إدارة إنتاج الغاز في منطقة الأعمال الشمالية توقف الحرق الروتيني للغاز في الشعلات..

خطوات عملاقة في مجال الغاز من أجل المحافظة على البيئة

خطوات عملاقة في مجال الغاز من أجل المحافظة على البيئة

نجحت أرامكو السعودية في وقف الحرق الروتيني للغاز في الشعلات، المصاحب لإنتاج ضخم من الغاز الطبيعي عالي الضغط يبلغ حجمه 5.1 مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم، تجود بها ثلاثة مكامن للغاز غير المصاحب في شمال المملكة.

وحتى أواخر العام الماضي، كانت أعمال الإنتاج تتطلَّب حرق نحو 210 ملايين قدم مكعبة قياسية من الغاز المُستخلَص كل عام من حقلي الحصباة والعربية البحريَين وحقل الخرسانية البري، وذلك بهدف السيطرة الآمنة على الارتفاع الكبير في الضغط؛ وهذه الكمية كافية لإنتاج نحو 22 ألف ميغاواط ساعة من الكهرباء لمدة عام.

قراراتٌ مدروسة

وتُشرف إدارة إنتاج الغاز في منطقة الأعمال الشمالية على الإنتاج من المكامن الثلاثة آنفة الذكر، التي تمتد على مساحة تربو على 20 ألف كيلومتر مربع، في حين يكمن بعضها تحت مياه البحر بعمقٍ يتراوح بين 40 و70 مترًا.

ويوضِّح مدير إدارة إنتاج الغاز في منطقة الأعمال الشمالية، الأستاذ عبدالرحمن القحطاني، أن التحول التدريجي لغاية شهر أكتوبر 2021م من الحرق المستمر للغاز في الشعلات إلى الاقتصار على حرق الغاز أثناء أعمال الصيانة كان قرارًا مدروسًا.

ويقول القحطاني: "يُعد حرق الغاز في الشعلات هدرًا لمورد طبيعي ثمين يمكن استخدامه بصورة نافعة".

ويُشير القحطاني إلى أن هناك أمثلة قليلة يمكن الاحتذاء بها في إجراء التغيير، مضيفًا بقوله: "أنا في غاية الفخر إزاء تمكن موظفينا من إيقاف الحرق الروتيني للغاز في الشعلات بصورة آمنة. لقد عملوا على مواجهة المخاطر وفق منهجية مُحكمة، واستناروا بآراء الخبراء، فأدَّت النتيجة الرائعة التي تحقَّقت إلى الحد من الآثار البيئية لأعمالنا، وأضافت سورًا آخر منيعًا يُسهم في تعزيز الحماية والسلامة، وحافظت على موارد الغاز الثمينة".

خفض الانبعاثات الكربونية

ويمثِّل الضغط الطبيعي الذي يرافق الغاز منحةً وتحديًا في وقت واحد.

وتستخدم أرامكو السعودية هذا الضغط في المقام الأول لاستخراج النفط والغاز من باطن الأرض، كما أنها تستثمر فارق الضغط في أعمال الإنتاج من المكامن.

ومع ذلك، تتطلَّب مكامن النفط والغاز وجود سيطرة متيقظة على الضغط الطبيعي المفرط، الذي قد يشكِّل خطرًا على مرافق الإنتاج ومن يعمل فيها، وعلى البيئة أيضًا.

وهنا تكمن أهمية حرق الغاز في الشعلات، بوصفه أسلوب تحكم آمن يُسهم في ضبط الضغط في المعدات، وإدارة التغيرات التي تطرأ على الضغط؛ ولكنه في الوقت نفسه يتسبَّب في إهدار هذا المورد الثمين، ويؤدي لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ويُسهم وقف الحرق الروتيني للغاز في الشعلات، بما ينجم عنه من هدر للطاقة الثمينة وانبعاث لغازَي ثاني أكسيد الكربون والميثان، في وفاء أرامكو السعودية بالتزامها ضمن مبادرة البنك الدولي الرامية إلى الوقف التام للحرق الروتيني للغاز في الشعلات بحلول عام 2030م.

خفض الانبعاثات الكربونية

ويمثِّل الضغط الطبيعي الذي يرافق الغاز منحةً وتحديًا في وقت واحد. وتستخدم أرامكو السعودية هذا الضغط في المقام الأول لاستخراج النفط والغاز من باطن الأرض، كما أنها تستثمر فارق الضغط في أعمال الإنتاج من المكامن.

ومع ذلك، تتطلَّب مكامن النفط والغاز وجود سيطرة متيقظة على الضغط الطبيعي المفرط، الذي قد يشكِّل خطرًا على مرافق الإنتاج ومن يعمل فيها، وعلى البيئة أيضًا. وهنا تكمن أهمية حرق الغاز في الشعلات، بوصفه أسلوب تحكم آمن يُسهم في ضبط الضغط في المعدات، وإدارة التغيرات التي تطرأ على الضغط؛ ولكنه في الوقت نفسه يتسبَّب في إهدار هذا المورد الثمين، ويؤدي لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ويُسهم وقف الحرق الروتيني للغاز في الشعلات، بما ينجم عنه من هدر للطاقة الثمينة وانبعاث لغازَي ثاني أكسيد الكربون والميثان، في وفاء أرامكو السعودية بالتزامها ضمن مبادرة البنك الدولي الرامية إلى الوقف التام للحرق الروتيني للغاز في الشعلات بحلول عام 2030م.

أنظمة الحماية عالية الكفاءة

ويبلغ إنتاج الغاز من الحقول، التي تُشرف عليها إدارة إنتاج الغاز في منطقة الأعمال الشمالية، مستوى استثنائيًا من الضغط يصل إلى تسعة آلاف رطل لكل بوصة مربعة. ولتحقيق النجاح في إيقاف حرق الغاز في الشعلات في مشعبَي الخرسانية، وكذلك في الشعلات التابعة لمنصات الربط الأربع في الحصباة والعربية، سعى فريق الهندسة إلى البحث عن أفضل التقنيات للتعامل مع مخاطر الضغط الزائد، ليستقرَّ به الأمر على الاستعانة بأنظمة الحماية عالية الكفاءة.

ويوضِّح ناظر أعمال قسم الهندسة بالوكالة، علي الخالدي، أن نظام السلامة الآلي يستخدم صمامات بمقاس تسع بوصات لإغلاق مصدر الضغط في غضون ثانيتين فقط.

يقول الخالدي: "بدلًا من تخفيف الضغط عن طريق حرق الغاز، يقوم نظام الحماية عالي الكفاءة تلقائيًّا بعزل مصدر الضغط مباشرة، ليُحتجَز الغاز بعد ذلك في شبكة الأنابيب فائقة التحمل التابعة لفوهة البئر".

ويُضيف الخالدي: "من الضروري جدًّا بالنسبة لأنظمة الحماية عالية الكفاءة وجود بنية تحتية سليمة للتعامل مع الضغط المحتجَز؛ وأرامكو السعودية تستثمر في بنيتها التحتية عالية الجودة".

وهكذا، بفضل الاستعانة بأنظمة الحماية عالية الكفاءة، يقتصر حرق الغاز في الشعلات في الوقت الراهن على أعمال الصيانة فحسب.

طوقٌ جديد للسلامة

وبينما ينتقل الغاز عبر شبكة الأنابيب من منصات فوهات الآبار إلى منصات الربط، ثمَّ عبر خطوط الأنابيب الرئيسة إلى معامل الغاز، تنطوي أعمال الإنتاج على تحديات تتعلق بالسلامة والتشغيل، وهو ما يتطلَّب حرصًا مستمرًا على المراقبة والتحكم.

وتساعد الرقمنة على التعامل مع مختلف ظروف التشغيل التي لا تتسم بالبساطة أو اليسر، كما أن أنظمة العزل الكامل في الحالات الطارئة لحقول الخرسانية والحصباة والعربية تخضع للتحكُّم عبر غرف مركزية على اليابسة في معملي الغاز في واسط والفاضلي.

ويمرُّ الغاز، عند وصوله إلى فوهة البئر، عبر صمام تنظيم يضبط ضغطه ليتوافق مع ضغط التشغيل المُعتاد، كما يتحكَّم في معدل تدفقه.

ويوضِّح ناظر قسم التشغيل، مرعي القحطاني، أن أنظمة الحماية عالية الكفاءة هي بمثابة الخطوة التالية بعد صمام التنظيم، وأنها قد اُختيرت بعناية للحد من حرق الغاز في الشعلات وانبعاثه في الجو. يقول القحطاني: "تُسهم هذه الأنظمة في حماية البيئة، كما أنها تُضيف طوقًا آخر للسلامة يحمي العاملين".

حرق الغاز أثناء الصيانة الدورية

وتتمتع أرامكو السعودية بسمعة طيبة بوصفها موردًا موثوقًا لإمدادات الطاقة إلى العالم، حيث حققت مستوى عاليًا من الموثوقية بلغ 99.9% خلال العام 2021م؛ وتمثِّل الصيانة فرس الرهان في السباق نحو المحافظة على هذا المستوى من الموثوقية.

وتمتلك الحقول البحرية التابعة لإدارة إنتاج الغاز في منطقة الأعمال الشمالية سُفنًا عائمة مجهَّزة بمرافق سكنية، وتخدمها طائرات عمودية من تناقيب أو رأس تنورة، وأسطول من قوارب الخدمة يتضمَّن 15 قاربًا.

وتحرص مساعي التخطيط الدقيق والتنسيق المكثف بين الفرق على إجراء الصيانة المنتظمة للمعدات، سواء أكانت تحت سطح الأرض أم فوقه، أم مغمورة في مياه البحر في الحقول البحرية. ولأسباب تتعلق بالسلامة، يستلزم الأمر اللجوء إلى حرق الغاز في الشعلات أثناء أعمال الصيانة الدورية.

يقول مرعي القحطاني: "عندما يُوقَف نظام الحرق المستمر، تستلزم المحافظة على السلامة الحد الأدنى من الحرق أثناء أعمال الصيانة، كما هو الحال خلال أعمال تنظيف خطوط الأنابيب".

ويضيف قائلًا: "يُعدُّ الانتقال إلى أسلوب الحرق أثناء أعمال الصيانة حلًا يُسهم في تفادي تلويث الهواء، كما أنه يوفِّر فرصة لإيجاد نظام طاقة بإنتاجية أعلى؛ وعلى سبيل المثال، أسهم هذا الانتقال في توفير %13 من استهلاك الطاقة في الحقول الثلاثة".

الصورة الكُبرى

وخلال العام 2021م، خفضت أرامكو السعودية كثافة حرق الغاز في الشعلات عبر مختلف أعمالها من 5.97 قدم مكعبة قياسية إلى 5.51 قدم مكعبة قياسية، عن كل برميل مكافئ نفطي.

وفي السياق نفسه، يجري العمل على تركيب أنظمة الحماية عالية الكفاءة في فوهات الآبار في إدارتي الإنتاج في شمال وجنوب الغوار، لتخفيف الضغط على كل من خطوط الجريان وخطوط الأنابيب الرئيسة، والحد من حرق الغاز في الشعلات.

الغاز.. والتحوُّل في الطاقة

يؤدي التغيّر المناخي إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، وهو وقود أحفوري منخفض الكثافة من حيث الانبعاثات الكربونية، وبديل مهم منخفض الكربون في الطريق نحو مستقبل طاقة أكثر استدامة.

ويُسهم الغاز في الوقت الحالي في حفظ أمن الطاقة، ويلبِّي الحاجة الماسة إلى التنمية الاقتصادية وحماية المناخ.

وتخطط أرامكو السعودية لزيادة أعمالها في مجال الغاز. وقد بلغت احتياطياتها التقديرية من الغاز الطبيعي في منطقة الامتياز الممنوحة لها، كما في 31 ديسمبر 2021م، 194.5 تريليون قدم مكعبة قياسية.

وخلال 2021م، أنتجت الشركة 9.2 مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز الطبيعي. كما أنها أعلنت في أواخر العام المنصرم عن تطوير أكبر حقل للغاز غير المصاحب في المملكة، وهو حقل الجافورة.

ومن المتوقع أن يُسهم تسويق ما يُقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز غير التقليدي الموجود في حوض الجافورة الضخم في تحقيق هدف المملكة المتمثل في توليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من الغاز، والنصف الآخر من مصادر الطاقة المتجددة، كما يجعل المملكة في مصاف أكبر منتجي الغاز في العالم.

إستراتيجية لخفض الانبعاثات الكربونية

وتُدرك أرامكو السعودية حجم مشكلة التغيّر المناخي والحاجة الملحة للتصدي لها، كما تنهض بمسؤوليتها تجاه الإسهام في معالجتها.

ويتضمن التقرير السنوي للشركة لعام 2021م، الصادر في مارس 2022م، إستراتيجية جديدة ترتكز على أربعة قوائم، هي: الريادة في قطاع التنقيب والإنتاج، والتكامل في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق، وخفض الانبعاثات الكربونية، والتوطين ودعم التنمية الوطنية.

وتهدف إستراتيجية الحد من الانبعاثات الكربونية إلى خفض صافي الانبعاثات الكربونية للنطاقين 1 و2 مع مرور الوقت، وتطوير منتجات وحلول منخفضة الكربون.

وفي منتدى مبادرة السعودية الخضراء، الذي عُقد العام الماضي في الرياض، تحدَّث رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، عن توسُّع الشركة في أهداف تحسين المناخ، ليتمثَّل طموحها بالوصول إلى الحياد الصفري للغازات المسببة للاحتباس الحراري عن النطاقين 1 و2، وذلك في مرافق أعمالها التي تملكها وتديرها بالكامل بحلول العام 2050م.

وفي هذا الصدد، قال الناصر: «من موقعها كأكبر شركة تزوِّد العالم بالطاقة، فإن طموح أرامكو السعودية المتمثل في تحقيق الحياد الصفري للغازات المسببة للاحتباس الحراري في جميع أعمالها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة عقود يمثِّل خطوة تاريخية للأمام، من شأنها أن تُسهم في التصدي لأكثر التحديات إلحاحًا في مواجهة البشرية».

يمثِّل النظام الهيدروليكي المصاحب جوهر أنظمة الحماية عالية الكفاءة، وسرَّ قدرتها على السيطرة على ارتفاع الضغط في شبكة الأنابيب ومرافق المعالجة.

وتشمل المهام اليومية لفنيّ الصيانة، وائل الحربي، العناية بمرافق فوهة البئر في إدارة إنتاج الغاز في منطقة الأعمال الشمالية، بما فيها فوهة البئر، والزلاقة منفصلة الوحدات، وحجرة المكشطة.

ويوضح الحربي، الذي تخرَّج من مركز التدريب الصناعي في أرامكو السعودية في عام 2013م، أن النظام الهيدروليكي يزود أنظمة الحماية فائقة الكفاءة  بالكهرباء. ويقول: "إذا حصلت زيادة في الضغط، يتخلَّص النظام الهيدروليكي من الضغط الذي يوفره لإبقاء صمام أنظمة الحماية عالية الكفاءة مفتوحًا، مما يؤدي إلى إغلاق الصمام وحماية الأنابيب والمرفق".
ويُضيف الحربي: "أشعر بالرضا عند الانتهاء من عملي، لأنه يمثِّل دوري في مساعدة البيئة. إننا نُسهم بدورنا في خفض انبعاثات الغاز في الجو".

تنتصب أبراج شعلات الحرق بدون لهب بارتفاع 46 مترًا فوق الكثبان الرملية الممتدة على طول البنية التحتية لمرافق تجميع الغاز على اليابسة في الخرسانية.

ويقول المُشغِّل الميداني، عامر الشمري، أثناء سيره نحو أبراج الشعلات في المشعب الشرقي، إن الغاز لم يعد يُحرق باستمرار في الجو، مشيرًا إلى الدور الذي يقوم به وعاء فصل السوائل الخاص بالشعلة، إلى جانب مجموعة الأنابيب المرتبة في المشعب ومعدات الكشط وخزانات منع التآكل، التي تصدر طنينًا هادئًا.

ويقول الشمري، الذي تدرَّب لمدة 18 شهرًا في مركز التدريب الصناعي التابع لأرامكو السعودية، إن حرق الغاز في الشعلات صار مقتصرًا على أعمال الصيانة الروتينية فحسب. ويُضيف: "لا نفتح خط أنابيب التنقية إلا لأغراض السلامة أثناء أعمال الصيانة؛ وهذا يوفِّر حماية أفضل للبيئة".

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge