بالرغم من عمره الزمني القصير، نجح برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في السعودية «اكتفاء» في رفع توطين المحتوى المحلي من ٣٥٪ في العام ٢٠١٥م عند إطلاق البرنامج، إلى ٦٣٪ بنهاية العام ٢٠٢٣م، وهي قفزة مهمة تجعله أكثر قربًا لتحقيق هدف التوطين في قطاع الطاقة بحلول عام 2030م.
ويعد تعزيز كفاءة وقيمة سلسلة الإمداد وتطوير قطاع طاقة يتميز بالتنوع والاستدامة والتنافسية العالمية، وتحقيق الأمن الإستراتيجي من خلال إنشاء منظومة صناعية متكاملة لرفد قطاع الطاقة من أهم أهداف البرنامج.
وأثبت برنامج اكتفاء قدرته على التوطين، وتعزيز المحتوى المحلي، وإرساء قاعدة مهمة للمنظومة الصناعية التي تشهد تحولًا كبيرًا في جانبي الصناعات الحديثة، والبنى التشريعية الداعمة للاستثمار الصناعي، إضافة إلى قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وعقد الشراكات العالمية القادرة على نقل التقنية وتوطينها. وما زلت أعتقد أن برنامج اكتفاء هو الأكثر جودة وتكاملًا وتحقيقًا لأهداف التوطين، وأحسب أن السنوات القادمة ربما تشهد تطورًا نوعيًا في مجالي الابتكار والتطوير، الأكثر أهمية لتطوير الصناعة وتنويع مصادر الاقتصاد.
كما أن الاحتضان، والبنية التشريعية والتنظيمية، وتقديم المشورة والدعم المحلي والدولي والتوجيه للمنشآت المنخرطة فيه من مقومات نجاح البرنامج، إضافة إلى تعزيز الجوانب المعرفية ومد جسور التواصل بين المصنعين ومقدّمي الخدمات ذات العلاقة بقطاع الطاقة من خلال «منتدى ومعرض اكتفاء» الذي يُعد بمثابة الملتقى الرئيس لأرامكو السعودية مع مورديها؛ والمنصة الأهم لاستكشاف الفرص الاستثمارية وتحقيق التواصل الأمثل بين الموردين والمستثمرين والباحثين عن الفرص.
تحول المنتدى إلى منصة عالمية تجمع المصنعين والمستثمرين وخبراء الصناعة والمسؤولين عن قطاع الطاقة، وجسرٍ تتدفق من خلاله المعرفة، والاستثمارات، وتُعقد من خلاله الشراكات العالمية، إضافة إلى استكشاف مستقبل الطاقة وتحولاتها ومعالجة تحدياتها.
كما أن للمنتدى انعكاسات إيجابية مهمة على الاقتصاد الوطني، في جوانب مختلفة ومنها تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز النمو، ورفع تنافسية السوق، ودعم فرص نجاح برامج التوطين الأخرى، فالعدوى الإيجابية ونشر ثقافة الإنتاج والتصنيع سيمتد أثرها لقطاع الصناعة عمومًا، وليس الطاقة فحسب، وبما يزيد من خلق الفرص الاستثمارية، والوظائف.
ويعد توقيع 100 اتفاقية ومذكرة تفاهم على هامش النسخة السابعة لمنتدى اكتفاء وبقيمة 27 مليار ريال من المكاسب المتحققة، والداعمة للتدفقات الاستثمارية على قطاع الطاقة، والتي ستسهم في تطوير المنظومة الصناعية، وخلق فرص استثمارية موازية، ووظائف نوعية للمواطنين والمواطنات. وتحقيق الاستدامة من أهم النتائج المتوقعة لضخ تلك الاستثمارات المالية في مشروعات تسهم في تلبية الطلب المحلي والحد من الاستيراد، وربما تعزيز حجم الصادرات السعودية مستقبلًا.
كان التحوّل الرقمي أحد الفرص الاستثمارية في النسخة السابقة من المنتدى، ومن اللافت في «اكتفاء 2023» إعلان رئيس أرامكو السعودية، وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين الناصر، عن إطلاق شركة أرامكو الرقمية، كمبادرة جديدة في التحول الرقمي للشركة، وباستثمارات تصل إلى 1.9 مليار دولار أمريكي خلال السنوات الثلاث القادمة، وهذا استثمار مهم للشركة، وللتحول الرقمي، على المستوى الوطني.
الشراكة بين أرامكو السعودية والقطاع الخاص، هي محور برنامج اكتفاء وقاعدة التحول الصناعي وتوطين الصناعة والخدمات وتوليد الفرص الوظيفية والاستثمارية، في الوقت الذي يشكل فيه منتدى اكتفاء منصة عالمية لقطاع الطاقة، وجسرًا لتدفق المعرفة، والاستثمارات، وعقد الشراكات العالمية.
فضل سعد البوعين، كاتب ومحلل اقتصادي سعودي.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.