إطلالة

"كأنك العيد والباقون أيام"

"كأنك العيد والباقون أيام"

هل تعرف أحدًا يشبه العيد في تفاصيله وملامحه؟ ذلك الشخص الذي تتسلل من ثناياه بهجة صباح العيد؟ هل في حياتك من تشبه دهشتك برؤيته دهشة العيد الأول الذي يحتضنك؟شخصيًا أرى أن البهجة شيء يستحق القتال من أجله، لذا أحرص كثيرًا على إحاطة نفسي بالأشخاص المبتهجين. ولكن ما هي البهجة؟ وهل هناك تعريف لها؟

البهجة مشروطة بأفكارنا ومعتقداتنا، فالفيلسوف الأغريقي أفلاطون مثلًا ربطها بالارتقاء بالذات، والفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل ربطها بتكوين رابط حميم مع من نحب. أما الفيلسوف الدنماركي سورين كيركيغارد، فربطها بالتوقف عن التفكير في وجودنا كمشكلة والبدء في الإحساس به كخبرة شعورية. 

أما تعريفي الخاص للبهجة الواقعية فهي أن تكون نابعة ومتدفقة من أعماق ذواتنا، ويبدو أنني "موهوبة" في المحافظة على مزاجي السعيد في أغلب الأوقات، وهي مكافأتي لنفسي بعد سنين من البحث عنها، وبعد أن تصالحت مع نفسي ومع العالم من حولي. البهجة..تلك الكلمة التي ما إن تبدأ في تفكيكها حتى تجد أنها تلاشت لتحل محلها كلمة "فرح"، وما إن تمسك بها حتى تتحول إلى كلمة "سرور"، وأخيرًا تتحول إلى ابتسامة طفل في يوم عيد.

في فلسفة أخرى للأعياد، هي محاولة الإنسان لصنع واقع مغاير لرتابة الحياة وديمومتها ثم استئناف الحياة من جديد. لحظات نحتال بها على الوقت. ذلك الشعور الذي تحدثه البدايات الجديدة، التي يحرص عليها الناس عادة، ولربما انشغلوا عنها في غمرة متطلبات الحياة التي لا تنتهي. فالأعياد إما مناسبة دينية أو تاريخية أو تربوية وتعليمية يتم تكرارها لحاجتهم إليها. لذا من المهم وجود شخص يملأ حياتك صخبًا ويعيد لها حضورها البهيج. وأذكر هنا الشاعر أشجع السلمي حين صدح بقصيدته المشهورة لهارون الرشيد:

لا زلتَ تنشرُ أيامًا وتطويها
تمضي بها لك أيامٌ وتثنيها
مستقبلًا بهجة الدنيا ولذتها
أيامها لك نظمٌ في لياليها
العيدُ والعيدُ والأيامُ بينهما
موصولةٌ بك لا تفنى وتفنيها

ولموظفي أرامكو السعودية تحديدًا، الذين ارتسمت عنهم في الأذهان صورة ذهنية تغلب عليها الجدية التي تكاد أن تكون مفرطة، أقول:

  • حافظوا على أرواحكم مبتهجة، فصفقة نهاية الخدمة قد تكون مغرية لكنها لن تكفي لعلاجكم من الأمراض التي تخلفها الرتابة.
  • تمرنوا على "ألا تفعلوا شيئًا"، فالاستمتاع بتضييع الوقت من حين لآخر يفتح شهيتك للعمل والإنجاز.
  • لا تغضبوا! فالأشخاص الغاضبون مملون وينفرون الآخرين منهم.
  • تذكروا أن القوة الناعمة أجدى من "الحرب الغاشمة".
  • توقفوا عن التظاهر، وكونوا عفويين، فلستم بحاجة للتصنع لتكونوا مرغوبين ومحبوبين.
  • لا تأخذوا أي شيء على محمل الجد! حتى هذا المقال.
  • هناك دائمًا وقت للحب حتى مع هبوط أسعار النفط.

دامت بهجتكم، وكل عيد وأنتم موظفو أكبر شركة نفط وغاز في العالم!

 

رائدة السبع: كاتبة سعودية.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge