بقلم يناير 28, 2024
تعكف أرامكو منذ سنوات عديدة على جمع بيانات المحيطات، وبفضل الرقمنة، تُستخدم هذه البيانات اليوم لفهم أنظمتنا البحرية، وتسهم في المحافظة عليها بنحو أفضل مما كان في السابق.
مركز المعرفة

رسم خرائط المحيطات بهدف التعاون
قبل الشروع في أي مشاريع بحرية، ترسل أرامكو مختصين لجمع بيانات حول البيئة المحلية المحيطة بالموقع المختار لإنشاء أعمالها، ومن ثمّ يتم تحليل هذه البيانات بهدف تحديد الآثار المحتملة لتلك الأنشطة. وتغطي هذه المعلومات البيانات الطبيعية، مثل: درجة حرارة مياه البحر، والعكارة والملوحة، وسرعات الرياح وحركة المد والجزر، والتيارات البحرية. كما يتم جمع بيانات حول الموائل والتنوّع البيئي، وعند جمعها، تزودونا هذه البيانات معلومات مهمة جدًا حول الحالة البيئية لمنطقة معينة في المحيط، وكيف يمكن أن يؤثر عليها المشروع أو العمل المقترح.لكن ثمة غرض جديد لهذه البيانات الضخمة التي نمتلكها، وهو: تغذية منصة بيانات المحيطات.

قوة البيانات في حماية المحيطات
تمتلك أرامكو سجلًا ثريًا من التعاون مع الباحثين البحريين، بما في ذلك علاقة طويلة الأمد مع مركز البيئة والدراسات البحرية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وقد ساعدنا هذا التعاون في مراقبة البيئات البحرية على مدى أكثر من 50 عامًا، كما أتاح لنا تتبع التغيرات في الموائل، مثل عدد الشعاب المرجانية في الخليج، وفي العادة تسبب درجات حرارة سطح البحر المرتفعة ابيضاض الشعاب المرجانية على نطاق واسع. وبفضل مجموعات البيانات التي جُمعت خلال مدة طويلة من تسجيل التغيرات في هذا النظام البيئي، تمكّنا من اتخاذ الإجراءات التي شملت إنشاء شعاب مرجانية اصطناعية.كما درست أرامكو السعودية على مدى عقود عديدة وبعناية شديدة الآثار المفترضة لتلوث بحري من خلال مراقبة محتويات المعادن الثقيلة التي تُقاس في محارات البحر والأسماك الصدفية. وفي 2011م، نشرنا كتابًا بعنوان "الأطلس البحري في غرب الخليج العربي"، وهو عبارة عن دراسة تفصيلية للموائل البحرية والساحلية السعودية على الخليج العربي، وذلك إيمانًا بأنه لكي تحمي الموارد الطبيعية، يجب أن تعلم ما هو موجود بالأساس.

خبراء بتقنيات حديثة
في السابق، كان الغواصون هم من يجمعون البيانات البحرية بطرق تحفها المخاطر وتستغرق في العادة وقتًا طويلًا. والآن، بفضل التقنيات المبتكرة تحسنت تجربة أرامكو وخبراتها في جمع بيانات المحيطات، وبفضل مركز أرامكو السعودية لبحوث البيئة البحرية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، تقوم الغواصات ذاتية التحكم بجمع البيانات من المحيط وإرسالها إلى قمر صناعي مباشرة. كما تضطلع التقنيات الحديثة بأدوارها بمجرد حصولها على البيانات، حيث يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تصفية هذه البيانات وتحليلها بدقة وفاعلية أكبر.
مشاركة معلوماتنا مع العالم
وافقت أرامكو مؤخرًا على التعاون مع "هب أوشن" بحيث يمكن مشاركة بياناتها البحرية الخاصة والمتعلقة بالبحر الأحمر والخليج العربي مع العالم من خلال منصة بيانات المحيطات. وتهدف المنصة العالمية مفتوحة المصدر إلى تجميع مصادر متعددة للبيانات عن المحيطات في قاعدة بيانات واحدة، لتوفير أدوات جديدة قائمة على البيانات للعلماء، والقطاع، والمشرّعين في كل مكان.
وتمثل البيانات البحرية القيّمة التابعة لأرامكو إضافة حقيقة بمجرد رفعها بالكامل على منصة بيانات المحيطات، إذ ستسهم في إفادة المجتمع العلمي الدولي من خلال طريقتين رئيستين. أولًا، ستشكل إضافة إلى إجمالي المعرفة المتوفرة بشأن المحيطات، لا سيما كيفية تأثرها بسبب التغير المناخي في مناطق مختلفة من العالم.
ثانيًا، تتعلق بيانات أرامكو الخاصة ببعض المبادرات البيئية - مثل مشاريعها المستمرة لحماية الأنظمة البيئية لأشجار المانغروف والشعب المرجانية – وهو ما يمنحها ميزة المساهمة في وضع معايير جديدة لدعم المحيطات من شأنها أن تساعد في إرشاد العلماء والمنظمات البيئية إلى تنفيذ مشاريع مشابهة في أجزاء مختلفة من العالم. ويؤدي توفّر المزيد من البيانات إلى تحليلات أكثر دقة واتخاذ قرارات مدروسة.

تحديات بحاجة لجهود عالمية
إن حماية المحيطات من أثر التغير المناخي هو تحدٍ عالمي، ولمواجهته، يحتاج إلى حلول عالمية حقيقية. ويمكن الآن مشاركة المعلومات البحرية التي دأبت أرامكو على جمعها لأكثر من خمسة عقود مع الآخرين من خلال منصة بيانات المحيطات، وهي خطوة متقدمة نحو حل عالمي يهدف إلى المساعدة في حماية محيطاتنا.ونؤمن أن تحالفنا مع "هب أوشن" فرصة مناسبة، يمكن للناس من خلالها التعاون لزيادة الوعي وإيجاد الحلول للحفاظ على صحة محيطاتنا. 'المحيطات هي ملك للجميع' هذه هي الرسالة الرئيسة لهذا التعاون الجديد في مجال بيانات المحيطات، وأننا أقوى ونملك تأثيرًا أكبر عندما نتعاون.