تنمية للخيال وتعزيزًا للغة وتطويرًا للمهارات..
مكتبة إثراء تصدر قائمة من عشرة كتب مخصصة للأطفال
قد تكون معارف أحبائنا الصغار محدودة ضمن إطار ضيق نظرًا لأعمارهم، لكن الأكيد أن خيالهم لا يقف عند حد ولا يعبأ بقيد؛ وبالاقتصار على ملاحظة هذا الجانب فحسب، يصبح من حق أنطوان دو سانت في قصة (الأمير الصغير) أن يقلب الصورة، ليباهي بالأطفال ويسخر من الكبار، حيث يقول: "الراشدون لا يفهمون شيئًا لوحدهم أبدًا، وإنه لمتعب للصغار أن يواظبوا على تقديم التوضيحات لهم بصورة دائمة".
ذلك الخيال الجامح هو أداة يستعين بها الطفل على استكشاف كوامن نفسه وأسرار العالم من حوله. وهذه الأداة بطبيعة الحال قد يوهنها الزمن فيصيبها شيء من الفتور، وذلك حينما يتعود الطفل البقاء في إطار المألوف، وفي ذلك ضرر غير يسير على رحلته نحو اكتشاف شخصيته وتطوير ذاته.
ولهذا يُعنى كثير من الآباء والأمهات بأن يغرسوا في أبنائهم حب القراءة منذ سن مبكرة، حيث تساعد الكتب على إبقاء جذوة الخيال متقدة، كما تُسعف القارئ الصغير بسيل من المعلومات يوسع من آفاق ذهنه، ويعود عليه بالنفع العاجل والآجل.
وإذا كان اختيارك لكتابك الخاص قد يتضمن شيئًا من الصعوبة، فإن اختيار كتاب لطفلك لربما انطوى على صعوبة أكبر، فروحه الصقيلة كالمرآة تعكس كل ما يقع عليها من شر وخير وقبح وجمال.
وفي هذا السياق، ولتقديم العون للآباء في اختيار أحسن الكتب لأبنائهم، وحرصًا على تشجيع النشء على القراءة في سن مبكرة، انتخبت مكتبة إثراء قائمة مخصصة للأطفال، تتضمن عشرة كتب متنوعة تستهدف مختلف فئاتهم السنية، وتسعى لتنمية خيالهم وتعزيز مهاراتهم اللغوية والحياتية. وفيما يلي نستعرض بإيجاز هذه الكتب.
لا شيء مثل عطر أمي
هل للأمهات عطرٌ خاصٌ يميِّز كلَّ واحدة منهن؟ سحر محفوظ تؤكد لنا ذلك في قصتها (عطر أمي). وسواء أكان هذا العطر من عالم الحس أم من عالم القلب، فالنتيجة واحدة بالنسبة للكاتبة المتخصصة في أدب الأطفال.
هذه القصة، التي يبدع رسومها براء العاوور، تروي حكاية العلاقة الخاصة التي تربط الأطفال بأمهاتهن، فالبطلة تشتمُّ رائحة أمها في المدرسة، ليسرح بها خيالها الطفولي بحثًا عن السبب في وصول هذا العطر إلى هناك.
تكلَّم أيها الطفل..
العالم يكاد يختنق من الضجيج، وأذنا الكون توشك أن تُصمَّهما شدة الضوضاء، وما أحوجنا اليوم إلى أصوات بريئة تُهدِّئ من روع أرواحنا القلقة؛ إنها أصوات الطفولة التي يستحثها على النطق بيتر رينولدز في كتابه المصور (قل شيئًا).
رينولدز يستعرض بلغة بسيطة ومباشرة طرقًا متنوعة يمكن للأطفال من خلالها التعبير عن أنفسهم وتوجيه رسائلهم للعالم، بما فيها كتابة الشعر والرسم ومد يد العون للآخرين. وهو لا يدخر جهدًا في تأكيد أهمية هذه الأمور في صنع التغيير وإحداث أثر إيجابي، حتى يصبح العالم بذلك مكانًا أفضل للجميع وأكثر سلامًا.
البحث عن الجانب المشرق
(البذرة السيئة) ليست سيئة على الإطلاق؛ تلك هي الفكرة التي يسعى جوري جون إلى إيصالها من خلال قصته المصورة ذات الطابع الفكاهي. فعلى الرغم من أن هذه البذرة تظهر عليها ملامح الشر، ومع أن تصرفاتها لا تبدو حميدة النوايا، إلا أن ذلك يرجع إلى بعض الظروف التي تستحق التعاطف. وفي نهاية المطاف، تختار البذرة أن تثبت أن لها قلبًا طيبًا وروح مشرقة يمكن أن يراها من يدقق النظر ولا يستعجل الحكم.
يرغب جوري إذن أن يتعلم الأطفال كيف يتجنبون إطلاق الأحكام السلبية على من حولهم دون روية، وكيف يلتمسون الأعذار للتصرفات التي قد تبدر من غيرهم دون نية شريرة. إنها دعوة عامة إلى تلمس الخير الكامن في القلوب، وإعطاء الفرصة لمن يحاول أن يتغير نحو الأفضل.
الصديق.. ومعنى الصداقة
الصداقة قيمة عُليا من قيم الحياة، سرعان ما يدركها الأطفال فيتعلقون بها غاية التعلق، وربما ألجأتهم هذه الحاجة الماسة إلى الصديق مع الخوف من الوحدة إلى اختراع واحد من بنات أفكارهم، في هيئة دمية أو في صورة صديق مُتخيَّل لا يراه أحدٌ سواهم.
وفي قصته المصورة، (صديقي المتخيَّل)، يسعى الكاتب إيون كولفير والفنان أوليفر جيفرز من خلال الكلمات البسيطة والرسوم المبتكرة أن يبينا للقراء الصغار مفهوم الصداقة الحقيقية وقيمتها التي لا تقدر بثمن من خلال البطل الصغير، وصديقه المتخيَّل الذي يذكرنا بالخل الوفي ثالث المستحيلات عند العرب.
الخطوط.. عنصر الإبداع الفني
الكتاب المصور (خطوط)، من تأليف غُلشاه يمن ورسوم تشاغري أوضه باشي، يهدف إلى تعليم الأطفال مهارات فن الرسم بطريقة مبسطة ومبتكرة. فمن خلال اكتشاف الأنواع المختلفة للخطوط، يتعرف الطفل كيفية ابتكار أشكال مختلفة وإنتاج أفكار جديدة، من المضلعات والزوايا حتى أجنحة الفراشات.
وعند تصفحه للكتاب يعثر الطفل على الدهشة في صورتها السهلة البسيطة، حيث تصنع الخطوط صورًا إبداعية قد لا تخطر على الذهن، كما يجد تعليمات مبسطة تحفزه على التجربة والتلاعب بالخطوط لصقل مهاراته في الرسم واستكشاف كوامن إبداعه، ويتعرف أيضًا على الأدوات المختلفة التي تساعده على الانطلاق في رحلة الفن.
أصوات الحيوانات.. وموسيقى الحروف
لعل عنوان هذا الكتاب هو الأقرب إلى روح الطفل في سنيه الأولى، والأكثر موسيقية أيضًا بين كتب القائمة، ولهذا فهو مناسب ليجذب أطفالنا إلى تعلم حروف لغتنا العربية الحبيبة، وقد يكون بداية تمهيدية ملائمة للأطفال الذين يوشكون على الالتحاق بصفوف الدراسة.
في كتابها التعليمي (آ آ آ بك بك بك) تربط أمل فرح بين الحيوانات وأصواتها وبين حروف العربية، لتساعد الطفل على ترسيخ نغمات الكلام الثمانية والعشرين في ذاكرته، عبر طريقة شيقة ومختلفة عن الطرق التقليدية. إنه أشبه بالدرس المزيج بين علمي اللغة والحيوان، تقدمه الكاتبة في قالب معرفي مفيد، ترافقه رسومات من إبداع سالي سمير.
البطل الخارق.. عديم القدرة
هذه قصة (البطل الخارق)، لكنها ليست قصته وهو يستعرض قدراته الفريدة وبطولاته العديدة، وإنما وهو يتعثر في الحياة بعد فقدانه لما قد يبدو أنه عنصر رئيس ومميز لشخصيته وهويته. نسيبة العزيبي تختار المرض سببًا يسلب البطل من امتيازاته الخارقة، لتحرمه بذلك من القدرة على مساعدة الناس ولعب أدوار البطولة.
هذا الأمر يستثير مشاعر الحزن واليأس لدى البطل، ليجد نفسه في نهاية الأمر مدفوعًا إلى اعتزال الناس. ويتواصل السرد القصصي، الذي تثير من خلاله الكاتبة بأسلوب غير مباشر أسئلة ترتبط بالهوية الشخصية، وكيفية تقديرنا لأنفسنا ونحن نعيش في عصر لا يكاد يستطيع أحدنا أن ينظر إلى أي شيء فيه بمعزل عن الناس. ويواكب حسان مناصرة أحداث القصة من خلال رسوماته بديعة التفاصيل.
امتطِ السحابة.. حلِّق مع التنين
بعيدًا عن الصورة النمطية للتنانين المرعبة، التي تنفث اللهب وتختطف الأميرات، يظهر (شوشويا) كتنين مختلف، فهو لطيف يحب الزهور والشمس، ويحلق مع صديقه في السماء، ويلعب معه لعبة الاختباء.
بسام التاجي، والرسام شارلوت شاما، يختاران هذا التنين اللطيف ليرافق الأطفال الصغار في قصة ما قبل النوم، التي تستمد من دفء الصداقة ما يدفع الذهن إلى الاسترخاء، ويأخذ القارئ إلى أرض الأحلام السعيدة.
الخروج من مأزق
(نقشون) هو وحش صغير لطيف، يحاول الاهتمام بسمكته من خلال تغيير الماء في حوضها، لينتهي به الأمر إلى الانفجار باكيًا خوفًا من فقدانها إلى الأبد، بعد أن تكاسل أفراد أسرته عن مساعدته في إنقاذها.
كيف يتصرف الأطفال حين يقعون في مشكلة؟ وحينما لا يبادر الكبار إلى مد يد العون؟ هذا ما تحاول أن تعالجه ميثاء الخياط في قصتها المصورة، التي استوحت شخصيتها الرئيسة من مسابقة أقامتها بين الأطفال لهذا الغرض.
للخيوط حكايتها
للخيوط فوائد أخرى غير الرسم، فهي أيضًا تمسك بأطراف الدمى، وتحركها على خشبة المسرح، ليبدأ المشهد، ويصغي الجميع إلى الحكاية؛ ومن ذلك، تقتبس الكاتبة نبيهة محيدلي (حكايات ترويها الخيوط).
في هذه القصة، التي ينسج رسومها حسان زهرالدين، تأخذ أصناف مختلفة من الخيوط دورها لتخبر عن نفسها وعن تجاربها في الحياة. خيوط النور وخيوط الحرير، ومثلها خيوط العنكبوت، يصادفها القارئ وهو يعبر الصفحات لتقدم له مادة تجمع بين التسلية والفائدة.
