الناصر يدعو إلى منهج واقعي لتحقيق تحوُّل الطاقة

أكَّد رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، أن العالم يحتاج إلى تطوير منهجه بشأن التحول في قطاع الطاقة، لضمان تحقيق ذلك بطريقة أكثر انسيابية وسهولة، مشيرًا إلى أهمية الاعتراف بالنفط كمكون رئيس ضمن مزيج الطاقة للاقتصاد العالمي على مدى عقود مقبلة؛ جاء ذلك في سياق مشاركته في مؤتمر البترول العالمي في دورته الثالثة والعشرين، التي استضافتها، مؤخرًا، مدينة هيوستن الأمريكية.

وعلى هذا الصعيد، أوضح الناصر أن المنهج الحالي بشأن تحول الطاقة يستند إلى افتراض خاطئ مفاده أن مصادر الطاقة المتجددة، بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ستكون لها القدرة على النمو بسرعة فائقة، وأن البدائل المجدية من الناحية التجارية لأنواع الوقود التقليدية ستكون متاحة في فترة قصيرة. كما أشار إلى أن المنهج يفشل في إيلاء القدر الكافي من الاهتمام بمسائل مهمة لا سيما بالنسبة للدول النامية، من قبيل أمن الطاقة والتنمية الاقتصادية والقدرة على تحمل تكاليف الطاقة.

منهجٌ أكثر واقعية

وخلال المؤتمر، الذي يُعقد عادة كل ثلاثة أعوام، قال الناصر: «الهدف الملح الذي ينبغي لقطاع الطاقة السعي نحوه هو رسم طريق واقعي يؤدي إلى الاستمرار في تلبية الطلب العالمي المتنامي على الطاقة، على نحو موثوق ومستدام وبتكلفة معقولة».

وقد شهد هذا العام إشارات مبكرة تُنذر بما يمكن أن يبدو عليه التحوُّل إذا ما تم بالطريقة الأصعب؛ فمستوى الإمداد بدأ يتخلَّف عن مستوى الطلب بعدما عمد المنتجون في القطاع إلى خفض النفقات الرأسمالية إلى أكثر من النصف في الفترة من 2014م إلى 2020م. وفي السياق نفسه، أوضح الناصر أن المنتجين يتعرضون في الوقت الراهن إلى ضغوط متزايدة للإحجام عن الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط والغاز.

وأوضح الناصر أن نموذج تحول الطاقة الأكثر واقعية ينبغي أن يعترف بوضوح بالحاجة إلى النفط والغاز على مدى أعوام مديدة في المستقبل، وأن قادة القطاع بإمكانهم دفع عجلة الجهود الرامية إلى خفض الانبعاثات من أجل تحقيق الأهداف المتصلة بتغيُّر المناخ.

وأضاف قائلًا: «الاعتراف علنًا بأن النفط والغاز سيلعبان دورًا مهمًا لا يُستغنى عنه خلال مرحلة التحوُّل وما بعدها قد يكون صعبًا بالنسبة لبعض الأطراف، لكن الإقرار بهذه الحقيقة سيكون خيارًا أسهل للغاية بالقياس إلى مواجهة حالة من عدم الاستقرار في قطاع الطاقة، وما قد تُسفر عنه من تضخم مفرط واضطراب اجتماعي، إذا ما ارتفعت الأسعار إلى حد غير مقبول».

تحقيق الغاية بالطريقة المثلى

وتطرَّق الناصر في حديثه إلى الفرص التي من شأنها خفض الانبعاثات، ومنها تبني منتجات منخفضة الكربون كالهيدروجين والأمونيا الزرقاء، وتطوير محركات اشتعال داخلية أعلى كفاءة للمركبات، وتعزيز الاستخدامات التي لا تتضمَّن حرق النفط كتوظيف المواد اللامعدنية في نطاق واسع من الصناعات، مؤكدًا أن الوقت قد حان لتجسيد الاقتصاد القائم على تدوير الكربون على أرض الواقع، بعد أن اعتمده قادة العالم في مجموعة العشرين العام الماضي، وذلك إلى جانب تطوير مزيد من مشاريع استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه.

"الدعوة إلى تبني نموذج جديد لا تعني التراجع عن الأهداف الرئيسة بشأن تغيُّر المناخ، بل هي في حقيقتها تتمحور حول صنع إستراتيجية أكثر دقة وذكاء للتحول" - أمين الناصر، رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين.

وأردف قائلًا: «الأمر لا يتعلق بتغيير أهداف المناخ؛ فجميع من في أرامكو السعودية، وكذلك بقية الأطراف عبر القطاع، ملتزمون تمامًا تجاه تحقيق اقتصاد الانبعاثات الصفرية. كما أن كل الناس على هذا الكوكب لديهم مصلحة مشتركة ترتبط بتحقيق الهدف النهائي المتمثل في الحيول دون ارتفاع الحرارة إلى سقف الدرجتين المئويتين؛ لكن الأمر يتمحور حول كيفية الوصول إلى ذلك الهدف».

وفي ختام حديثه، أبدى الناصر ثقته بأن العالم لن ينجح في تحقيق التحوُّل إلا من خلال تبني إستراتيجية متوازنة وعملية وشاملة، مؤكدًا أن الأمر يتطلَّب، على وجه السرعة، إيجاد منهج لتعزيز المشاركة الحقيقية على الصعيد العالمي بين جميع الأطراف المعنية التي من شأنها أن تلعب دورًا في هذا الشأن.