السينما السعودية وأثرها على دول الجوار

السينما السعودية وأثرها على دول الجوار

السينما ليست أداة ترفيه فقط، وإنما هي مسؤولة عن المحافظة على ذاكرة شعب جنبًا إلى جنب مع الكتاب. فقد أتت السينما لتوثق ذلك عن طريق الصورةوالصوت، وتغرس في كل فلم جزءًا من ذاكرة المكان أو الزمان في سياق السرد العام.

لذا، لا تنبع أهمية السينما السعودية من مناقشة العادات والتقاليد وتعريف العالم بالمملكة وأهلها فحسب، وإنما أيضًا من المحافظة على ذاكرة الشعب السعودي من خلال أفلام اجتماعية أو سياسية أو تراثية أو حتى غنائية أو خيالية.

وخلال السنوات العشر الأخيرة، شهد الفن السابع في المملكة ظواهر جديدة، ويقظة فنية مختلفة يتوقف نجاحها واستمرارها على قدرات وإمكانات الشباب السينمائيين أنفسهم، إضافة إلى الاهتمام والرعاية الحكومية.

السينما في المملكة والخليج

وفي نهاية عام 2017م، أُعلن عن السماح بفتح دور العرض في المملكة، في خطوة تمهد لقيام صناعة سينمائية حقيقية ومتكاملة، وهذا ما أعطى الأمل لكثير من السينمائيين والمستثمرين في الخليج بقيام صناعة حقيقية في الخليج.

فمن تجاربنا الشخصية، أننا بعد أول فِلم روائي، وهو «الحاجز» (عام 1990م)، اعتقدنا أن الباب فُتح واسعًا أمام صناعة السينما في البحرين، وأنه سيكون هناك إنتاج سينمائي لن يتوقف. لكننا اكتشفنا لاحقًا أن السينما لا تتحقق في بيئة ذات كثافة سكانية منخفضة، كما كان الحال في دول الخليج آنذاك، حيث كان مجموع عدد السكان حوالي 6 ونصف مليون نسمة من غير المملكة، ودورالعرض مجتمعة أيضًا لا تتجاوز 35 دارًا، ولا تضم أكثر من 7000 كرسي، بمعدل 10 ريالات للكرسي الواحد.

وبعملية حسابية بسيطة، كان الفِلم الذي يكلف وقتها مليون ريال سعودي، يحتاج إلى أن يعرض في كل دور العرض في الخليج، وأن تكون كل مقاعدها ممتلئة لمدة عشرة أيام، كي يستعيد المستثمر ما أنفقه؛ وهذا مستحيل.

كانت العملية صعبة جدًا على المستثمر والمنتج والصانع، بسبب عدم وجود مردود مادي. وهذا ما انعكس على قطاع الإنتاج السينمائي في دول الخليج العربي، وأيضًا على الأجور، وحتى المنح الدراسية لدراسة السينما وكيفية صناعتها.

أما اليوم، وبعد أن أُطلق العنان للسينما صناعةً وعرضًا في المملكة، بات من المرجَّح أن بابًا فُتح لكل دول الجوار الخليجي لتحقيق أفلام سينمائية وعرضها على كثافة سكانية خليجية كبيرة. وبالاعتماد على مثل هذه الكثافة السكانية، والنسب المرتفعة المحتملة لعدد المشاهدين، بات من الممكن والمجدي اقتصاديًا إنشاء بنية تحتية، والاستثمار في صناعة الأفلام، وبناء دور العرض، وإقامة المهرجانات ومدن السينما، وجذب الصناعات السينمائية الأخرى إلى الاستديوهات ومراكز الإنتاج في المملكة والخليج.

الورقة الرابحة.. الجمهور السعودي

لم تكن صناعة الأفلام الروائية الخليجية الطويلة منتعشة، ونقصد بها الأفلام التي تُعرض في دور السينما. ولكن من جانب آخر، اعتمدت دور العرض في البحرين لمدة طويلة على الجمهور السعودي. وهذا ما أدى إلى تنشيط الاستثمار في دورالعرض وتطويرها هناك؛ فالجمهور السعودي كان الورقة المهمة الرابحة الوحيدة في تنامي الاستثمار في السينما في دول الخليج.

واليوم، بعد انفتاح المملكة على صناعة السينما، سيكون للاستثمار مكانة كبيرة في هذه الصناعة التي ستجذب كثيرًا من المهتمين من مختلف أرجاء العالم للمشاركة في هذه التجربة.

وأعتقد أن هذا سينعكس مثلًا على وزارات التربية، حيث ستتوفر مقاعد لدراسة السينما بكل عناصرها، وسيفتح المجال أمام كثير من المجالات في البلد، مثل المطاعم ومحلات صناعة الملابس وورش الديكور والفنادق وغيرها، فعند تصوير أي فلم لا بد أن تحتاج فرق العمل لكل هذه المحلات لإنتاج الفلم. هذا بالإضافة إلى شركات الإنتاج التي ستكبر بهذا القرار، وسيكون الانتعاش الأكبر من نصيب المستثمرين في دور العرض الحديثة، كما أن فرص العمل المتوفرة ستكون ضخمة.

إن الحياة ستدب بقوة في السينما الخليجية بشكل عام، بفعل الحراك الحاصل اليوم في السينما السعودية.

 

* بقلم بسام الذوادي
* نُشر في مجلة القافلة عدد مايو/يونيو لعام 2021م
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge