز أساسًا على طرح الأسئلة وليترك للزمن الإجابة عنها. النقد جزء من هذا الزمن فضلًا عن التاريخ ومآلاته، فالنّص الأدبي الجيّد لا يقدم إجابات، يكفيه لفتُ النظر إلى القضايا الكبرى وصولًا إلى الإشكالات اليومية، مع التأكيد على القيمة الكبرى للإنسان في ضعفه وقوته وفرحه وأحزانه، وفي قدرته على تجاوز المآسي والتعامل مع لقمة العيش بأقل قدر من هدر كرامته. أعتقد أن الوصول إلى طرح الأسئلة مكسب وأي مكسب في عالم اليوم المعقّد والمليء بالمتناقضات والصراعات المتفجرة هنا وهناك. 

 

  • كنت من المُبدعين الذين ترجمت أعمالهم للغة الإنجليزية كما حدث مع قصتك «وصية ثيسجر» التي نشرت ضمن أنطولوجيا قصص قصيرة من المملكة العربية السعودية ضمن مشروع وزارة الثقافة لترجمة الأدب السعودي. كيف تقيم هذه التجربة؟

حول الترجمات الأدبية، لديّ إيمانٌ قوي بالمقولة الشهيرة: «الشعوب تترجم الأعمال التي تتمنى لو أنها ظهرت لديها قبلًا». في المجمل، تظل هذه الجهود مهمّة لإيصال الصوت الأدبي والإنساني لأكبر شريحة من القراء في هذا الكون. فالنقاد والدارسون وحتى صناع القرار في دول العالم بحاجة إلى نافذة ما أو ضوء ولو يسير على آداب الشعوب الأخرى، ومنها السعودية تحديدًا. ولهذا، ومع كلّ نصّ يترجم لي أو لأصدقائي الكتّاب أحلم أن يتجه النصّ ليصافح قارئًا هناك، على الضفة الأخرى من العالم.

 

  • تشارك بشكل منتظم في تقييم أعمال شباب الكتاب في مجال القصة القصيرة، هل تجد فيما يعرض عليك من أعمال نماذج واعدة تبشر بأصوات قصصية متميزة؟

دخول كتّاب جدد إلى الساحة أمر متوقّع، بل هو من سنن الحياة، فالأجيال الجديدة تتقدم للميدان، ولا بد من الالتفات إليها ودعمها. أما عن المستوى، فكثير مما يقدم للنشر تعتريه ملاحظات البدايات، وسمة الخواطر والتأثّر بما يطرح من تجارب سريعة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فضلًا عن ضعف الحصيلة القرائية الضرورية للتماسك الأولي للنص الأدبي.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge