إضاءة

«تحرّر من إرادة المدخن»

«تحرّر من إرادة المدخن»

في حياتنا محطات كثيرة وتجارب بلا عدد، وكلما طال بنا العمر زاد رصيدنا منها. في تلك المحطات، منعطفات تدفعنا إلى القناعة بحاجتنا إلى التغيير الذي قد يشمل مجرد تغيير الوجهة أو تغيير الأسلوب أو تغيير أنفسنا بالكامل.

كثيرة هي اللحظات التي ندرك فيها ضرورة التغيير، أي أننا نمتلك الوعي بأهميته، غير أن المشكلة أن هذا الإدراك لا يترجَم في معظم الوقت إلى إرادة، ويبقى مجرد حقيقة نعيش معها على هامش الرغبات المؤجلة.

لذلك لا يبدو الوعي بالتغيير وضرورته في حياتنا دافعًا كافيًا لاتخاذ القرار والشروع في التفكير بوضع خطة عمل لإتمامه. ثمة حلقة مفقودة تجعل من معادلة التغيير ناقصة. البعض يسميها الدافعية، أي وجود ما يحفز بقوة ناحية التغيير، والبعض الآخر يختصرها في فكرة الإرادة، فهي الوقود المحرك والضمانة الأكيدة لأي عملية تغيير نريدها.

المشكلة أن الكثير منا لا يملك من هذه الإرادة إلا بمقدار «إرادة مدخن»، مع التقدير لمن تورط بالتدخين من القراء. هناك من يحدّث نفسه كل يوم عن الرغبة في الاقلاع عن التدخين ولا يجرّب.

وإذا جرّب تراجع في أول الطريق، لتبقى الفكرة تراوح في دائرة التفكير فقط، ولا تجد لها متسعًا لترجمتها إلى فعل يسهم في بلوغ الهدف وصناعة التغيير. هذا النمط من السلوك مردّه الخوف من التغيير نفسه، فالبعض يتمسك بأية ذريعة للبقاء على الحال الذي هو عليه، والبعض الآخر يجسّد الاستسلام المبكر لظروف الحياة ومعطيات القدر.

عدم قدرة المدخن على التخلص من عادة التدخين يدفعه للإحباط والتردد والبقاء على حاله. الأمر نفسه مع الذين افترضوا الفشل قبل المحاولة، وتمنوا أن يتغير المستقبل بالنسبة لهم دون مبادرة. هؤلاء يمثلون قليلي العمل وكثيري الأمل، ممن لا ذخيرة لهم في حروب الحياة سوى التسويف والانتظار واختلاق الأعذار.

ما أكثر الذين جربوا التغيير واكتشفوا أنه السبيل للنجاح. ولو نظرنا لهم كدروس مفتوحة لما تراخينا ووقفنا على حدود الأمل فقط. أعتقد أن المفتاح لامتلاك إرادة التغيير هو بمطالعة تلك الدروس، والنهل من تلك التجارب، فكم من باب مغلق وجدناه مفتوحًا بمجرد طرْقه، وكم من طريق طويل انتهى التعب فيه بعد الخطوة الأولى، وكم من موجة عبرت ولم تمنعنا من مواصلة السباحة باتجاه أهدافنا.

علينا أن نكون تلاميذَ في صفوف من خاضوا غمار التغيير ونفضوا غبار الكسل عن أكتفاهم. من هنا تبدأ إرادة التغيير في ملء دواخلنا، وتشير لنا ببوصلتها ناحية النجاح.

 

ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge