حوار مع كاتب

يحيى العلكمي: المسرح حياةٌ أخرى

يحيى العلكمي: المسرح حياةٌ أخرى

يحيى العلكمي، قاص وكاتب مسرحي سعودي صدر له مجموعة قصصية بعنوان "متظاهرًا بالصمت"، ومجموعة مسرحية بعنوان "البيدق".

 

• تتنوع كتابتك الإبداعية بين المسرح والقصة القصيرة، رغم الاختلاف النوعي بين هذين الفنيين السرديين من حيث الحبكة ولغة التعبير الدرامي. هل هناك تفسير لهذا الاختيار؟

لا أحسب أن ثمة ما يمنع إذا توافرت أدوات الكتابة وفق الأسس الفنية لكلا الفنين، خاصة حين نعرف أن القصة والمسرحية كليهما يعتمدان على الحكاية في أساس منشئهما، ثم يتمايزان وفقا لطبيعة البناء. والحق أني كتبت المسرحية في وقت لاحق لكتابتي للقصة، وأجد أن الفنيين ينهلان بعضهما من بعض، وقد يصبَّان في مصب واحد بالنسبة للمتلقي، الذي يستمتع على صعيد القراءة أو المشاهدة ثم الكشف والتأويل.

 

• ألا ترى أن الكتابة المسرحية في حد ذاتها تمثل تحديًا خاصة في ظل عزوف واضح من الناشرين عن تبني النشر المسرحي، وهو التحدي نفسه الذي يواجه الشعر؟

المسرحية في أساس وجودها تُكتب لتعرض، ومع ذلك نجد مسرحيات لكبار الكتَّاب لا تصلح للعرض أو التنفيذ على الخشبة، إلا أن يُعتسف المعنى إلى غير دلالته. ولهذا، فمسألة النشر فيما يخص التأليف هي إشكالية تواجهها الفنون التدوينية كلُّها، ولا تختص بها المسرحية فحسب. على المستوى الشخصي، طبعت مجموعتي المسرحية (البيدق) ولم أواجه أي مشكلة من هذا النوع، أما التحدي الذي أراه فهو في إنتاج الأعمال المسرحية لتصبح عروضًا مشاهدة.

 
• تدافع عن المسرح في كل مشاركاتك الثقافية، لكن هل تعتقد أن بوسع هذا الفن أن يلعب دورًا توعويًا في المجتمع، في ظل تصور خاطئ يتبناه بعض المسرحيين بتركيزهم على الجانب الكوميدي البحت، الذي قد تغيب في سياقه الرسالة أو الهدف من موضوع المسرحية؟

المسرح كما يُقال حياة أخرى، وهو الفن الأدائي الوحيد الذي تجتمع الفنون الأخرى تحت مظلته، ويستطيع بفضاءاته غير المحدودة أن يجعل منها مزيجًا خلاقًا ونافذًا في مدركات المتلقي. باعتقادي فإن وجود حراك مسرحي مؤسس ومؤثر هو أحد مؤشرات النمو المجتمعي فكريًا وتنمويًا. ومن حيث الجانب الكوميدي، فهو مذهب معترف به شريطة ألا ينحدر إلى الإسفاف.

 
• أنت من أنصار ما أسميته "القارئ الحصيف"، الذي بوسعه أن يملأ فراغات النصوص الإبداعية بمعان متعددة يستنتجها هو منها. هل إيمانك بوجود مثل هذا القارئ يتوافق مع غلبة الرمزية في معظم كتاباتك؟

من وجهة نظري، يرتكز الفعل الكتابي على عمليتين رئيستين هما البناء والهدم؛ فالكاتب يبني والقارئ يهدم، لكنه الهدم الإيجابي الذي يعتمد على النفاذ إلى النصوص عبر مستويات القراءة المتدرجة المفضية إلى إعادة تشكيل المعنى في ذهن القارئ. ومن هنا فإن النصوص الإبداعية على وجه الخصوص ليس من واجباتها أن تبرز كل شيء أو تبرره؛ إذ تترك مساحة كافية لقارئ حصيف يستكنه المقاصد والدلالات باحترافية ودراية. بالنسبة لأعمالي المسرحية، وظفت الرمز في معظمها، ولكني أزعم أنه بالقدر الذي لا يأخذ القارئ أو المتلقي عمومًا إلى مناطق غامضة أو يغشِّي عليه رسالة النص.

 
• تُفضل عدم التعجل في الكتابة والنشر، هل السبب في ذلك وصفك للكتابة المسرحية بأنها "عمل محير ومرهق يُكتَب فيه ويُمَزق"، هل يتعلق الأمر بإيجاد الفكرة وتطويرها قبل أن تبدأ في معالجتها؟ أم بغير ذلك؟

سأعترف بدءًا بكسلي في مسألة الكتابة المسرحية عمومًا، وهذا له أسباب أبرزها ضعف الدعم فيما يخص إنتاج الأعمال المسرحية، والمسرح يُكتب ليعرض كما ذكرت سلفًا. غير أني لحظة الكتابة صارم جدًا حدَّ القسوة مع نفسي، ولا أجد حرجًا في تمزيق ما لا يقنعني مهما بذلت من جهد. الأفكار موجودة، معالجتها وتطويرها هي الحرفية المرهقة والماتعة في آنٍ واحد.

 
• وماذا عن مشروعك الإبداعي المستقبلي؟

أنا محب للسينما، ومنذ فترة قريبة وطدت علاقتي بالكتابة السينمائية، وأعمل حاليًا على كتابة أفلام قصيرة أرجو أن تجد ميدانًا جيدًا لتنفيذها. كما أني أعدُّ لمجموعة قصصية، ولروايتي الأولى، إضافة إلى مزيد من الاشتغال على البحث والتقصي النقدي، وتقديم برامج ودورات القراءة النوعية والكتابة الإبداعية.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge