الطائف...

مدينة الورود التي لا تغيب عنها البهجة

مدينة الورود التي لا تغيب عنها البهجة

تترك هذه المدينة بجبالها الخضراء وسوقها القديمة المزدحمة التي تواري خلفها عددًا من المباني الأثرية الضاربة في عمق التاريخ انطباعًا مفعمًا بالألوان لدى زائريها.  

تقع مدينة الطائف على بعد 780 كيلومترًا غرب الرياض وترتفع 1,800 مترًا عن مستوى سطح البحر، وتتميز بمناخ معتدل ومثالي.

ومن الأماكن الممتازة ليبدأ بها الزوار رحلتهم في قلب المدينة: البلدة القديمة وسوق البلد الذي يقع وسطه جامع ضخم (مسجد عبدالله بن عباس) الذي يعود تاريخه إلى فجر أيام الإسلام. 

أثناء تجوالك في هذه المدينة التراثية ستبهرك المتاجر والمطاعم القديمة والساحرة التي تنبض بطابع السوق الشعبية والمباني العتيقة بهندستها المعمارية اللافتة والمختبئة بين البنايات الحديثة.  وتشمل المأكولات المحلية طبق السليق الشهير، المكون من أرز أبيض مطبوخ مع مجموعة متنوعة من البهارات والزبدة والحليب وفوقه اللحم.

تاريخ غني 

ليس الطعام وحده ما يميز مدينة الطائف، إذ تتسم المدينة بتاريخ زاخر. كقصر شبرا، الواقع على بعد 4 كيلومترات شمال غرب البلدة القديمة، وهو مبنى يتكون من أربعة طوابق بُني عام 1905م، ويمثل أعجوبة معمارية مُشيدة من الرخام الأبيض وغيره من المواد الفاخرة. كما أصبح، بعد توحيد المملكة، مقرًا للملك عبد العزيز خلال إقامته في الطائف أثناء فصل الصيف. وقد حولت السلطات المبنى إلى متحف، ويحوي اليوم قطعًا أثرية من المنطقة.

ومن المباني التاريخية أيضًا -والتي لم تُرمم- بيت الكاتب الواقع على بعد 10 دقائق فقط سيرًا على الأقدام من البلدة القديمة. وقد شُيد هذا المبنى عام 1898م على طراز العمارة الإسلامية والرومانية القديمة، ويتميز بتصميمه المحلي بجدران ملونة وزخارف دقيقة وحديقة غناء. وتصطف شماله المزيد من المباني الأثرية.

ستلحظ عند زيارتك للمقاهي العصرية الجديدة التي ظهرت في المدينة، التوظيف الخلاق للألوان المفعمة بالحياة في الديكورات الداخلية، وربما أذهلك التشابه مع الأساليب المعمارية المستخدمة في تلك المباني العتيقة. وقد ذكرت مجلة "أرامكو وورلد" عام 1967م بأن مدينة الطائف تتسم، على خلاف العديد من المراكز الحضرية في المملكة، بالمباني متعددة الألوان إذ قد تجد مباني مطلية باللون الأصفر واللون البني المُصفر والأخضر الفاتح والأبيض.  

ويشهد هذا التراث المعماري الغني على الأهمية التاريخية لمدينة الطائف، فهي تمثل حلقة وصل استراتيجية بين وسط الجزيرة العربية والساحل الغربي، كما كانت في وقت سابق بسبب تربتها الخصبة مركزًا زراعيًا مهمًا يوفر الغذاء لمنطقة مكة المكرمة.  وحتى اليوم لا يزال بإمكان الزوار رؤية بعض قطع الأراضي الزراعية الخضراء تطل من خلال الزحف العمراني في هذه المدينة المزدهرة التي يزيد عدد سكانها عن 800,000 نسمة.

تنزه في الجبال الباردة

ولعشاق الأماكن المفتوحة، توجد مسارات تنزه في سلاسل الشفا والهدا الجبلية التي تبعد تقريبًا 20 كيلومترًا غرب مركز مدينة الطائف. والطرق المؤدية لتلك الأماكن معبدة جيدًا إلا أنها شديدة الانحدار. وسيبتهج فيها الزوار بالمناظر الخضراء والجو البارد حتى في فصل الصيف حيث ترتفع هذه السلاسل الجبلية 2,500 متر عن مستوى سطح البحر. 

