ترخيص تقنية أرامكو السعودية لاستخلاص الكربون من وسائل النقل للتسويق التجاري

ترخيص تقنية أرامكو السعودية لاستخلاص الكربون من وسائل النقل للتسويق التجاري

كُلِّف عالم الأبحاث في أرامكو السعودية، د. عصام حمد، بمهمة بحثية مثيرة للاهتمام قبل اثني عشر عامًا، وهي تصميم نظام لاستخلاص الانبعاثات الكربونية من أنابيب عوادم المركبات. ونظرًا لمعرفته بأنظمة احتجاز ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين في المنشآت الصناعية.

كان لدى د. عصام بعض الأفكار حول كيفية تقليص حجم هذه الأنظمة، بحيث يمكن تركيبها في شاحنة صغيرة من نوع (بيك أب). وقال: "إن بيت القصيد في ذلك هو كيف يمكننا الربط بين نظام مزود بمحرك يستخدم الوقود بكفاءة، ونظام يحتجز الكربون من أنبوب العادم، وتصغير حجم نظام الاحتجاز بحيث يمكن تركيبه داخل المركبة."  

في قلب ديترويت، عاصمة صناعة السيارات في العالم، وفيما أصبح بعد ذلك مركز أبحاث أرامكو السعودية التابع للشركة؛ عمل د. عصام مع فريق من الباحثين والفنيين وشركة مصنعة خارجية على إنشاء نموذج أولي، وأحضروه إلى الظهران لعرضه على الإدارة العليا للشركة في عام 2011، وولد حينها مشروع أرامكو السعودية لاستخلاص الكربون من وسائل النقل. 

براءات اختراع تغير قواعد اللعبة

وعلى مدى العقد الماضي، طور فريق قسم بحث وتطوير تقنيات وسائل النقل، نماذج أولية لسيارات الركاب (الصالون)، وسيارات البيك أب، وشاحنات النقل بين المدن، وأجرى عليها اختبارات على الطرق، وحصل على أكثر من اثنتي عشرة براءة اختراع. ولهذه النماذج القدرة على التقاط ما يصل إلى 40٪ من الانبعاثات الكربونية في السيارة. والآن، يعمل د. عصام وفريقه على مواءمة نظامهم مع أكبر وسائل النقل في العالم، وهي سفن الشحن، في محاولة للحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في قطاع الشحن. 

وقال كبير التقنيين في قسم تقنيات النقل في مركز البحوث والتطوير في الظهران، عامر العامر: "إن قطاع النقل مسؤول عن ما يقرب من ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ على مستوى العالم، وهدفنا هو تمكين حلول تقنية ميسورة التكلفة ومستدامة وموثوقة لهذا القطاع. 

ويمثل التخفيف من الانبعاثات الناتجة من قطاع الشحن البحري تحديًا خاصًا بسبب عمليات الشحن التي تستهلك الطاقة بكثافة، والتي غالبًا ما تستغرق أيضًا عدة أيام من التواجد في البحر."
ويسعى الحل التقني المبتكر من أرامكو السعودية إلى التقليل من الانبعاثات الكربونية من خلال اتباع نهج ذي شقين. أولًا: تغيير إعدادات المركبات والمحركات لتحسين كفاءة الوقود، باستخدام تقنيات مثل الاشتعال بضغط البنزين أو تقنية الاشتعال الموزع، إذ كلما قل استهلاك الوقود، قل انبعاث الكربون. وثانيًا: تزويد المركبات بعد ذلك بأنظمة تلتقط الكربون من أنابيب العادم وتخزنه في خزانات لتفريغها لاحقًا. 

كيف يعمل النظام

إن طريقة عمل نظام أرامكو السعودية لاستخلاص الكربون من وسائل النقل تشبه الرئة البشرية، فعندما تتنفس الرئتان الهواء، يذوب الأكسجين بحالته الغازية عند تلامسه مع الهيموجلوبين السائل في مجرى الدم، والمعروف بانجذابه للأكسجين. وبالمثل، تتضمن عملية استخلاص الكربون من وسائل النقل تمرير انبعاثات عادم المركبة على نظام من الألياف المجوفة المبللة بمادة كيميائية سائلة تستطيع استخلاص ثاني أكسيد الكربون. ثم يُطلق ثاني أكسيد الكربون هذا عن طريق التسخين، حيث يُضغط ويُخزن في خزانات بالمركبة، بغرض تفريغه أثناء توقفها لإعادة التزود بالوقود. 
ولعل أكثر ما يميز نظام أرامكو السعودية لاستخلاص الكربون من وسائل النقل هو أنه يعمل بالحرارة التي ينتجها المحرك أثناء الاحتراق، ولا يتطلب أي مصدر طاقة خارجي. 

 

التجربة والخطأ حتى النجاح

وفي عام 2011، جرى تركيب نموذج أولي في شاحنة بيك أب من طراز فورد "F-250"، ونجح الفريق لأول مرة في إظهار جدوى احتجاز ثاني أكسيد الكربون داخل مركبة. ولكن هذا النظام الماص الصلب كان يستطيع التقاط 10٪ فقط من ثاني أكسيد الكربون، وأعقب هذا النجاح تطوير نظام احتجاز محسن وتركيبه في سيارة سيدان كامري من تويوتا، وأظهرت انخفاضًا يصل إلى 25٪ في انبعاث ثاني أكسيد الكربون من أنبوب العادم، مقارنة بسيارة تويوتا كامري القياسية. وفي عام 2022، دُمج نموذج أولي لنظام استخلاص الكربون من وسائل النقل في شاحنة نقل بين المدن، من طراز فولفو "في إن إل"، بمحرك سعته 13 لترًا، وجرى اختباره عليها، والتقط النظام ما يصل إلى 42٪ من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من أنبوب العادم. 

وتُجري أرامكو السعودية حاليًا مباحثات مع واحد من أكبر موردي أنظمة عوادم السيارات لتحسين موثوقية النظام وقدرته التنافسية. كما تستطلع الشركة فرص التعاون مع إحدى الشركات العالمية المصنعة للعربات الصحراوية رباعية الدفع بهدف تركيب نظام استخلاص انبعاثات الكربون من وسائل النقل في مركباتها. وبالإضافة إلى ذلك، واستنادًا على العمل الذي قامت به أرامكو السعودية في تركيب النظام في مركبات الطرق المُعبَّدة؛ فإنها تستكشف أيضًا إمكانية تطبيق النظام على السفن، وإذا ثبت نجاحه في القطاع البحري، يمكن تركيب تقنية أرامكو السعودية لاستخلاص انبعاثات الكربون من وسائل النقل في الأسطول الحالي أو في سفن جديدة. 
وفي هذا الصدد، قال د. عصام حمد: "سنستخدم التقنية التي أثبتت نجاحها في مركبات الطرق المعبدة لمعرفة ما إذا كان يمكن دمجها في نظام لاستخلاص انبعاثات الكربون من السفن البحرية، سعيًا منا لإحداث فرق كبير."
منحت أرامكو السعودية، من خلال "شركة أرامكو السعودية للتقنية" التابعة لها، رخصة استخدام تقنية "استخلاص انبعاثات الكربون من وسائل النقل " لشركة دافني للتقنية في عام 2022 لاحتجاز انبعاثات الكربون في السفن البحرية.  

وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية للتقنية، الأستاذ عبد الله الضويحي: "دافني للتقنية هي شركة أوروبية ناشئة سريعة النمو، ولديها تقنياتها الخاصة لإزالة الملوثات في غاز العادم، وتقنيتنا تكمل مجموعة تقنياتها. ونحن متحمسون لاتفاقية الترخيص هذه ونتطلع بفارغ الصبر إلى نجاح عرض وتسويق نظام استخلاص الكربون من وسائل النقل الخاص بالشركة في القطاع البحري. "

شرح الصورة أعلى الصفحة: فريق استخلاص الانبعاثات الكربونية، ومقرهم ديترويت، في صورة جماعية. حيث يظهرون على التوالي (من اليسار إلى اليمين) الإكسندر فويس، وكارل كيبل، وبرايان كلارك، وعصام حمد، (وفي الأمام) شانيل سيتو، يصممون نظامًا لاستخلاص الانبعاثات الكربونية من أنابيب عوادم المركبات.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge