الطقوس مثلها مثل اللغة واستخدام الأدوات والرموز والموسيقى هي أحد العناصر المكونة للمزيج الذي يشكل معنى البشرية، وهي أمر لا مناص لنا منه. هذه هي الخلاصة التي يؤكد عليها المؤلف الباحث باري ستيفنسن في كتابه «الطقوس» والذي يدرس فيه باستفاضة ظاهرة يعتبرها أساسًا لفهم الطبيعة البشرية والطبيعة الاجتماعية والعناصر الثقافية لبني الإنسان.
يضم الكتاب سبعة فصول تبحث في معنى الطقوس وأنماطها وعلاقتها بالثقافة والمجتمع وقدرتها على إحداث تحولات.
ويتعامل الكاتب مع الطقوس وفقًا لمفهومها العام كما يشير في مقدمة الكتاب فيعتبرها «ممارسة» قبل أي شيء مثل الطبخ أو السباحة، أي أنها مكتسبة ويتم تعلمها من خلال ممارستها بانتظام وبهذا فهي تتضمن طيفًا واسعًا من السلوكيات، وهي لا تنحصر في نمط بعينه مثل الطقوس الدينية فهي تمتد لتشمل طقوسًا غير دينية، مفروضة ومرتجلة وتلامس عددًا من المجالات الثقافية كالمسرح. وهكذا تعد الطقوس كما نفهم من الكتاب فعلًا وفكرة أيضًا أي شيء نفكر من خلاله. الطقوس ببساطة وحسب تعبير الكاتب «مبثوثة في كل مكان حولنا».
ويشير ستيفنسن إلى أن الطقس بوصفه طريقة في النظر إلى الأشياء يختلف من ثقافة لأخرى، فالطقوس تؤدي دورًا ثقافيًا في بعض المجتمعات أكبر مما في غيرها، لكن الأمر الثابت أنها تتجلى في أي تجمع إنساني، بل وتعد من أبرز عناصره الأصيلة المميزة له حتى إن فتر حضورها نوعًا ما بسبب التطورات الصناعية الحديثة الهائلة بوجه خاص في العالم الغربي والتي باتت تمثل تهديدًا يزيد من فرص اختفاء الطقوس من الثقافة أو التقليل من فعاليتها.
هذا التهديد، وكما يوضح المؤلف في الفصل الأخير من كتابه، له أصوله فثمة كتابات قللت من شأن الطقس البشري واعتبرته سمة المجتمعات البدائية وربطت بينه وبين سلوكيات تبتعد عن العلم وتقترب من الخرافة لكن رغم ذلك تظل الطقوس حاضرة وتتخذ أشكالًا عديدة أبرزها على سبيل المثال المهرجانات الموجودة في كل الثقافات بلا استثناء، فهذا الطقس الاحتفالي صار متكررًا بشكل لافت في معظم دول أوروبا وأصبح يعاد ابتكاره على نطاق واسع لا مثيل له، وهو ليس إلا احتفالًا مبهجًا ينزع رواده من الروتين اليومي ويضعهم في تماس مع شيء استثنائي يتجاوز لحظتهم الحاضرة.
العنوان: الطقوس، سلسلة مقدمات موجزة جدًا
تأليف: باري ستيڤنسن
ترجمة: موسى الحالول
الناشر: دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، مشروع كلمة للترجمة
عام النشر: 2021م
عدد الصفحات: 202 صفحة
ردمك: 978-994-833-073-8
