لم يكن هذا العام مختلفًا بشكل كبير عن العام السابق 2020م؛ عام الانهيارات، الذي انهارت فيه أنظمة صحية واقتصادية وسياسة وإنسانية كثيرة حول العالم مع الحدث الاستثنائي الذي عاشه وسياسية تحت وطأة جائحة كورونا. هذا الوباء الذي كان من القسوة بحيث كان تجاوزُ الدول له عبر مختلف مؤسساتها بأقل الخسائر مؤشرًا يدل على قوتها وتماسكها وفاعلية الإجراءات السياسية والتنظيمية والتنفيذية فيها.
ولا شك أن استمرار الجائحة هذا العام، وتداعي الاقتصاد والصحة في الدول المتضررة لم يزل مؤثرًا على أكثر هذه الدول منذ العام الماضي، وهو ما سيمتد أثره على الأرجح لسنوات قادمة.
بين كل هذه الانهيارات والتداعيات السلبية لجائحة كورونا، التي تُسيطر على المشهد العالمي، نحتفل هذا العام في الثالث والعشرين من سبتمبر الجاري باليوم الوطني السعودي الحادي والتسعين، ونحن نعيش رفاهية تجاوز تلك الأزمة العالمية بتميُّز وريادة في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة بالمملكة.
وهذا ما أُثبت بالإحصاءات والأرقام في المؤشرات الداخلية والعالمية، وكان منها، على سبيل المثال، حصول المملكة على المرتبة الأولى عالميًا في ثلاثة مؤشرات دولية خلال تصديها لجائحة كورونا عامي 2020 و2021م، وهذه المراتب الأولى التي تحققت كانت في مؤشري "استجابة رواد الأعمال لجائحة كورونا" و"استجابة الحكومة في دعم رواد الأعمال" الصادرين عن المرصد العالمي لريادة الأعمال، والمرتبة الأولى أيضًا في مؤشر "الأمن الغذائي" الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية الدولية.
استعراض مثل هذه المؤشرات وارتفاع مراتب المملكة فيها، خاصة في ذروة انتكاسات عالمية، يعكس مدى حرص واهتمام المملكة وهي تواجه جائحة كورونا أن تحافظ على استمرار تنمية وازدهار مختلف قطاعات التنمية فيها، والبقاء في مراتب عالمية متقدمة ومشرفة. وهذا هو ديدنها منذ واحد وتسعين عامًا حتى اليوم، وهو ما ينعكس على شعور المواطن بالأمان والعناية التي تقدمها له حكومته الرشيدة وجعل رفاهية وصحة وأمان المواطنين ومن يقيم على أراضيها أولوية أولى تسعى لها كل الأجهزة الحكومية وغير الحكومية. وهو ما لمسناه من خلال تقديم العناية الصحية الفائقة لجميع المواطنين والمقيمين المصابين بكورونا، وتوفير اللقاحات للجميع دون اشتراطات أو استثناءات.
رافق هذه العناية الصحية الفائقة والدقيقة للحد من انتشار الوباء إجراءاتٌ عالية الدقة في تنظيم أكبر تجمع بشري في العالم خلال موسم الحج للعام الهجري المنصرم، والانتهاء منه دون تسجيل أي أوبئة أو إصابات، وتمكين المسلمين من جميع أنحاء العالم في الفترة الحالية من أداء العمرة من خلال ضبط دقيق لكافة الإجراءات والاحترازات التي تضمن سلامة وأمن المعتمرين وتسهيل أدائهم لعبادتهم دون قلق.
من جانب آخر، تقوم المملكة العربية السعودية بواجبها الإنساني والتشريعي لمواطنيها ولمسلمي العالمي وهي تواجه في ثبات وحنكة سياسية رصينة الاعتداءات الخارجية المهددة لأمن وسلامة مواطنيها، وتستمر في الداخل بخطى واثقة بدأت مع انطلاق رؤية 2030 المباركة في مكافحة الفساد، وتمكين المرأة، وتنظيم الأحوال الشخصية، والتنوع الاقتصادي غير النفطي، والعناية بالقوى الناعمة من خلال مبادرات وبرامج معرفية وثقافية وفنية نوعية في مختلف مناطق المملكة.
إن هذا التقدم المتسق بين الخارج والداخل في المملكة العربية السعودية، الذي يستمر عامًا بعد عام في مختلف الظروف والمؤثرات التي تواجهها المملكة بصفة خاصة أو يواجها العالم كافة، هو ما يمنحها ميزة القوة والأمان، وهما أهم قيمتين يحتاج إليهما المواطن السعودي في حياته حتى يستطيع منهما الانطلاق في رحلة ازدهار ونماء مستمرين، بما يثبت أن المملكة ما تزال فتية حتى وهي تقف على أعتاب العقد العاشر من عمرها المديد.
كاتبة سعودية.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.