إطلالة

هاشتاق «بوك توك»

هاشتاق «بوك توك»

هل هناك فارق بين القراءة الورقية والرقمية؟ أليست القراءة هي القراءة والحروف هي الحروف؟ وهل وعي القارئ على صفحات الورق المطبوعة مختلف عن قارئ الشاشات الصغيرة على الهواتف المحمولة؟ لماذا هذه القصة النمطية الكلاسيكية التي تخرج علينا مرارًا وتكرارًا كلما تحدثنا عن قراءة كتاب؟

عادة ما يتغنى عشاق قراءة الكتب الورقية، من الجيل الأكبر سنًّا في الأغلب، بالرائحة التي تنبعث من صفحات الكتب؛ تلك الرائحة المميزة التي لا تكتمل إلا مع رائحة القهوة الصباحية المصحوبة بصوت فيروز. وهي متعة لا يعرفها من يفضلون القراءة الإلكترونية من وراء الشاشات المحمولة.

وفي المقابل يقول الشباب لهؤلاء: ما زلتم نمطيين تتغنون على أطلال الماضي.. نحن نقرأ، ولا يهمنا كيف نقرأ أكان ذلك من كتاب ورقي أم رقمي. نقرأ ونخرج على المنصات الإلكترونية نتشارك فيها كتبنا المفضلة. أما سمعتم عن منصة «بوك توك» الجديدة؟ إنها منصة إلكترونية مثل «تيك توك». وقد أسهمت بقوة في مجالي الأدب والثقافة، وأثرت على أرقام مبيعات الكتب؛ إذ يقوم عدد من مستخدمي موقع «تيك توك» بتصوير مقاطع فيديو إبداعية قصيرة، معظمها لا يتجاوز مدة ٦٠ ثانية. ويقدم المستخدمون من خلال مقاطع الفيديو القصيرة هذه، ملخصًا لما قرؤوه في الشهر الماضي، ويناقشون الروايات والكتب من خلال الهاشتاق ويشاركون كذلك في التحديات، مثل تحدي قراءة كتاب خلال يوم واحد فقط.

في الحقيقة هي منصة رائعة، وإن كانت لا تغني عن القراءة العميقة والرصينة للكتاب. لكنه يُعدُّ تطورًا لافتًا. وهنا أذكر دراستين: الأولى أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد بينت أن الذين يقرؤون الكتب للمتعة سواء الورقية أم الرقمية هم الأكثر ارتيادًا للمتاحف والحفلات الموسيقية.

كما أن نسبة تطوع هؤلاء للعمل من دون مقابل في مختلف المجالات الإنسانية أكثر بثلاثة أضعاف من الذين لا يقرؤون. كما تبلغ نسبة مرتادي المباريات الرياضية، من قراء الكتب، ضعف غيرهم. وكل هذا يعني أن قراء الكتاب أيًّا كانوا ورقيين أم رقميين هم أكثر نشاطًا من غيرهم.

أما الدراسة الثانية فقد أجراها المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام، التابع لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حول سلوكيات القراءة لدى السعوديين، وشارك في المسح ١٠٣٦ من المواطنين، مثلت نسبة الذكور منهم ٦٤٪، ونسبة الإناث ٣٦٪، حيث أشارت الدراسة إلى أن ٤٢٪ من العينة يرون أن أنسب وسائل القراءة تكون من خلال الكتاب المطبوع، في حين رأى ٢٨٪ أن قراءة الكتاب الإلكتروني هي الأنسب.

وعن أكثر وسائل القراءة المشاعة يعتقد ٥٥٪ من العينة، أن القراءة من الجوال هي الأكثر استخدامًا، بينما أكد ٣٠٪ أن القراءة الورقية، هي أكثر وسيلة مستخدمة لهذا الغرض.

من خلال نتائج هذا الاستطلاع ومؤشراته، نستشف بأن الكفة لا تميل لصالح الكتاب الرقمي أو الكتاب الورقي، فلكل نوع من الكتب عشاقه ومريدوه، والمهم في الأمر كله هو أن نقرأ بأي صيغة وشكل كان ذلك.

علي الشريمي، كاتب سعودي.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.
 
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge