حوار مع كاتب

القصة القصيرة جدًا امتحان لصنع الدهشة

القصة القصيرة جدًا امتحان لصنع الدهشة

محمد المطرفي، قاص وروائي سعودي نشر عددًا من الأعمال الإبداعية منها روايتيّ "كلب أزرق ينبح بجوار السرير" و"صورة جيمس دين"، وقصص قصيرة جدًا بعنوان "ركلة هيمنغواي الأخيرة" وديوان شعر "كما لو كان رحيلك مزحة".

 

• انتقلت سرديًا بين أكثر من نوع، كتبت الرواية والقصة والقصة القصيرة جدًا والشعر، هل يعكس ذلك تطورًا في معالجتك لأفكارك الإبداعية؟

بالنسبة لي جميع الأجناس الأدبية تمتلك القيمة ذاتها والقدرة على إيصال الفكرة التي تناسبها، فالفكرة هي التي تحدد جنس النص وما يناسبها، على سبيل المثال الفكرة الشاعرية تأخذك قِسرًا للشعر، أما فكرة القصة القصيرة جدًا تجبرك على التوقف متى ما أدى النص مهمته. 

 

• صورة جيمس دين، تعطي من خلالها تصورات خاصة عن مفاهيم وجودية مثل الانعزال والوحدة، هل تتقاطع سيرتك مع سيرة شخصياتك؟ وهل أنت حاضر فيما تتخيله روائيًا وقصصيا؟

لا يمكن للكاتب أن يتجرد من شخصيته بشكل كامل، فمهما حاول أن يتخلص من حضوره سيبقى جزء منه داخل النص. وثيمة الوحدة والعزلة حاضرة بقوة في أعمالي وفي شخصيتي وهذا ما يجعلني أبتعد عن الحضور وأفضل الكتابة بصمت بعيدًا عن الأضواء.

 

• هل انشغالك بالفكرة الروائية يسهل عليك اختيار أسلوب معالجتها؟

إن لم تكن الفكرة التي أنا بصدد الكتابة عنها مختلفة فليس هناك أي جدوى من كتابتها. هي مجرد تكرار لما فعله الآخرون، على الكاتب أن يبتعد عن طوابير الأفكار الطويلة ويقف ولو وحيدًا في مقدمة فكرة جديدة، بعد كل نص أقرر ألا أكتب أبدًا حتى تستفزني فكرة جديدة مختلفة تجبرني على أن أكتبها، فأنا ببساطة قارئ يكتب فكرة يحلم بقراءتها ولم يعثر عليها بعد، أنا قارئ في المقام الأول، أما الكتابة فطارئة قد تتوقف في أي لحظة حين لا أجد ما أضيفه.

• كيف تتصور قارئك عند نسج حبكات قصصك؟ 

أنا من عشاق القصة القصيرة جدًا لأنها بكل بساطة تحدي بين الكاتب والنص وامتحان لقدرته على صنع الدهشة، أنا لا أفكر في المتلقي وقت كتابة النص أفكر فقط في النص ذاته، أزوده بكل الامتيازات الكافية ثم أطلق سراحه وعليه أن يعبر بعد ذلك عن نفسه دون تدخلٍ مني، له أن يقول للقارئ ما يشاء وللقارئ أن يقول عنه ما يريد.

 

• بتخصيص الحديث عن القصة القصيرة جدًا، ثمة أراء نقدية تتعامل مع هذا الفن باعتباره من ضروب "الكتابة السهلة"، كيف تُقيم ذلك؟

القصة القصيرة جدًا من أصعب أنواع الكتابة فأنت تملك القليل وعليك أن تنجح في صنع الكثير، فن إيصال الفكرة بأقصر طريقٍ ممكن، وهنا تكمن الصعوبة فأنا أتحرك في منطقة ضيقة عليّ أن أنجح في إكمال الطريق بمؤونة أقل، الوضع حينها أشبه ما يكون برصاصة أخيرة عليها أن تصيب الهدف.

في الرواية والقصة الطويلة قد نكتفي بجمال الرحلة عن دهشة الوصول، أما في القصة القصيرة جدًا فالدهشة ولحظة التنوير هي الفيصل. القصة القصيرة جداً مقارنة بالرواية هما أشبه بالماراثون وسباق المئة متر، في الأول الطريق طويل والبداية يجب أن تكون هادئة لتوزيع الجهد أما في الثاني فليس لديك الكثير من الخيارات إما أن تبدأ قويًا أو سيكون الإخفاق حليفك.

وفكرة أنها جنس أدبي سهل هذه فكرة خاطئة، ربما أتت بالنظر للحجم الخارجي لا العمق. أو لأن معظم ما يكتب من قصص قصيرة جدًا يخلو من الدهشة والمخاتلة والفكرة المبتكرة يجعلها أقرب لمشهد مجتزأ من رواية منه لقصة قصيرة جدًا.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge