إضاءة

السلوك يحدّد العاقبة

السلوك يحدّد العاقبة

يحكى أن إحدى الشركات الكبرى لإنتاج الأحذية -أجلكم الله- أرسلت اثنين من موظفيها إلى إحدى البلدان الفقيرة. وكانت مهمة هذين الموظفين أن يقوما بإجراء دراسة جدوى لتصنيع وتوريد الأحذية لهذه البلدة. والتحقق من حجم العائد الربحي لهذا المشروع على المدى الطويل.

وعندما وصل هذان الموظفان وأمضيا بضعة أيام يدرسان ويقيمان الوضع، قام كل منهما بإرسال تقريره إلى الشركة. كتب الموظف الأول: سيدي المسؤول، إن فكرة صناعة وإرسال أحذية إلى هذه المنطقة فكرة سيئة جدًا، وستفشل لا محالة، حيث أن معظم السكان لا يرتدون الأحذية، لأنهم أُناس تعودوا على المشي حفاة في كل مكان، ولا يمتلك الأحذية ويلبسها هنا إلا علية القوم فقط، أما عامة الناس فليست من اهتماماتهم ولا يملكون أدنى فكرة عن فائدتها!

أما الموظف الآخر فكتب: سيدي المسؤول، كم هي فكرة رائعة أن نقوم بإرسال أحذية إلى هنا، فلا يوجد هنا محلات لبيعها، ولا يعلم الناس عن فائدتها شيئًا!، فهم يمشون حفاة على الحجارة والشوك، وتتجرح أقدامهم كل يوم. أرى أن نبدأ بإرسال كمية قليلة جدًا حتى نقيم مدى تفاعل الناس ومدى إقبالهم عليها، ومن ثم نقوم برفع معدلات الإنتاج تدريجيًا وإنشاء مراكز لبيعها. ستحقق الشركة أرباحًا كثيرة وستكون الخيار الأول والأفضل وتلبي حاجة السكان هنا.

قررت الشركة أن تنتج أحذية بأعداد قليلة، وبعثتها إلى موظفها هناك ليبدأ ببيعها بأسعار رخيصة وليخبر الناس بفوائد لبس الحذاء حتى بدأ الناس بالإقبال على شرائها، وبذلك أصبحت الشركة هي الأولى في تلك المنطقة وارتفعت مبيعاتها وتوسعت حدودها إلى ما هو أبعد من تلك البلدة الفقيرة!

الموظفان يعملان في نفس الشركة وكُلّفا بنفس المهمة، فما الذي اختلف؟

لدى البروفيسور الأمريكي (ألبيرت أليس) نظرية معرفية لكيفية التعامل مع الأحداث بإدراك سلوكي إيجابي تقوم على أن السلوك المختلف الذي يقوم به الناس تجاه الأحداث نفسها يجعل العواقب أو النتائج مختلفة. فالحدث ثابت والسلوك متغير وعلى غرار ذلك السلوك تكون العواقب.

لو أن عددًا من الأشخاص ذهبوا إلى المطار ليسافروا، لكن الرحلة تأجلت ساعة، فقام الأول يندب حظه الرديء، وآخر قام بتوبيخ موظفي المطار، ومنهم من صب جام غضبه على شركة الطيران. بينما هناك مسافر آخر استغل وقت الانتظار هذا، فأخذ يصل رحمه بالاتصال على بعض أقاربه والسلام عليهم والسؤال عن أحوالهم، وقام آخرٌ بإخراج كتاب من حقيبته ليكمل قراءته، وهناك من استلقى لأخذ قسط من الراحة حتى يحين موعد الرحلة.

إنه بالرغم من أن أي مسافر منهم لم يستطع تغيير موعد الرحلة بعد أن تأجلت ساعة كما أُعلِن سابقًا، إلا أن العواقب التي جناها كل مسافر بناء على سلوكه تجاه ذلك الحدث اختلفت، فمنهم من لم يجن إلا فقد الأعصاب، والتعدي على الآخرين، بينما جنى آخرون أجر صلة الرحم والقراءة والراحة. وفي النهاية، ركبوا جميعًا نفس الطائرة ووصلوا جميعًا إلى نفس الوجهة التي اشتروا من أجلها تذاكر السفر! إذن؛ مهما فعلنا فإن الطريق واحدة، والاتجاه أيضًا واحدٌ، فلنختر لأنفسنا ما يجعل الوصول أجمل وأنفع وأسلم.!

سالم السلوم، إدارة صيانة معامل بقيق.
يرحب أرامكو لايف بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.  cw@exchange.aramco.com.sa

 

 
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge