"أتاكِ الربيع الطلق يختال ضاحكًا"..

ملامح ساحرة للربيع في ربوع المملكة

ملامح ساحرة للربيع في ربوع المملكة

في ثقافتنا المحلية السائدة، قد يمرُّ بنا فصل الربيع مرورًا عابرًا كالضيف خفيف الظل، وهذا أمرٌ يرجع إلى عدة أسباب، لعل من بينها أنه فصل قصير الفترة إذا ما أخذنا بعين النظر آثاره الملموسة على الطقس والطبيعة من حولنا؛ فما إن ينتهي الشتاء حتى تلوح بوادر الصيف، وبين الفصلين الطويلين يضيع الربيع وتخفت بهجته.
لكنه الربيع على كل حال، فمهما كان عمره قصيرًا فلا بُد له أن يضع بصماته على الأرواح، ويوزِّع هداياه على الطبيعة، حيث تدِّب الحياة في الأرض من جديد، ويعتدل الجو، وتصدح العصافير، وتخضَّر الأشجار، وتتلوَّن الأزهار، وحينها تروق مزاجات البشر، وتُصبح الرحلات الخارجية مطلبًا لا بُد منه قبل انقضاض الصيف.
ولهذا الموسم البديع ملامح جميلة تتوزَّع في ربوع المملكة، نقف هنا عند بعضها، ونحن نتأهب لاستقبال الموسم الربيعي الجديد.

 

ربيع الشمال

كثيرًا ما يرتبط الربيع في شمال المملكة بالأزهار التي تكسو الأرض بألوانها البهية، لا سيما بعد موسم شتوي غزير الأمطار. وتزهو السهول والتلال في مناطق متفرقة ببساط من العشب الأخضر، الموشَّى بأنواع بديعة من الأزهار، من بينها الأقحوان والخزامى والنفل.
وتُغري الخضرة الممتدة على بساط الأرض رعاة المواشي بارتيادها طلبًا للكلأ، لذا يُعد وجود كبار الإبل وصغارها في هذه المناطق المعشبة مشهدًا مألوفًا. كما يجذب المنظر الأنيق عددًا متزايدًا من هواة الرحلات البرية، الذين يجدون في المكان بهجة فريدة من نوعها.
وإلى جانب الزهور، يشهد الموسم الربيعي انتشار نبات الكمأة، أو الفقع، الذي يحظى عادة بإقبال محلي كبير، ويدخل ضمن مائدة الطعام المفضلة في هذا الفصل.

الأمطار في عسير

في مرتفعات عسير، يُعد المطر زائرًا معتادًا خلال موسم الربيع، إذ تحوم السحب حول الجبال، وتُسقط هملها بصفة متكررة على مدار الموسم، وتستمر على هذا المنوال طيلة الصيف. وبحسب غزارة الأمطار، يسيل الماء في الوديان المجاورة في المنطقة، لتجتمع بهجة الخضرة مع صفاء الماء.
وفي أبها على وجه التحديد، تتألَّق أشجار الجاكرندا ذات الزهور البنفسجية والأرجوانية بحلل أنيقة تخطف الأبصار في الطرقات، وتنشر عبيرها في الأرجاء على مدار ما يقرب من شهرين كاملين. وتُعد هذه الشجرة من الأشجار الوافدة حديثًا إلى المنطقة، وقد أضفت إلى اخضرار المكان رونقًا وجمالًا مختلفًا.
 

الورد الطائفي

في الطائف يبدو الموسم الربيعي برونق خاص، حيث يصبح الورد الطائفي بلونه الساحر جاهزًا للقطاف. وتضمُّ الطائف مئات من مزارع الورد في منطقتي الهدا والشفا، تُنتج ملايين الورود سنويًا، كما تضمُّ معامل للتقطير تُستخدم في صنع المنتجات العطرية المختلفة.
وفي الأعوام الماضية كان موسم الربيع يُتوَّج بمهرجان الورد، الذي يشهد إقبالًا كبيرًا من الزائرين، ويستعرض منتجات الورد المحلية، بما في ذلك العطور الزكية والأكاليل، بالإضافة إلى ماء الورد ودهنه.

 

زهورٌ وبلابل صادحة

في المنطقة الشرقية، تزهو ألوان الربيع وتشحب بحسب غزارة موسم الأمطار في الشتاء، فإذا ما جادت السماء، تكتسي مناطق متفرقة من الرمال بالعشب الأخضر، وتزدان الصحراء بأنواع بديعة من الزهور.
كما يتميَّز الموسم الربيعي في المناطق الزراعية وأماكن توفر الماء بتغاريد الطيور الصادحة، ومن أبرزها طائر البُلبُل الذي يحظى بمكانة خاصة في الأحساء والقطيف، حيث تكون الأجواء المعتدلة مناسبة لتكاثر هذه الطيور، وهو ما يُغري كثيرين باقتناص أعشاشها، في ظاهرة تشكِّل خطرًا محدقًا بها.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge