إضاءة

العِلم ودورة الأيام

العِلم ودورة الأيام

ينصرم عام بكل ما فيه من أحداث وإنجازات، ويهل علينا عام آخر جديد تحدوه الكثير من الآمال والتوقعات، فنرسم له الخطط ونضع الأهداف، وهكذا دواليك. والأيام بحد ذاتها لا تتغير في عددها ولا تتأخر أو تتقدم عن دورتها المعتادة، فهي في مسارها ونظامها متناهية الدقة بتدبير خالقها سبحانه وتعالى. وفي المقابل، تطرأ التغيرات علينا نحن البشر في هذا الكون الفسيح، وعلى ما حولنا من كائنات حيّة وطبيعية من زيادة ونقصان، ونشوء واندثار في عملية تجديد وتبديل مستمرة. والعامل الرئيس لمعظم المستحدثات والتغيرات على كوكبنا هو بني البشر، فمنهم المصلح الباني ومنهم الهادم ومنهم المعتدي ومنهم المتقي ومنهم من يكون بين هذا وذاك.

وبطبيعة الحال، وبدورة الأيام المستمرة علينا وتعاقب الليل والنهار واختلاف الظروف والأحداث من حولنا، تختلف أفكارنا وأهدافنا وتوجهاتنا بشكل واضح من سنة إلى سنة تباعًا للمتغيرات ومواكبة للمستجدات التي تطرأ على حياتنا. فما كنا نؤمن به ونتمناه ونعمل لتحقيقه قبل بضع سنين تغير اليوم وطرأت عليه وعلينا حيثيات كبيرة. نحن نتغير في قوانا وأجسامنا وأفكارنا، والطبيعة تتغير أيضًا من حولنا، فهو تغيير مستمر ومتسارع، خاصة في الآونة الأخيرة بشكل عجيب وغريب وغير متوقع من أحد، بما في ذلك العلماء والفلاسفة والمفكرون الذين قضوا جُل وقتهم وصبوا اهتماماتهم على التفكير وتدوين الكتب والمقالات ومراقبة الكون وحركاته. ولم يستطيعوا رغم ذلك كله إلا معرفة النزر اليسير، وعلى غير يقين منهم في أغلب الأحيان. فها هي هندسة إقليدس ونظريات آينشتاين في محاولات لفهم هذا الكون العجيب ومكوناته وما يدور فيه وحوله وما يحدث جرّاء التفاعلات والحركات المستمرة، كل هذه المحاولات العلمية والبحوث والنظريات تقف حائرة وعاجزة عن معرفة حقيقة ما يجري من تغيرات وتفاعلات وانعكاساتها على الأرض والبشر ومتى بدايتها ونهايتها وما هي مسبباتها!

ومع مرور الزمن المتسارع وتقدم الدراسات وإنشاء مراكز علمية وبحثية حول هذا الكون العظيم، إلا أن النتائج والمحاولات تزيد الغموض والحيرة لدى الباحثين والمهتمين في هذا الشأن، فمعظم النظريات القديمة التي كانت من المسلّمات تُستبدل اليوم بأخرى جديدة تناقضها تمامًا، ومن المرجح أن تأتي نظريات وفرضيات أخرى تنسف ما قبلها وتثبت العكس وهكذا، في محاولات مستمرة وسباق بين العلماء والمهتمين للوصول إلى حقائق علمية دقيقة وثابتة.

ولا شك أن التطور العلمي والبحثي القائم اليوم قد يكشف الغطاء عن الكثير من المعلومات والحقائق عن عالمنا ومكوناته وتحركاته، ولكن تبقى محدودية الفكر البشري عائقًا عن كشف الغطاء بشكل كامل لمعرفة التفاصيل الدقيقة والدلالات القطعية على طبيعة ومسببات ما يحدث في هذا الكون الكبير، فـ «ذلك مبلغهم من العلم»، والله وحده يقدر الأقدار وأعطى البشر النجدين والاختيار بين الخير والشر من أفعالهم وأقوالهم في اليوم والليلة.

 

محمد اليامي، إدارة علاقات العملاء الرقمية.
يرحب أرامكو لايف بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها   cw@exchange.aramco.com.sa
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge