كيف تمكنت أرامكو من استخدام جيل جديد من الأقمار الصناعية في مجال الاتصالات ورصد الأرض والدخول في شراكات جديدة واعدة لمساعدتها على التوسع السريع في قدراتها الفضائية.
ومع ذلك، فإن بعض مرافق أرامكو بعيدة جدًا بحيث يتعذَّر تمديد كابلات الألياف الضوئية أو تركيب أبراج اتصالات خلوية من الجيل الخامس؛ وهو ما يشكل تحديًا فيما يتعلق بنقل البيانات. وعلى سبيل المثال، فإن آبارنا غالبًا ما تكون في صحارٍ معزولة تبعد آلاف الكيلومترات عن أقرب مركز مراقبة.
ولهذا السبب، نستخدم الأقمار الصناعية لتوفير إمكانية الاتصال في المناطق النائية، ما يتيح نقل البيانات والاتصالات الصوتية والمراقبة الآنية لأصول الشركة وأعمالها.
تطور استخدام الأقمار الصناعية في أرامكو
وفي عام 2005، بدأنا باستخدام صور الأقمار الصناعية لتطبيقات نظام المعلومات الجغرافية، مثل المسح الجغرافي التفصيلي ورسم الخرائط. وفي العام نفسه، أنشأنا أحدث مركز للتوجيه الأرضي المتقدم في مقر الشركة في الظهران، يستخدم الأقمار الصناعية لجمع وبث بيانات آنية عن الحفر وقاع الآبار من أجهزة الحفر التي توجد غالبًا على بعد مئات الكيلومترات من هذا المركز. وبعد ذلك، يقوم فرق عمل من الخبراء لدينا بتحليل البيانات المنقولة، وهو ما يتيح لهم اتخاذ قرارات أسرع بشأن كيفية تحديد مواقع آبار الشركة، ومن ثَمَّ تحسين إنتاجية الآبار وخفض تكاليف التطوير.
وفي عام 2006، أنشأنا بوابتين للأقمار الصناعية، أو محطتين أرضيتين، للعمل حلقة وصل بين شبكة الشركة ومحطات الاتصال الطرفية عبر الأقمار الصناعية (VSAT) المنتشرة الآن بين أجهزة الحفر والسفن والمنصات البحرية التابعة لأرامكو. واليوم، ترتبط معظم مواقع الشركة النائية بشبكة اتصالات (VSAT) واسعة تستخدم أقمارًا صناعية موضوعة في مواقع ثابتة على ارتفاع يقارب 36 ألف كيلومتر من سطح الأرض. ونستخدم الأقمار الصناعية الثابتة بالنسبة إلى الأرض لنقل البيانات إلى المحطات الأرضية ومنها.
وفي عام 2019، استخدمنا بيانات الأقمار الصناعية الجغرافية والخاصة بتحديد المواقع، لتطوير تطبيق للملاحة يجمع بين البيانات المتوفرة تجاريًا وبين بيانات رسم الخرائط الخاصة بنا؛ لتزويد العاملين باتجاهات موثوقة لمواقع الشركة ومرافقها ومكامنها. وفي ظل ما يوفره تطبيق "خدمات الملاحة" من مساعدة للسائقين على الالتزام بطرق الشركة المحددة واتباع المسارات المُثلى، فقد أصبح له أثرٌ إيجابيٌّ على سلامة موظفي الشركة، وتقليص تكلفة الأعمال الميدانية، فضلًا عن أثره على البيئة المحلية.
جيل جديد من الأقمار الصناعية
وعلى مرِّ السنين، واصلنا توسيع قدراتنا في مجال الاتصالات عبر الأقمار الصناعية لتشمل المزيد من المنصات البحرية ومواقع الحفر والتنقيب البعيدة. ومن عام 2024، بدأت الشبكة تغطي نحو 400 منصة برية وبحرية متنقلة لا تتوفر لها أي وسيلة اتصال مضمونة سوى الاتصالات الفضائية.
ولزيادة قدرات الأقمار الصناعية لدينا، نسعى إلى البدء في استخدام الأقمار الصناعية التي تعمل في المدار الأرضي المنخفض، وهو جيل جديد من الأقمار الصناعية التي يمكنها إرسال كميات كبيرة من البيانات في فترة أقصر مقارنة بالأقمار الصناعية المتمركزة في موقع ثابت بالنسبة للأرض. وما يجعل هذا الأمر ممكنًا هو قربها من سطح الأرض بمسافة تصل في بعض الأحيان إلى 160 كيلومترًا.
كما يمكن أن توفر الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض نطاقًا تردديًا أعلى مع إمكانية دعم شبكات الاتصال بتقنية الجيل الخامس وتوسيع نطاقها، بما يتيح لها القيام بدورٍ كان سيتطلب توسيع نطاق شبكات أبراج الاتصالات الخلوية في حال عدم استخدام هذه الأقمار الصناعية. وعلاوة على ذلك، فإن قدرتها على نقل البيانات سريعًا تجعل منها خيارًا مثاليًا لاستخداماتنا ذات الطبيعة الحساسة للوقت، مثل المراقبة الآنية لآبار النفط والغاز والاستجابة لحالات الطوارئ في المناطق النائية.
ونظرًا لأن الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض لديها القدرة على تحقيق فوائد متعددة للشركة، فإننا نعمل على توظيفها في أعمالنا من خلال شراكات استراتيجية.
شراكاتنا
في عام 2021م، عقدت أرامكو شراكة مع مُشغّل الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض، شركة "إيرباص ون ويب ساتالايتس" ومقرها المملكة المتحدة، التي أطلقت أقمارًا صناعية أول مرة في عام 2019، ولديها الآن أكثر من 600 قمر صناعي في المدار. وقد أجرينا معها مشروعًا تجريبيًا باستخدام أقمار صناعية في مدار أرضي منخفض لتوصيل محطة أساس خلوية من الجيل الخامس بغرض توفير وسيلة اتصال بالعمال في موقع بعيد.
وفي عام 2023، أطلقنا شراكة مع شركة "جي إتش جي سات" في مونتريال، التي تعمل على رصد الانبعاثات، من أجل استخدام شبكة أقمارها الصناعية القادرة على رصد وتحديد كميات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري من مصادر صغيرة مثل آبار النفط والغاز المنفردة. وبدءًا من عام 2024، شرعنا في الاستفادة من الأقمار الصناعية (التي تُدعى بالمنظومة) التابعة لهذه الشركة، والتي سيتمكن المهندسون والمختصون لدينا من استخدامها لرصد انبعاثات من مواقع أعمالنا في المملكة، ولبلورة تصوُّر دقيق حول مصادر هذه الانبعاثات بمستوى جديد من التفاصيل والدقة.
وقد استثمرت الشركة من خلال شركتها التابعة، ممثلة في صندوق واعد فنتشرز، في شركة "أو كيو تكنولوجي"، وهي شركة ناشئة يتركز نشاطها على تطوير مجموعة من الأقمار الصناعية لتوفير تغطية عالمية من الجيل الخامس لشبكة إنترنت الأشياء، وذلك من خلال نقل بيانات أجهزة الاستشعار من أي نقطة في العالم، بما في ذلك المناطق النائية والمعزولة. وفي دراسة تجريبية أجريت في حقولنا عام 2021، نجحت شركة "أو كيو تكنولوجي" في نقل بيانات أجهزة الاستشعار، مثل درجة الحرارة والرطوبة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من فوهة بئر نفطية في حقل بعيد إلى مقرنا الرئيس.
التوسع في استخدامات الأقمار الصناعية
تواصل الشركة تعزيز قدراتها في مجال الفضاء من خلال استكشاف إمكانية الجمع بين بث البيانات المتقدمة من الأقمار الصناعية وأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، تدرس الشركة استخدام صور الأقمار الصناعية عالية الدقة من أجل مراقبة أكثر دقة لبنيتها التحتية، وخطوط أنابيبها، ومرافقها المنتشرة عبر مناطق شاسعة تقع داخل تضاريس قاسية في كثير من الأحيان. وبمجرد جمع صور الأقمار الصناعية عالية الدقة ونقل البيانات بشكل أسرع، يمكن استخدام التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي للكشف عن التغيرات في البنية التحتية أو الظروف البيئية، ومن ثَمَّ، التنبؤ بالصيانة الضرورية وتوقيتها المناسب، وتسهيل إجراء الصيانة الاستباقية، وتمكين إدارة المخاطر بشكل أكثر كفاءة.
وتشمل الاستخدامات المحتملة الأخرى الكشف عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الأقمار الصناعية بغرض رصد مصدر انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والكشف عنه.
ومع استمرارنا في إحراز تقدم في استخدام تقنية الاتصالات الفضائية، فإن فوائدها لن تقتصر على تعزيز موثوقية أعمالنا التشغيلية وكفاءتنا فحسب، بل سيكون لها أيضًا تأثيرٌ واضحٌ على قطاع الاتصالات الفضائية المتنامي في المملكة وتحقيق تطلعاته للقيام بدور بارز وفعَّال في قطاع الفضاء العالمي.