تتميز مدينة ومنتجع الهدا بعدد من الفنادق ومرافق الترفيه والمطاعم إضافة إلى عدد من الدروب التاريخية التي كان يسلكها الحجاج في طريقهم إلى مكة. أما الشفا فتتميز بسحر القرية الجبلية وجبل دكا، أعلى جبل في المنطقة، الذي يستحق الزيارة كذلك. 

ويشتهر هذان المكانان بزراعة الورود. ووفقًا لموقع "Visit Saudi Arabia"، هناك 900 مزارع في الطائف يحصدون 300 مليون زهرة كل موسم من مواسم الربيع.

السوق الشهيرة قبل الإسلام  

أما الراغبون في خوض تجربة مباشرة بأنفسهم لتاريخ الطائف، فعليهم زيارة سوق عكاظ المعاد إحياؤها، وهي السوق الموسمية التي كانت تجذب التجار من كافة أنحاء الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام. لم تكن سوق عكاظ في الأزمنة السابقة مجرد فرصة لتبادل السلع، فقد كانت تستضيف أيضًا أنشطة ثقافية مثل إلقاء الأشعار. ويعتقد البعض أن هذه السوق التاريخية لعبت دورًا مهمًا في تطوير النحو العربي ووضع أسسه.

يبذل منظمو هذا الحدث السنوي قصارى جهدهم لخلق تجارب غامرة كجلب ممثلين يؤدون أدوار شخصيات تاريخية تتفاعل مع الزوار. ويواكب هذا الاحتفال السنوي الذي بدأ قبل ثلاثة عشر عامًا، عدد من الأنشطة المصاحبة منها المسرحيات والمحاضرات والشعر ورحلات على الأقدام بصحبة دليل سياحي. وفي عام 2019م، أصبحت سوق عكاظ جزءًا من موسم الطائف الذي أصبح يضم الآن عددًا من الأنشطة في كافة أرجاء المدينة.

زراعة الورود تزدهر مرة أخرى 

في عام 1997م، استوردت مجموعة من رواد الأعمال في الهدا، وهي سلسلة جبلية غرب الطائف، أحدث معدات التقطير من جنوب فرنسا لتحسين استخراج مياه الورد من مزارع الزهور الخاصة بهم، وفقًا لما نشرته مجلة أرامكو وورلد عن هذا الشأن في ذلك العام.

وتجددت هذه الانطلاقة مع إطلاق رؤية المملكة 2030 وتنشيط قطاعي السياحة والتصنيع. حيث بادر بعض مزارعي الورد بتقديم خبراتهم في زراعة الورد حيث يمكن للسائحين الذهاب إلى الحقول أو صالات العرض للتعرف على كيفية زراعة زهوره وطرق إنتاج مركزاته وماءه. إلا أن زهور الورد لا تقطف إلا أثناء الموسم الذي يمتد من أوائل مارس حتى نهاية أبريل.

بالإضافة إلى ذلك، توسع بعض مزارعي الهدا فأنتجوا أنواعًا غالية الثمن من المنتجات المعطرة برائحة الورد مثل العطور والمطهرات ومرطبات البشرة. ويستفيد رواد الأعمال هؤلاء من الزيادة في الطلب الناتج عن ازدياد أعداد الزوار الذين يزور بعضهم مكة المكرمة ويقومون برحلة يومية إلى الهدا. وتعود زراعة زهور الورد في الطائف إلى القرن الرابع عشر وهاهي تزدهر اليوم برؤية المملكة 2030.

تتميز الطائف بمناخ معتدل ومثالي للزوار حيث تقع على ارتفاع 1800 فوق مستوى سطح البحر. وتترك هذه المدينة لدى زائريها انطباعًا مفعمًا بالألوان من جبالها الخضراء إلى سوقها القديم المزدحم الذي يلقي بظلاله على مبانيها الأثرية وتاريخها الغني.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge