إضـــاءة

ساعة مع تويتر!

ساعة مع تويتر!

خلال انتظار دوري لقضاء إحدى المعاملات الحكومية، أمضيت وقتي مع هاتفي، أقرأ بعض الرسائل البريدية ورسائل الواتساب، إلى أن دخلت لمنصة تويتر، وأمضيت فيها قرابة الساعة، أتابع التغريدات والتعليقات وأشاهد مقاطع الفيديو والترندات، فأبتسم تارة، وأفتح عينيّ عن آخرهما مرات، وأقسم أنه لو كانت هناك كاميرا ترصد ردات فعلي لأوحت بضرورة إيداعي إحدى المصحات النفسية!

خلال ساعة واحدة، عرفت كيف أصبح مليونيرًا في خمس خطوات فقط، شردت بذهني قليلًا ووجدتني على طريق الثراء السريع، متجاوزًا كل إشارات الجهد والعرق والتعب في العمل، منتشيًا بالحلم، ولما لا إن كان الأمر بهذه البساطة، خمس خطوات وتبقى مليونير.. يا بلاش!

خلال تصفحي لتويتر، توقفت أمام بعض المقولات والكليشيهات، التي أراها أشبه بالمخدر الموضعي ومسكنات الألم، وبعض آلامنا يلزمها تخدير ولو لبعض الوقت، طالما كان «متقلب الود لا يؤتمن» و«الرجل الحنون رزق» وفي حسابات أخرى «المدير الحنون رزق» و«كلّ مر سيمر»، و«كل ساقي سيسقى بما سقى» و«المال لا يجلب السعادة».

لم تسمح لي آلام ظهري بالتفكير في إجابة عن السؤال الخالد: ماذا لو عاد معتذرًا؟، وسبحان الله كأن تويتر يشعر بما أنا فيه؛ فقد عرفني على مشروب سحري يخلصني من آلام أسفل الظهر، ويقضي على الضغط والسكري والكوليسترول، وربما لو صبرنا أكثر على صاحب التغريدة، لأدركنا قدرة المشروب على جلب الحبيب وتزويج البنات ورد المطلقات!

أبشرك عزيزي القارئ، في تويتر أسرع طريقة للحصول على أسنان ناصعة البياض بابتسامة هوليودية بأقل تكلفة، وأفضل وصفة للنحافة وخسارة الوزن، وأفضل القنوات والبودكاستات، وأقوى المنصات التي تجعل طفلك «بلبل بالإنجليزية»، وأقوى العطور والملابس وعروض تذاكر الطيران، وأفضل موقع يترجم بحثك ومقالك، ترجمة دقيقة تغنيك عن ركاكة غوغل، وقل للترجمة والمترجمين المحترفين وداعًا.

ومن مجرد الترجمة إلى موقع لإعداد البحوث والدراسات الجاهزة سريعة التحضير، ومشاريع التخرج لمختلف التخصصات، ولا يفوت المغردون فرصة لتقديم خدمات دينية فاخرة، أدعية بعينها لو رددتها لتغير مجرى حياتك بشكل غير طبيعي وستلاحظون الفرق قبل نهاية الأسبوع!

رق قلبي وأنا أتابع تغريدات احتشد أصحابها لسداد فاتورة كهرباء عن أسرة قيل إنها متعثرة، وجمع مبلغ دية لفلان، وكلفة علاج لطفل يتيم، هممت بالمشاركة في وصلة التكافل الإلكترونية، فصدمتني عبارات طلب المساعدة ذاتها بأخطائها وبأرقام الهواتف نفسها في تغريدات أخرى متكررة، تبرهن على أن هذه الحسابات لمتسولين محترفين!

تابعت ثريد عن أفضل عشر كتب غيرت حياة أحدهم، ولم تحرمني مغردة أخرى من ثريد حول احتساء القهوة، وكيف إنك إذا احتسيتها في هذا المكان بالذات، وتلك الساعة تحديدًا، لصرت حاجة من اثنتين: إما مثقفًا عميقًا، أو رومانسيًا حالمًا.

اقترب دوري في المصلحة الحكومية، فختمت جولتي بمتابعة بعض أبيات الشعر، وأمور الشأن العام، والشأن السياسي الإقليمي والعالمي، ثم أنهيت معاملتي، وعدت لمنزلي تصاحبني آلام الظهر. لم أبتئس هذه المرة فقد تذكرت ثريد عن مستشفى لعلاج آلام الظهر، كنت قد وضعته في المفضلة، تابعت الثريد وتعليقات المتابعين، وصدمتني موجة الاستياء والغضب والهجوم من متابعين سافروا بالفعل، فوجدوا المستشفى أسوأ من حظيرة مواشي!

بالتأكيد تويتر ليس كلّه أكاذيب ومبالغات وترويج زائف، هناك مواقع وحسابات مفيدة في كلّ المجالات، المهم الوعي أمام حلم الثراء السريع بخمس خطوات.

 

يرحب أرامكو لايف بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها. cw@exchange.aramco.com.sa
 
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge