حوار مع كاتب

الشعر تحليق بأجنحة الحياة

الشعر تحليق بأجنحة الحياة

عبد العزيز أمزيان، شاعر مغربي صدر له "مواقد الروح" و"جمرات الريح " و" شبيهي في التيه"  وكتاب نثري بعنوان "رسائل حب ".


هل ثمة علاقة بين عملك مدرسًا للغة العربية واختيارك الشعر منبرًا للتعبير الإبداعي؟
دون أدنى شك، هناك علاقة بين مزاولة العمل المهني في مجال تدريس اللغة العربية، وممارسة النشاط الشعري كفن تعبيري، لا يخفى أثرها، لكن الإشارة التي لا بد من تأكيدها في هذا السياق هي أن الملكة الشعرية التي آنستها في نفسي، منذ زمن بعيد، هي التي قادتني إلى اختيار مهنة تدريس اللغة العربية وآدابها وليس العكس.

من يقرأ منجزك الشعري يشعر أن ثمة علاقة خاصة مع الزمن الماضي، نوعًا من الحنين إلى كل ما هو بعيد. ما تعليقك؟
هذا الملمح الشعري في الانجذاب إلى الماضي هو من الخبايا التي يصعب إدراك كنهها، ويشق سبر حقيقتها بشكل قاطع. أجدني أندفع بقوة غير مرئية، ودون شعور مني إلى الوراء، كأن سحر الوجود هناك. ربما الحنين إلى الماضي يشحن الدماغ بطاقة إيجابية؛ لأنه يثير العواطف بشدة، وربما أيضًا للرغبة في الاستمرار بالعيش، وخوض تجارب جديدة أو ربما للماضي خيوط ضوء تحتاج للتجلي والانكشاف والإشراق.

قلت من قبل إنك تكتب حين يأتيك المخاض فتكون بحاجة للمكاشفة والبوح. ماذا كنت تقصد بذلك؟ 
لا يمكن لأي فنان أن يبدع إلا إذا مر بتجربة معينة في حياته، وتفاعل بمعطياتها، وسياقاتها الاجتماعية والتاريخية، واندمج في أبنيتها، حينذاك تحصل الآلام، ويحل الوجع بالذات الشاعرة، وهو ما عبرت عنه بالمخاض، الذي هو المرحلة الأولى من الولادة. بفعل ذاك التفاعل، ونتيجة هذا الاندماج، تتكون النظرة، وتنضج الرؤية، حينئذ تأتي لحظة المكاشفة والبوح والإفصاح عما يعتمل في النفس من مشاعر، وعما يجول في العقل من رؤى في شكل تعبيري، يكتبه تحت ضغط المعاناة، وحاجة وضع العبء الذي يثقل كاهله.

أشعارك مسكونة بالتوجس والحزن. ألا تعتقد بإمكانية وجود شاعر ينتصر لحالات وجدانية يغلب عليها التفاؤل والأمل؟
الانتصار لوضعيات عاطفية يطغى عليها التفاؤل والأمل من مساعي أي شاعر، فإذا كانت الحياة صراعًا بين الأمل واليأس، وبين النور والظلمة، وبين السعادة والشقاء، وما إلى ذلك من الثنائيات الضدية، فإن الشاعر يرغب دائمًا بعزيمة صلبة في الانتصار لحالات الإشراق والانطلاق والانفتاح؛ لأن الشعر في مفهومه الواسع هو تحليق بأجنحة الحياة، وسفر بمجاديف الحلم؛ لذلك كله لا بد أن يبرق في ثنايا شعري بصيص، ويشع في داخله بارقة أمل، وعلى الرغم من أن أشعاري مسكونة بالتوجس والحزن، كما أشرت إلى ذلك، فإنها تتنصر للحياة، بكل أبعادها المضيئة. 

لك تجربة نثرية في أدب الرسائل. ما الدافع وراء اختيارك مثل هذا النوع الأدبي؟
أغواني فن الترسل منذ سن الشباب، حيث قرأت رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة، وغيره من الكتب التي تُصنَّف ضمن أدب الرسائل، وأذكر أني عثرت في طفولتي على رسالة من أخي إلى أبي، رحمه الله، في العراق، حين كان يتابع دراسته، يبثه فيها أشواقه وحنينه إلى الأهل والوطن، وقد وقعت عندي موقعًا حسنًا؛ من وقتها وأنا أهوى الرسائل، وأبحث عن هذا الصنف من الكتابة التي تتميز بخصائص فنية متفردة، كالسلاسة في الأسلوب، والتكثيف في اللغة، وحرارة العاطفة.


Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge