رحلة المواد الهيدروكربونية في أرامكو السعودية.. ( ١/ ١٠)

التخطيط الدقيق للمكامن للحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري

التخطيط الدقيق للمكامن للحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري

هذه القصة، التي تُنشر في عدة أجزاء، تسلِّط الضوء على ما وراء الستار في رحلة المواد الهيدروكربونية في أرامكو السعودية، بدءًا من المكامن وحتى نهاية الرحلة.

لا يزال النفط العربي من بشائر الخير في عالم يتزايد وعيه بخطورة الانبعاثات الكربونية؛ وقد أودع الله تعالى تحت صحاري المملكة ومياهها البحرية بعض أفضل أنواع النفط الخام على مستوى العالم، بما تتصف به من كثافة نفطية عالية، وكثافة كربونية منخفضة لأعمال التنقيب والإنتاج.

وبرغم أن النفط العربي ثروة جيولوجية، لكن احتياطيات النفط والغاز تنطوي على مستويات متفاوتة من انبعاثات الغازات المصاحبة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
ويمكن أن يكون للنفط عالي الجودة كثافة عالية للانبعاثات كربونية في ظل غياب الحرص أثناء الإنتاج. ومن هنا فإن التفكير السليم والأشخاص المؤهلين هما من العوامل الرئيسة، التي تُسهم في انخفاض الكثافة الكربونية الناشئة عن النفط.

وكذلك الحال بالنسبة للبنية التحتية التي تخضع لصيانة دقيقة، ويد العون التي تمدها التقنية المتطورة، والإنتاج الثابت والمتأني للنفط، إلى جانب التخطيط الدقيق للمكامن؛ فكلها عوامل مساعدة على هذا الصعيد.

سيظل عالمنا المعاصر بحاجة إلى النفط خلال المستقبل المنظور، ونستطيع بفضل طاقاتنا البشرية وما نتمتع به من ثروة نفطية تبوء مكانة منقطعة النظير. 

موارد النفط والغاز هذه ليست بحيرة هادئة من السوائل، بل هي مشابهة للعسل في خلايا النحل، فهي تختبئ على نحو يضج بالنشاط في مساحات صخرية مسامية تحت الأرض، وتتميَّز بسلوك معقد حيث تتأرجح حالة المواد الهيدروكربونية وهي في طريقها إلى سطح الأرض بين الحالتين السائلة والغازية.

وقبل استخراج المواد الهيدروكربونية من مكامن النفط والغاز التابعة للشركة، تقوم كوكبة من العقول بنمذجة التركيبة المعقدة لما يكمن في الأعماق. وإلى جانب جدوى ذلك في استخراج هذه الموارد الثمينة، يُمكن لدراسة واستثمار أدق أسرار المكامن قبل استخراج المواد الهيدروكربونية منها إلى السطح أن تُسفر عن إدارة أمثل لظاهرة الاحتباس الحراري.

منهجٌ لاستدامة الأعمال والبيئة

وتنتهج الشركة في إدارة مكامنها أسلوبًا يختلف عن الممارسات التقليدية في قطاع النفط والغاز، التي تركِّز على زيادة معدلات الإنتاج من كل حقل؛ فاستخراج النفط بوتيرة سريعة ينطوي على خطورة تتمثل بإلحاق الضرر بالطبقات التي تحمل النفط مما يفاقم من الانبعاثات.

في أرامكو السعودية، يُصغي الخبراء إلى ما تبوح به المكامن، ويتمتعون بالقدرة على فهم أسرارها. وفي بعض الأحيان، تُقلَّص الكميات المستخرجة من بعض المكامن القديمة لتتسنى لها الفرصة لالتقاط أنفاسها، بينما يُزاد الاستخراج من المكامن الأحدث. وبهذه الطريقة تتمتع المكامن القديمة بعمر إنتاجي أطول وتنتج كميات أكبر، فوتيرة الإنتاج المتأنية والثابتة تجنِّب الشركة الإفراط في إجهاد المكامن، بما يكفل مزيدًا من الاستدامة لكل من البيئة والأعمال على حد سواء.

أنواع مختارةٌ من النفط الخام

يتطلَّب نظام المملكة للموارد الهيدروكربونية أن تُدار المكامن السعودية على نحو يضمن تحقيق الإنتاجية والنفع والفائدة على المدى البعيد.

وخلف أحد أكبر الاحتياطيات التقليدية السائلة المؤكدة في العالم، تقف مجموعة متعاونة من الفرق المتنوعة في المقر الرئيس لأرامكو السعودية في الظهران، فدراستهم المتمعنة لمكامن الشركة تُترجم إلى قرارات إنتاج ترتبط بمجموعة أنواع النفط الخام الخاصة بالشركة.

هذه المجموعة هي عبارة عن ملخص لقائمة سنوية شاملة تتضمن مئات المكامن التابعة للشركة، ويتقرر بناءً عليها المكامن المختارة لغرض الإنتاج وتحقيق معدلاته المطلوبة وفقًا للطريقة المُثلى.

وعلى مدى عقود عديدة، أنتجت معظم الحقول النفطية التي تديرها أرامكو السعودية مواردها بمعدلات نضوب سنوية منخفضة تتراوح بين 1% و 2% بالنسبة إلى معدل الاستخلاص النهائي المقدَّر.

وتُعد انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناشئة عن إنتاج النفط في أرامكو السعودية، مقدَّرة بوحدة مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل برميل نفط، من بين الأقل في قطاع الطاقة.

جهود دؤوبة لأفضل نتائج الاستخلاص

تستخدم أرامكو السعودية تقنيات رائدة وابتكارات متقدمة لاكتشاف ونمذجة الأسرار المعقدة التي تحيط بالثروات الموجودة في الأعماق.

وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدأت شركات النفط العالمية باستخدام التقنية السيزمية ثلاثية الأبعاد لتحديد حقول النفط والغاز بشكل أفضل، والتي تتيح الإنتاج من الحقول الأصغر بكفاءة، عبر استخدام أنظمة متقدمة مثل تقنيات حفر الآبار أفقيًا.

وتستخدم الشركة هذه التقنيات لإدارة المكامن على المدى البعيد لحقولها الضخمة، حيث يؤدي الجمع بين النماذج الجيولوجية الدقيقة وأعمال حفر الآبار أفقيًا إلى خفض التكاليف، وتقليل إنتاج للمياه، وخفض الانبعاثات، وتحسين كفاءة الاستخلاص.

نماذج لمحاكاة المكامن

وفي الوقت الراهن، تحظى لمكامن الإنتاج التابعة لأرامكو السعودية بنماذج محاكاة متطورة للغاية، تخضع لتحديث مستمر ببيانات جديدة للحفر والإنتاج؛ فالبيانات ركيزة رئيسة لتطوير وتقييم الإستراتيجيات البديلة لإدارة المكامن.

وكثير من التقنيات الرئيسة لإدارة المكامن طُوِّرت في مرافق الشركة البحثية، مثل برنامج محاكاة المكامن تيراباورز، ونظام جيودرايف لإعداد خرائط الطبقات الجوفية، وتقنية الغمر الذكي لحقن المياه.

وقدَّمت الثورة الصناعية الرابعة إمكانات متطوِّرة أسفرت عن آفاق جديدة لإدارة المكامن من خلال استثمار قدراتها، ومن بينها التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، اللذان يُستعملان في مجالات مثل تحديد مواقع الآبار وإدارة المياه والنمذجة.

ويؤدي استخدام تحليلات البيانات ونماذج المحاكاة لإدارة المكامن، بالإضافة إلى القدرات والخبرات المميَّزة التي يتمتع بها علماء الجيوفيزياء والجيولوجيا ومهندسو النفط وموظفو أعمال الإنتاج، إلى تحقيق أرامكو السعودية لمعدلات استخلاص أعلى بكثير من تلك التي يمكن تحقيقها في قطاع الطاقة عمومًا.

رحلة المواد الهيدروكربونية في أرامكو السعودية
- يعتمد كل برميل نفط تنتجه أرامكو السعوية على خط إنتاج ضخم يبدأ من المكامن البرية والبحرية.
- يمرُّ النفط بفوهات الآبار السطحية، ليصل إلى المعامل التي تخضع لصيانة دقيقة من أجل فرز الغاز من النفط قبل نقله إلى معامل التركيز.
- يُنقل النفط الخام المركز إلى المصافي المحلية للمعالجة، وإلى الفُرض للتصدير.
- تُنقل الغازات المصاحبة إلى معامل الغاز بعد فرزها من النفط، في حين يُضخ الغاز غير المصاحب مباشرة إلى تلك المعامل.
- يُنتج غاز البيع ويُضخ كوقود إلى شبكة الغاز الرئيسة، وكلقيم إلى العملاء المحليين.
- تنتج المعامل كذلك سوائل الغاز الطبيعي لضخها إلى معامل التجزئة، حيث يُفصل الإيثان لتوزيعه على العملاء في قطاع الصناعة.
- يُجزأ المتبقي من السوائل إلى بروبان وبيوتان وبنزين طبيعي.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge