هيا نتكلم العربية

هيا نتكلم العربية

جاءني صديق من الجنسية الأمريكية، وسألني: كيف أقول : "I have Ghosol"؟ فأجبته: اغتسلت! فقال لي بلغته العربية الركيكة: لكن المصري قال لي: "استحميت"، والسعودي قال لي: "تروشت"، واللبناني: "تحممت"، وأنت: "اغتسلت"!.  وأنا لي عشر سنوات أعمل وأتنقل بين الدول العربية ولم أتقن اللغة العربية بعد! أنا خجول من نفسي!

لا ألوم هذا المتعلم الأجنبي بعد كلّ هذه السنين أنه لا يزال يستخدم لغته الأم في أغلب حديثه معي بدل استخدام اللغة العربية لأن اللغة المحكية في الشارع وفي الدراما التلفزيونية تتحدّث بلهجات مختلفة لا يفهمها، وليست هي ذاتها التي يتعلمها ويقرأها، فيظلّ حيرانَ مترددًا، غير قادر على تطبيق ما يتعلمه في مقر عمله أو في الحي الذي يسكنه. 

تذكرت قصة روتها إحدى الزميلات بعد انتشار الدراما المترجمة التي تتكلم اللغة العربية الفصيحة. قالت: "بعد أن تعلقت جدتي بأحد المسلسلات المكسيكية المترجمة، جئتها ذات صباح وقلت لها بلغة عربية فصيحة: "عمتِ صباحًا يا جدتي." ردّت جدتي بكل عفوية: "من متى تعرفي تتكلمي المكسيكي؟" ظنّت الجدّة أن اللغة العربية الفصيحة المستخدمة في المسلسل هي المكسيكية لأنها ببساطة هي لا تعرف القراءة والكتابة، وغير معتادة على سماعها. 

هل فقدنا البوصلة؟

تعاطفت كثيرًا مع كل طالب يجيء لتعلم اللغة العربية، وأدركت تلك الفجوة الكبيرة بين ما نتكلّمه في الشارع، وما هو مكتوب في الكتب. وبالمقابل؛ سمعت ضيفًا في برنامج حواري على شاشة التلفاز يقول: "علينا استخدام اللهجة العامية في الكتابة بدل الفصيحة من أجل انتشارها بسهولة، حتى لا يرتبك المتعلم للغة العربية بين لغتين مختلفتين تمامًا"، وهذا ما استهجنته! فلماذا التراجع إلى العامية، وبأي لهجة ستكتب؟ هل اللهجة المغربية مثلًا تُفهم في الشرق؟ لقد زاد هذا الرأي الطين بلة، وهو حقيقة تراجع كبير إلى الوراء. وبعد حديث الجدة عن اللغة المكسيكية، أرى أن علينا أن نستخدم الفصحى في الشارع، فالجدة قادرة على فهم اللغة العربية الفصحى من خلال استخدامها في دراما استمتعت بها. كما أعتقد جازمًا أن توفير المحتوى والقالب الجيد هو ما يجعل من تعلمك اللغة العربية تجربة ممتعة وسهلة.

لغة واحدة ولهجات متعددة

 لا شك أن السبب القوي للمحافظة على اللغة العربية إلى الآن هو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، حيث يُقرأ القرآن ذاته برسمه ومعانيه وتأويله في المغرب والمشرق العربي بالطريقة والسلاسة نفسها، ولولاه لأصبحت كل هذه اللهجات المحلية لغات مستقلة فلا يفهم أحدنا الآخر، تمامًا كما حدث في أصل اللغة اللاتينية في أوروبا. فاللغات المستقلة في أوروبا كالإيطالية والفرنسية والكتلانية والرومانية والإسبانية والبرتغالية هي متحدرة من لغة واحدة هي اللاتينية. 

لا تزال كثير من الدول العربية في الخطوات الأولى لتعليم العربية لغير الناطقين بها، وربما من أهم المشكلات للطالب هي شعوره عندما يخرج إلى الشارع أن اللغة التي يسمعها غير تلك التي كان يتعلمها في المركز ويتحدّث بها أستاذه، فلنكرس استخدامنا العربية السليمة في العمل والبيت قراءة وكتابة وإلقاءً وذلك للإسهام في نشر لغتنا العربية، والمحافظة عليها. 

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge