إضاءة

وصية للعابرين الجدد من جسر الحياة

وصية للعابرين الجدد من جسر الحياة

لا معنى لهذه الحياة بلا محبة، فهي وحدها ما يجعل هذا الكوكب قابلًا للعيش، ويجعل الوجود مبررًا ومستساغًا. في كل شيء جميل موضع للحب، موسيقى تطرب لها الروح، وبهجة تضيء لنا الطريق باتجاه سعادة مشتهاة. هذه الكراهية التي تلف العالم، وتشعل الحروب والصراعات لا ينبغي أن تنسينا أن الحياة تنمو بالمحبة. تضيق بنا الظروف، وتتكالب علينا الصعاب، ولا نتخلى عن متسع صغير نمرر من خلاله مشاعر الحب للآخرين.

صور المحبة لا تُحصى في هذا الوجود، ستجدها تحيط بك دون أن تراها أحيانًا، عليك فقط أن تعتني بصفاء قلبك لترى، فكل نفس ذائقة الحب، مهما استطال بها التعب والهم والخوف في محطات الحياة، فيد الله التي تمتد إليك في العثرات هي محبة، وابتسامة أبيك رغم التعب محبة، وسهر أمك على تفاصيلك الصغيرة محبة، والمدرس الذي قطع المسافات ليهبك العلم هو نافذة مشرعة على المحبة،  ودعاء أخ لك في الغيب هي لحظة من لحظات الحب.

بالمحبة ترتوي الروح وتزهر الأمنيات. جرّبْ أن تغفر لكل الذين أساؤوا ويسيؤون إليك، لتعكس جمال القلب الذي في داخلك، فهناك منابع المحبة التي قد تجف كلما تعودت على الكراهية. افتح مغاليق قلبك وأنت تصقل المعاني النبيلة فيه، وصافح الناس كمن يصافح الفجر في ساعة الانبلاج، وتذكر بأننا في هذا العالم مرايا لأخلاقنا التي بها يكون العالم  إما بستانًا أو دارًا خرابًا.

لقد عبرنا الأمس وفي دفاترنا حكايات كثيرة عن هوامش الكراهية، خذلنا الوقت وهو يحبسنا بين عناوين تدفعنا لاشتهاء المواجهة مع الآخرين. تخاصمنا كمذاهب وجماعات، تخاصمنا على التاريخ والجغرافيا، وقسمنا القلب بين هذه الخرائط البليدة، فكان أن ضاعت فسحة الحب التي ترتخي عندها الروح. بتنا في صراع مفتوح على أكثر من دائرة، قبل أن يرشدنا الوقت ثانية إلى المعنى الأسمى والأجمل في هذا الوجود.

هذا ليس درسًا في المثالية، لكنه درس في التخلص من الأوهام، أوهام القوة، والتفرد، والانتصار، تلك التي تنشأ من مديح الكراهية وترويجها. لقد سرق الذين روجوا لها من سنيننا أجملها، وجعلوا من أرواحنا صدى لأخدوعاتهم، جرفوا كل البساتين الجميلة التي كنا نعمرها ببراءتنا، قبل أن تسور بسرديات الخوف المضاعف، كلما دارت بنا الأيام دورتها ماجت بنا سفينة الأفكار والمواقف، ورمتنا على سواحل التفاسير المريبة.

وحدها المحبة تنثر الفرح في طريق الحياة، فلا تصغِ لصوت البارود، وصوت المحرضين، واجعل من قلبك قنديلًا تستضيء به في ليل الظلمات، خذ منه ما يهبك حب الناس، وحب الخير، وحب الحب الذي له القدرة على قلب معاني الأشياء، فما كنت لترى النور لولا ذلك الحب الذي كان يسري في روح أبويك، واستحال فرحًا يمشي على رجلين؛ تنسى أمك تعب الحمل والولادة، وينسى أبوك ركض العمر في ساحات العمل، لأجل أن يهباك أفقًا من الأحلام والأمنيات، أفقًا معجونًا بطين المحبة. لذلك فإن الأصل هو أن نكون غصنًا جميلا لشجرة ترتوي بالحب.

 

ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge