في مؤتمر أسبوع الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا..
كبير الإداريين التقنيين يناقش الخيارات العملية لإنتاج الطاقة منخفضة الكربون
خلال الأسبوع الماضي، اجتمع الخبراء الدوليون من جميع أنحاء سلسلة القيمة في مجال الطاقة بشكل افتراضي في مؤتمر «أسبوع الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا»، لدفع عجلة صناعة الطاقة منخفضة الكربون إلى الأمام.
وعرقلت جائحة كوفيد-19 أعمال قطاع الطاقة، مما أدى إلى دفع أهداف عجلة التنمية المستدامة في العالم إلى لحظة فارقة، وكان فكر أصحاب النظرة المستقبلية في مجال الطاقة في المؤتمر واضحًا ومتعاونًا على حد سواء.
وشارك كبير الإداريين التقنيين في أرامكو السعودية، الأستاذ أحمد الخويطر، إلى جانب قادة مؤثرين في مجال الطاقة خلال حلقة النقاش، وقدَّم رسالة مؤثرة حول الواقع العملي لإزالة الكربون من أنظمة الطاقة في العالم.
كما سُلِّط الضوء باستمرار على الهيدروجين، العنصر الأخف وزنًا والأكثر وفرة على كوكبنا، خلال محادثات الخبراء حول وتيرة انتقال الطاقة، ومزيجها المحتمل في المستقبل، كعامل تمكين رئيس لمستقبل أكثر استدامة.
تأثير كبير من الإجراءات العملية الحالية
وفي الوقت الذي شقَّ فيه الحديث عن الهيدروجين طريقه بشكل مثير عبر التفكير الإيجابي في المؤتمر الافتراضي، الذي دام ثلاثة أيام، أوضح الخويطر أن استبدال نظام الطاقة العالمي، الذي يعتمد بكثافة على رأس المال، يتطلب وقتًا واستثمارًا كبيرين.
وأكَّد الخويطر أهمية الاستفادة من الهيدروجين بوصفه ناقلًا مهمًا للطاقة منخفضة الكربون في مجال الاستدامة، مشيرًا إلى أن بناء نظام طاقة جديد كبير مثل النظام القائم حاليًا هو مشروع ضخم.
وقال الخويطر إنه لا ينبغي استباق الأحداث بالقول إننا سنصل إلى ذلك النظام الجديد في غضون 30 عامًا، لكن التركيز على الحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة الحالي، على المدى القصير إلى المتوسط، سيؤتي ثماره بكل تأكيد.
وأشار الخويطر إلى إمكانية الحد من إجمالي الانبعاثات في جميع أنحاء العالم باستخدام التقنية الحالية، وقال: «إن هذا يمكن أن يكون له تأثير فوري، ويحد من الانبعاثات على مستوى العالم على نطاق واسع للغاية».
وأضاف قائلًا:
«لا أريد أن استبق الأمور الجيدة التي نقوم بها في قطاع الطاقة التقليدية، وأقول إننا سنستبدل كل شيء بالأمونيا الزرقاء».
الهيدروجين لطاقة بانبعاثات أقل
ويُعدُّ الهيدروجين أحد المكونات الرئيسة للنفط والغاز، وهو ناقل طاقة نظيف ومنخفض التكلفة للاستخدام في توليد الطاقة، وحركة النقل على الطرق.
وقال الخويطر إنه كان أمرًا مثيرًا للاهتمام أن ترى ناقلًا جديدًا للطاقة يندمج في نظام الطاقة التقليدي القائم على الكربون.
وأضاف الخويطر: «إنها فكرة الجمع بطريقة انتقالية بين الهيدروجين الأزرق والأخضر، والمواد الهيدروكربونية التقليدية، وعالم الطاقة الجديدة».
وإضافة إلى أنها المنتج العالمي الرائد للنفط والغاز من أكبر المكامن العالمية، تملك أرامكو السعودية البنية الرئيسة الضخمة اللازمة للإنتاج الآمن والوفير من الهيدروجين وتشغِّلها.
وأوضح الخويطر أن الشركة كانت تنظر إلى الجدوى الاقتصادية لإمداد الهيدروجين على نطاق واسع، مشيرًا إلى أنه لابد من تعزيز البنية التحتية الحالية قدر الإمكان.
وقال الخويطر: «نُجري أبحاثًا كثيرة؛ وببساطة فإننا ننظر إلى السلسلة كاملة، من الإنتاج إلى النقل، وهو ما يمثِّل تحديًا كبيرًا».
نقل الهيدروجين
وعلى غرار أي غاز، يشغل الهيدروجين مساحة كبيرة، وحتى يمكن تخزينه ونقله بفاعلية وكفاءة، فلا بد من تقليص حجمه عبر تحويله إلى سائل أو ضغطه.
وقال الخويطر إن القدرة على نقل الهيدروجين هي أمر رائع، «فبدلًا من إنتاجه واستهلاكه في الموقع نفسه، ما نراه الآن للمرة الأولى هو أن الهيدروجين قد أصبح سلعة قابلة للتداول التجاري».
وأوضح الخويطر أن التوصل إلى الهيدروجين الأزرق ممكنٌ عبر معالجة النفط والغاز، قائلًا: «لدينا بالفعل معظم إنتاج الهيدروجين، وما نحتاج لفعله هو إضافة استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، الذي أصبح متاحًا في ظل توافر التقنيات اليوم».
تأثير الجائحة على تحول قطاع الطاقة
وتُشير الدلائل إلى أن كوفيد-19 قد خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ولكن توقف النمو الاقتصادي على هذا النحو ليس إستراتيجية واقعية لتحويل نظام الطاقة العالمي إلى نظام آخر.
وعلى الرغم من ذلك، ولأن الأيام العصيبة تكشف عن أفضل ما لدى الإنسان، فإن تعطل الأعمال الذي سببتها الجائحة وقدرتها المستمرة على الصمود، جعل العالم على ما يبدو يفكر بصورة أكثر وضوحًا في استدامة الطاقة.
إن إمداد طاقة نظيفة منخفضة التكلفة وموثوقة هو تحد مشترك لعالمنا، إلا أنه لا يوجد حل واحد أو بسيط لنزع الكربون من أنظمة الطاقة في العالم.
وسيستمر العالم بالاعتماد على النفط الخام، باعتباره أحد المكونات الرئيسة للحياة الحديثة، لتوفير الطاقة ومواد البناء والمواد المنزلية، والمستلزمات الشخصية مثل قماش الملابس.
إن قطاع النفط هو جزء مهم من الحل لتحقيق الأهداف المناخية لاتفاقية باريس.
جديرٌ بالذكر، أن شركة (سيمنس إنرجي) استضافت المؤتمر، كما شارك في جلسة النقاش، إلى جانب الخويطر، معالي وزير الطاقة في المغرب، الأستاذ عزيز الرباح، ورئيس سياسة الطاقة الألماني، السيد ثورستون هيردن، والرئيس التنفيذي لشركة مبادلة لصناعة الطيران، الأستاذ بدر العلامة، ونائب الرئيس التنفيذي لقسم أعمال الطاقة الجديدة في شركة سيمنس، السيد أرمين شنتلر.
الأمونيا.. مصدرٌ واعد للطاقة منخفضة الكربون
خلال الشهر الماضي، شحنت أرامكو السعودية إلى اليابان مصدر وقود جديد وأنظف لتوليد الكهرباء، موجهة بذلك رسالةً قوية منها للعالم عن التحول الذي سيشهده قطاع الطاقة في كوكبنا.
وتهدف الشحنة، التي تحمل 40 طنًا، إلى توليد طاقة عديمة الكربون في إحدى محطات الطاقة في اليابان.
ويُظهر ذلك أن الأمونيا قد تكون سلعة رئيسة واعدة لطاقة خالية من الكربون.
ووصف الخويطر أرامكو السعودية بأنها تحدد المسار للآخرين، عبر استثمارها في نقل الطاقة منزوعة الكربون باستخدام الهيدروجين.
وقال الخويطر: «أخذنا الغاز الطبيعي وحوَّلناه إلى أمونيا، واحتجزنا ثاني أكسيد الكربون واستخدمناه في مشروعنا لاستخلاص النفط المحسَّن في حقل العثمانية، وبذلك نقلنا ما يُسمى بالأمونيا الزرقاء، وهي أمونيا منخفضة الانبعاثات الكربونية، إلى اليابان لاستخدامها في توليد الطاقة».
وأضاف الخويطر: «بمجرد نزع الكربون من الهيدروجين، لا يوجد أي فرق فعليًا بين ما إذا كان أخضرًا أم أزرقًا».
ومنذ عام 2014م، تعمل اليابان للوصول إلى مجتمع يعتمد على الهيدروجين حتى يمكنها إنشاء قطاع طاقة أكثر استدامة.