إضاءة

تلك المصاعب التي تصنعنا

تلك المصاعب التي تصنعنا

بالرغم من تنوع الخبرات من حولنا في مجالات العمل المختلفة التي قد يقل التنافس فيها، إلا أن بيئة العمل لا تخلو من بعض السلبيات السلوكية لدى بعض الموظفين المهووسين بفكرة التنافس مع الآخرين. ورغم جهود البحث العلمي في كيفية التعامل مع هذه السلوكيات، إلا أن التعامل معها لا يزال محاطًا بالصعوبة، فكيف يمكن تحقيق السعادة في بيئة عمل متقدمة وكفؤة مع وجود سلبيات متعددة؟

في كل بيئة عمل، هناك من يبث السلبيَّ من الأفكار والتصرفات وحتى المشاعر. فهذه طبيعة البشر، لكن بإمكاننا التصدي لمثل تلك المؤثرات بكثير من الصبر والتأنّي في التعامل معها.

سنجد كثيرين ممن يحاولون إبراز نقاط ضعفنا والتغاضي عن إنجازاتنا وإيجابياتنا، ولربما ينسبون نجاحاتنا لأنفسهم، فكل ذلك واردٌ جدًا.

هناك أسباب تقف خلف هذه السلوكيات تدل على ضعفهم، كنقصٍ ما في الشخصية، أو عدم القدرة على دعم الآخرين بشكل مؤثر وإيجابي، ولربما يكون ذلك بدافع الغيرة وأسباب أخرى كثيرة. ولكن ما يهم فعليًا أن نتصدى لها بثبات ولا نعيرها مساحة كبيرة من الاهتمام، ولا نشغل أنفسنا بها كي لا نفقد التركيز على تطوير أنفسنا.

لنكن على يقينٍ بأننا نتميز عنهم، ولولا ذلك لما وجهوا لنا سلوكياتهم السلبية. ولنسأل أنفسنا: ما الذي يميزنا عنهم؟ هل هي الإنتاجية العالية الفاعلة والمبتكرة فحسب، أم أخلاقياتنا الفريدة في العمل، أم احترامنا لاختلاف آراء الناس؟

نحن وحدنا من يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة إن تمعنا في الحقائق، لكن الإجابة ليست بحد ذاتها حلًا، فليس لمثل تلك السلوكيات حلول يمكن تطبيقها على الآخرين، بل هي حلول مع ذواتنا في طريقة التعامل معها والتفكر بها من منظور أبعد كي تصل بنا إلى أعلى القمم في كل منحى من مناحي حياتنا.

فهل اطلعنا على مسار حياتنا خلال عقد أو عقدين من الزمان مضيا؟ كيف كنا وكيف أصبحنا خلالهما؟ وحدنا من يرى صورة ما كنا عليه، ويعرف ما تتخللها من منعطفات كبيرة وأحيانا سهلة. وبطبيعة الحال، لن نستطيع تغيير أي منها ولكننا نستطيع رسم خطوط مستقبلية جديدة.

فبالرغم من كثرة الإحباطات والمنحنيات في مسيرة حياتنا إلا أنها تبقى جزءًا من دورة الحياة، ويومًا ما سننظر لها كرسم ذي قيمة أعطى صورة مختلفة لتلك المنحنيات، فلولاها ما اكتسبنا منحنى أعلى وأجمل في حياتنا.

وتكمن الصعوبة في مرحلة تجاوز المنعطفات الصعبة، فهي عامل مشترك بين البشر ولكن لكل منهم طبيعة وطاقة معينة في تجاوز هذه الصعوبات. ما لا ندركه أحيانًا أن تلك الصعوبات ليست في مجال التنافس، فالمنافسة في تعداد الصعوبات لا تعين صاحبها على تجاوزها بشكل صحي، بل على العكس من ذلك قد يكون ضررها أكبر مما هو متوقع.

نحن من يحدد الوقت اللازم لتجاوز أي مرحلة بما يتوافق مع قدراتنا وظروفنا واحتياجاتنا. من الممكن أن نبدأ برسم طريقة خاصة بنا في كيفية تجاوز المرحلة الصعبة، بدءًا من تحديد سعادتنا في رؤية أنفسنا في مكان نحب أن نكون فيه وراضين عنه بعيدًا عما يظنه الناس، فذلك لن يساعدنا في اجتياز الصعوبات ولن يقدم لنا السعادة الحقيقية.

قد يبدو ذلك سهلًا للوهلة الأولى، لكنه في حقيقة الأمر تحدٍّ صعب، لأن الإنسان تعود على رؤية نفسه في عيون الآخرين راكضًا لتحقيق رغباتهم، مبتعدًا عن سعادة نفسه، مما يؤثر بشكل كبير في رسم منحى دقيق لحياته، فتتكون منعطفات صعبة قد لا يتمكن من تجاوزها وحده.

فهل تستطيع وحدك اجتياز منعطفات صعبة وسط سلبيات الآخرين؟

 

ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge