27 مارس هو الموعد الذي يترقبه المسرحيون حول العالم في كل عام، فهو موعد اليوم العالمي للمسرح الذي أطلقه المعهد الدولي للمسرح في العام 1961م، وقد درج المعهد كل عام على اختيار أحد مسرحيي العالم ليكتب رسالة يوم المسرح العالمي ليقرأها المسرحيون في احتفالياتهم. وكان المسرحي الفرنسي جان كوكتو هو أول من كتب الرسالة في العام 1962م. وهناك رسائل ظلت في الذاكرة وصار المسرحيون يرددون بعض كلماتها. فما زال المسرحيون يرددون عبارة "إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ"، من رسالة المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس، الذي كتبها في 1996م. فكلُّ مسرحي عربي يتذكر هذه العبارة ليؤكد دائمًا على وجود الأمل.
عددٌ من المسرحيين العرب اختيروا لكتابة رسالة يوم المسرح العالمي، فمنهم الكاتبة المصرية فتحية العسال والشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة بوصفه كاتبًا مسرحيًا، واللبنانية مايا زبيب. وكلمة الشيخ سلطان ظلت أيضًا حاضرة في ذاكرة المسرحيين، حيث يختم رسالته بقوله: "نحن كبشر زائلون، ويبقى المسرح ما بقيت الحياة"، هذه الكلمة التي تخلد فن المسرح وتهب محبي المسرح أملًا ببقائه.
ينتظر المسرحيون هذه المناسبة كل عام ليحتفوا بالمسرح، وليطلقوا مشاريعهم، ويكرموا مبدعيهم ويقدموا عروضهم المسرحية ويكرسوا علاقتهم بالجمهور.
المسرحيون السعوديون بدأوا منذ أكثر من عشرين عامًا في تنظيم احتفاليات بمناسبة اليوم العالمي للمسرح؛ تلك الاحتفاليات التي ينظمونها بحرفية وكأنها فسحة لهم ليحركوا ساكن الحركة المسرحية، فينفذون ويقدمون عروضًا مسرحية بمناسبة الاحتفالية، ليشاهد الجمهور ما وصل له المسرح السعودي.
في العام 2002م، كنتُ أحد المكرمين في احتفالية اليوم العالمي للمسرح في جمعية الثقافة والفنون بالدمام لحصولي على جائزة أفضل نص مسرحي في جائزة الشارقة للابداع، ومنها انطلقتْ علاقتي بالمسرح في المنطقة وعلاقتي بالجمعية. والمناسبة نفسها كانت الموعد الذي أطلقنا فيه بيت المسرح قبل سنوات في الدمام، فقرأنا كلمة يوم المسرح وكرّمنا المبدعين.
وفي هذه الأيام التي تخيم فيها ظلال كورونا على كل أبعاد الحياة، لم يُغفِل المسرحيون الاحتفاء بيوم المسرح العالمي، وذلك عبر التطبيقات التي أتاحت اللقاءات الافتراضية، مثل الزووم أو الكلوب هاوس، الذي احتفى فيه المسرحيون بيوم المسرح وقرأوا رسالة هذا العام وناقشوا قضاياهم.
هذه الروح عند المسرحيين السعوديين هي التي يمكن أن يُعوّل عليها في بقاء المسرح، جنبًا إلى جنب جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، في وضع المسرح ضمن اهتماماتها، حيث أنه أحد قطاعات وزارة الثقافة التي أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية، والمسرح الوطني، إذ تعمل هاتان الجهتان جاهدتين لتكريس هذا الفن المهم عبر مشاريع مسرحية، من بينها مسابقة للتأليف المسرحي وعروض مسرحية منتظرة ومهرجانات وورش للعاملين في المسرح.
في العام القادم، أنا على ثقة أن يوم المسرح العالمي سيكون مختلفًا في المملكة، بمشيئة الله. ستتمكن كلٌّ من هيئة المسرح والفنون الأدائية، والمسرح الوطني من تنفيذ مشاريعهما التي ستقبل عليها الجماهير المتعطشة للمسرح، ليكون للمسرح حضوره وللمسرحيين أيامهم التي تمتد على طول أيام السنة.
عباس الحايك، كاتب مسرحي سعودي.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.