إضاءة

اغتنم اللحظة ولا تستعجل الزمن!

اغتنم اللحظة ولا تستعجل الزمن!

ما بين الوقت والنقود لغة مشتركة، فبعض البشر، قد تكون لديهم فوائض وقت في صورة فراغ، أو عجز في الوقت في صورة انهماك تام في الأنشطة والأعمال، تمامًا كما تتكدس لدى بعض الناس الأموال في وقت يعاني فيه آخرون من الإفلاس!

الوقت هو حياتنا وعمرنا الذي لا يمكن تجميده أو استرجاعه أو زيادته، وقد منحنا الله الوقت بالتساوي، لكننا غير متساوين في الاستفادة منه، لهذا، يعاني بعضنا من الفراغ الشديد، بينما يشكو آخرون من شح الوقت والعجز عن الوفاء ببعض الواجبات الاجتماعية، فيما تسير حياة آخرين بسلاسة، وفي النهاية كل منا سيُسأل عن عمره فيما أفناه؟!

نشعر بسرعة مرور الوقت كلما كانت حياتنا حافلة بالعمل والنشاط، والوجوه والتجارب، بينما يمر الوقت ببطء على أصحاب الحياة الرتيبة المنتظرين للتغيير غير الفاعلين فيه، الذين يعانون الفراغ والوحدة والملل والضيق حد الاكتئاب. الرتابة والاعتياد تجعلنا نشعر أن الأيام والليالي والوجوه هي ذاتها، حتى عناوين الصحف تبدو وكأنها لا تتغير، فيمضي العمر دون أن نشعر به. 

على شبكات التواصل الاجتماعي، ألمح حالة من استعجال الوقت وملاحقته، إلى حد النقمة على الأيام والليالي والشهور والسنين التي هي بالأساس أعمارنا، فهذا فريق كارهي يوم الأحد يردد: "لا تذكرني بالأحد بداية دوام لأسبوع ثقيل ممل"، أما الثلاثاء فهو يوم بلا ملامح في منتصف الأسبوع، والأربعاء يوم طويل لا ينتهي، وأخيرًا "هلا بالخميس الونيس"، ويمر الخميس وربما يخلو من أي وناسة على الإطلاق، وهكذا ندور في حلقة مفرغة من حب أيامنا وكرهها، لتحتدم حدة الصراع بين أنصار الشتاء والصيف  لدرجة أن البعض يردد: "متى ينتهي أغسطس، أخشى  أن يكون الغد يوم 32 منه"؟، وكأنهم  على موعد مع الفوز برحلات مجانية لجزر المالديف في أول سبتمبر!

إعلان محبة الشتاء أو كره الصيف لن يغير من سنن الكون أو تعاقب الفصول، وتلك سرقة علنية للعُمر، وصفها الشيخ محمد الغزالي رحمه الله بقوله: " أتدري كيف يُسرق عُمر المرء منه؟ يذهل عن يومه في ارتقاب غده، ولا يزال كذلك..حتى ينقضي أجله، ويدُه صِفر من أي خير".

فقدنا حلاوة الأيام وبهجة المناسبات باستعجال الزمن، إذ تصلنا تهاني رمضان قبل موعده بأشهر، أو تهنئة بالعيد "قبل الهنا بسنة"، والمؤكد أن كل شيء حلو لو جاء في وقته.

تغيير أسلوب الحياة الذي اعتدته، والوجوه والتجارب التي تمر بها، أو قراءة نوعية مختلفة من الكتب، وممارسة الهوايات وبعض الأنشطة، ربما يحُسن من تجربة إحساسنا بالوقت، وهو سلوك صحي يجنبنا مرارة الانتظار والبحث عن أي جديد نكسر به رتابة أوقاتنا.

للأسف نحن بارعون في هدر الوقت، البعض ينشغل بالفرق بين القائد والمدير أكثر من انشغاله بإنجاز مهامه وأعماله، وفي بيوتنا لا زالت الزوجة تعد زوجها بأنها ستكون جاهزة خلال خمس دقائق لموعدهما المهم، فيحترق الزوج بانتظارها لأكثر من ساعتين ويضطر لإلغاء الموعد.

بالأمس، تابعت بإعجاب عبر تويتر مقطع فيديو لشاب جامعي يُشيد بما أسماه بـ "كوكب اليابان الشقيق" الذي يقدر قيمة الوقت ويحترم المواعيد ولا يسمح بهدر ثانية منه، ثم يتحدث بحماس وتفاؤل عن أحلامه وطموحه للمستقبل. لم يطل إعجابي بالمقطع فقرب نهايته خاطب الشاب متابعيه متوسلًا: " ادعوا لي، عندي اختبار الصبح ولم أفتح الكتاب من قبل"!

 

ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge