الأطفال ومهارات الذكاء الاجتماعي

الأطفال ومهارات الذكاء الاجتماعي

قدرتنا على خلق العلاقات الإنسانية وتشكيلها تمثِّل أمرًا صحيًا وجالبًا للسعادة، فهي تعني علاقات أغنى مع أنفسنا ومع الحياة بحد ذاتها. وفي هذه الناحية، تبرز أهمية الذكاء الاجتماعي.
ويمثل الذكاء الاجتماعي التفاعل الإنساني على مستوى يتجاوز مستوى الصيغ والمعادلات البسيطة، مثل استخدام التعبيرات اليومية اللطيفة، والمجاملات الاجتماعية التي اعتدنا على ترديدها.

وهناك أبعاد مختلفة على هذا الصعيد، ومنها الوعي الموقفي، وهو القدرة على قراءة المواقف المختلفة، وتفسير سلوكيات الآخرين في تلك المواقف وفقًا لأهدافهم المحتملة وحالتهم العاطفية، وميلهم إلى التواصل أو التأثير.

ويشمل ذلك تحليل مجموعة من الأنماط اللفظية وغير اللفظية، منها المظهر ووضعية الجسم ونبرة الصوت والحركات الدقيقة، التي تشكِّل إشارات يمكن أن يعالجها الآخرون ليتوصلوا منها إلى فهم الشخص المقابل.

الأطفال.. والمهارات الاجتماعية

ومن الضروري أن يكتسب الأطفال مهارات الذكاء الاجتماعي، ليتمكنوا من التأقلم مع المجتمع المحيط بهم، وتكوين علاقات اجتماعية صحية.

ويمكن تعليم الأطفال بعض هذه المهارات البسيطة بطريقة مباشرة، من قبيل: كيف تسأل شخصًا ما أن يصبح صديقك، أو كيف تتحدث عن مشاعرك، ومتى يمكنك أن تقول لا، وكيف تطلب شيئًا ما بطريقة واضحة.

لكن الذكاء الاجتماعي لا يقتصر على ذلك فحسب، وقد يكون من الصعب تعليم الطفل بعض المهارات المتطوِّرة، من قبيل الاهتمام بالآخرين بصورة طبيعية، أو التعبير عن هذا الاهتمام بطريقة يشعر معها الشخص الآخر بمكانته. كما قد لا نستطيع بسهولة تعليم أطفالنا كيفية مواساة شخص مكتئب، أو إخراجه من الحالة السيئة التي تنتابه.

هذه المهارات الإنسانية يتمكن الطفل من اكتسابها متى استطاع أن يطور من نفسه. وهذا التطور يمكن أن يحدث فقط باكتساب خبرات معينة في مجال العلاقات الإنسانية، حيث يكون الوالدان هنا بمثابة نقطة البداية.

بين الموهبة والاكتساب

يستدعي الذكاء الاجتماعي أن تعمل مسالك الدماغ العلوي والسفلي معًا على درجة عالية من التنسيق؛ وللأم والأب تأثير قوي في تطور هذه المسالك تطورًا سليمًا في دماغ الطفل.

وهناك مجالات رئيسة للذكاء الاجتماعي، وهي: فن الاستجابة، والقدرة على التفاوض والتحليل، والقدرة على العمل كجزء من فريق، والقدرة على التعاطف والاهتمام؛ ويظهر تأثير الأسرة في ذلك من خلال تطوير جميع هذه المجالات.

ويرى خُبراء علم النفس أن الأطفال والمراهقين، لكي يتمكنوا من تكوين صداقات متينة، يجب أن يتعلموا بعض المهارات الاجتماعية ضمن هذه المجالات.

كما يرى الخُبراء أن بعض الأطفال يُولد ولديه مهارة تكوين الصداقات، وبعضهم قد يتعلمها بمفرده، تمامًا كما يتمتع بعض الأطفال بموهبة طبيعية في الرسم أو الكتابة أو الرياضة. أما الأطفال الذين يفتقدون لمثل هذه المهارات، فيمكن للوالدين تعليمها إياهم وغرسها في نفوسهم. لكن ينبغي مراعاة الأمور التالية عند القيام بذلك:

  • عدم توقع الكثير: معظم الأطفال يمكنهم أن يتصرفوا كالكبار في لحظة، ثم يعودون إلى طفولتهم من جديد في اللحظة التالية. لذلك، لا ينبغي القلق من كل خطأ صغير يبدر من الطفل.
  • الابتعاد عن التوتر: بعض الأطفال يشعرون بالتوتر والقلق عند وجودهم وسط مجموعة من الناس، أو يحسون بالخجل والإحراج. فإذا كان الطفل من هذه النوعية، فيجب احترام رغبته، وعدم إجباره على الاحتكاك مع الآخرين.
  • فهم دوافع الآخرين: من المهم مناقشة الطفل حول فهمه لدوافع الآخرين في أعمالهم؛ فعلى سبيل المثال: لماذا يكذب شخص ما؟ ولماذا يبكي فلان؟ فهذا النوع من المناقشات تساعد الطفل على النظر إلى الأمور من وجهة نظرهم.
  • قراءة الوجوه: يجب مساعدة الطفل على قراءة الوجوه، ويمكن للأم أن تتصفح كتابًا أو مجلة، وتطلب من طفلها أن يفسِّر لها تعبيرات الناس التي يراها في الصور، حتى يتوصل الطفل في النهاية إلى التقاط الرسائل الجسدية، والتعرف على التعبيرات الصامتة.
  • الاعتراف بإنجازاته: الثناء على الطفل لا يقتصر على تحقيقه للدرجات المرتفعة في المدرسة، وإنما يمكن أن يُقدَّم له أيضًا إذا لعب مع صديقه دون شجار على سبيل المثال، فمن المهم أن يشعر الطفل بتقدير أعماله الإيجابية سواء في المدرسة أو البيت أو الشارع.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge