قد يعتقد بعضنا أن دور الأب يقتصر على توفير الاحتياجات الضرورية للأُسرة، من ملبس ومأكل ومشرب وهدايا وغيرها، لكن في الحقيقة فإن دور الأب يتكامل مع دور الأم لتحقيق التربية السليمة.
ويلعب الوالدان دورًا في غاية الأهمية في حياة أبنائهم، من حيث المساعدة على تطويرهم وتوفير البيئة المناسبة لنشأتهم، وتقديم الإرشادات النافعة لهم. ولا بُد من إدراك أهمية دور الوالدين في تسيير دفة الحياة، ومدى تأثير ذلك على تربية الأبناء من جميع الجوانب، سواء النفسية أو الاجتماعية أو المادية.
إلى جانب ذلك، من المهم معرفة كيفية تعزيز الروابط بين الوالدين والأبناء، لكي لا يصبح التواصل بين الطرفين خاليًا من المشاعر والعواطف. وفي هذا الشأن، يجب التطرق إلى مفهوم العقاب، الذي قد يحتاج أن يمارسه الأبوان مع أبنائهما حينما يقعون في الخطأ، وأفضل الطرق السليمة للعقاب.
أنواع العقوبة
هناك عدة طرق للعقاب يجب أن يعلمها الوالدان ليستخدماها كبديل عن الضرب، فالعقوبات درجات، تبدأ من الكف عن التشجيع، فهو في حد ذاته عقوبة للطفل، إذا كان قد تعوَّد أن يتلقى التشجيع من قبل.
وهناك أيضًا إعلان عدم الرضا، والعبوس وتقطيب الجبين، والإعراض المؤقت، بشرط أن يمارسا تلك الوسائل بطريقة غير مبالغ فيها، حيث من الممكن أن يعتاد الأبناء على هذا النوع من العقاب فلا يعود مؤثرًا فيهم.
ومن أنواع العقوبة الحرمان من الامتيازات، بحيث يُدرك الأبناء أن وقوعهم في الخطأ يعني حرمانهم من مصروفهم الشخصي، أو من الخروج مع أصدقائهم، أو من مشاهدة برامجهم المفضلة، أو من استخدام الكمبيوتر وألعاب الفيديو.
كما يجب تجنُّب أسوأ أنواع العقاب، وهو العقاب النفسي، كالسخرية والاستهزاء والتهميش، فهذا النوع ليس له مردود إيجابي إطلاقًا، بل على العكس، كثيرًا ما يترك آثارًا غير محمودة يعاني منها الطفل طوال حياته، وقد يؤدي إلى نزع مودة الوالدين واحترامهما من قلوب أبنائهما.
مراعاة الفروق الفردية
ومن الأهمية بمكان ونحن نتطرَّق للعقاب وأنواعه أن يضع الأبوان في حُسبانهما الفروق الفردية بين الأطفال، فهناك طفلٌ تضيق به الدنيا إذا وجَّه له والداه نظرة عتاب، أو أعرضا عنه، وآخرٌ يتألم إذا عبس والداه في وجهه، وثالثٌ قد يحتاج إلى أنواع أشدَّ من العقاب.
لذا، يجب على الأبوين أن يتدرَّجا في العقوبة، وألَّا يتركا الطرق الأخف وطأة التي تنفع مع ابنهما، ويلجآ إلى سواها من العقوبات الأقسى، فالعقوبة يجب ألَّا تتجاوز المقدار المطلوب، والزيادة فيها كالنقصان قد تضرُّ بالطفل.
الغاية من العقوبة
لا تحاولا أبدًا أن تبالغا في معاقبة أبنائكما، ولا تساوِيا في العقاب بين ذنب صغير وجرم كبير، حتى لا تضطرب المفاهيم عند طفلكما.
كما يجب أن تُعلما الطفل بالذنب الذي تعاقبانه من أجله، وتوضحا له عدالة العقوبة الموقعة عليه. وإذا رأيتما أن أحد أطفالكما قد أخطأ وحاول إصلاح خطئه في السر، فلا تفضحاه أو تشهرا به، وساعداه على تصحيح خطئه.
وينبغي التذكير بأن توقف الطفل عن السلوك السلبي يُعدُّ في حد ذاته سلوكًا إيجابيًا يجب أن نكافئه عليه، ونشجعه على الاستمرار في النهج نفسه.
كما يجب أن تساعدا أبناءكما على تناسي أخطاء الماضي وعدم تذكيرهما بها، فإذا وقع أحدهما في خطأ كبير أو صغير في مرحلة ما من مراحل حياته ثم أقلع عنه، فيجب علينا أن ننسى ذلك الخطأ، بل ونساعده على أن ينساه.
إن مراعاة هذه الأمور تُسهم في تحقيق الغاية من العقوبة وهي مساعدة الأطفال على ترك التصرفات الخاطئة، دون أن يكون العقاب غاية في حد ذاته.
وتذكر جيدًا عزيزي الأب وعزيزتي الأم أن لا تخبرا أبناءكما في ثورة غضبكما أنكما لا تحبانهم، وإياكما أن تحوِّلا وسيلة العقاب إلى طريقة للإذلال، فما العقاب إلا وسيلة تربية، فإذا لم يتحقَّق من ورائه الهدف التربوي المقصود فهذا يعني فشل أسلوب العقاب.