أرامكو السعودية على عرش المنارات الصناعية العالمية بفضل تبنّي التحوّل الرقمي
المستقبل المُزدهر الذي تُحققه تقنيات الثورة الصناعية الرابعة
تم اعتماد ثلاثة من منشآت أرامكو وإضافتها إلى قائمة المنارات العالمية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF). يتجلى في مناطق مثل بقيق وخريص والعثمانية، المستقبل المُزدهر الذي تُحققه تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
- مجلة عناصر
- التقنية
يمثّل إدراج منشأة بقيق – وهي إحدى منشآت أرامكو السعودية النموذجية في تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة – ضمن "قائمة المنتدى الاقتصادي العالمي للمنارات الصناعية الرائدة على مستوى العالم" نجاحًا جديدًا يستحق الفخر، كما يُعدّ برهانًا على نجاح العمل الجاد والإستراتيجيات التي رُسمت؛ لتبنّي أرامكو السعودية للتقنيات كعامل حاسمٍ في إحداث نقلة نوعية في أساليب ممارستها لأعمالها.
أصبحت بقيق اليوم، أحدث منشآتنا التي تحظى بهذا التكريم العالمي، فقد سبق وأن أثمرت جهودنا في إدراج اثنتين من منشآتنا هما: معمل غاز العثمانية، وحقل خريص. ففي الوقت الذي منحَنا فيه معمل العثمانية شرف أول شركة على مستوى العالم في قطاع النفط والغاز تنضم إلى قائمة "المنارات الصناعية"، والأولى على مستوى الشرق الأوسط التي يكرّمها المنتدى الاقتصادي العالمي؛ منحَنا خريص أيضًا وسام شرف التحدي لدخوله نفس القائمة.
قيادة الطريق
تمّ إدراج العثمانية ضمن القائمة العالمية لتطبيقه أحدث الحلول التقنية التي تعزّز الكفاءة التصنيعية وتحسّن مستويات البيئة والسلامة والموثوقية في مرافقنا، بينما اختير خريص كأكبر حقل نفط ذكي في العالم بفضل تسخيره للتقنية المتقدمة في تحليلات البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، وأجهزة الاستشعار الذكية والروبوتات.
لقد برهن ذلك قدرة أرامكو السعودية على تحقيق أكبر الإنجازات العالمية في ظل أصعب التحدّيات. فأرامكو السعودية لا تزال حتى اليوم، الشركة الوحيدة من بين شركات الطاقة العالمية الكبرى التي أُدرجت منشآتها ضمن قائمة المنارات الصناعية، وهذا دليل آخر على التزام أرامكو السعودية بتطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مهما تقدّمت حركة التحوّل الرقمي أو تسارعت وتيرتها.
إن منشأة بقيق تلعب دورًا محوريًا في أرامكو السعودية، فهي قلب أعمالنا النابض، والمكان الذي تجري فيه عمليات تركيز 50% من إنتاجنا اليومي للنفط. في بقيق أيضًا تتمّ معالجة أنواع مختلفة من النفط الخام الذي يرِدُ إليها من حقول نفطنا في جميع أنحاء المملكة، لتُجهّز قبل نقلها وتصديرها وتكريرها.
شهدت عملية التحوّل الرقمي لهذا المرفق وتحديثه تحدّيات فريدة من نوعها، بسبب حجمه الذي لا يُضاهى عالميًا، وعمره المديد. غير أن ما تمّ من تسخير لقوة البيانات الضخمة، وأدوات التحليل والأتمتة، أعادت هذا الحقل الذي يتجاوز عمره أكثر من 70 عامًا فتيًا، يواكب حقبة رقمنة عمليات التصنيع، بل ويتفوّق على نظرائه عالميًا في تمكّنه من الابتكار والازدهار في التحوّل الرقمي.
تأثير مُذهل
بدأنا في جني ثمارِ غرسنا في مجال التحوّل الرقمي بالفعل، فقد تم خفض استخدام الطاقة لكل برميل من النفط المعالج بنسبة 14.5 %، وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 3.8 %، وأسهم في خفض تكاليف الصيانة غير المجدولة بنسبة 20%.
لقد أحدث التحوّل الرقمي تأثيرًا على مجمل أعمال منشأة بقيق، بيد أن ثلاثة تحولات كان لها عظيم الأثر:
أولًا، أسهم استخدام الروبوتات، والطائرات المسيرة الذكية المزوّدة بكاميرات وأجهزة تصوير حراري وأجهزة للكشف عن الغازات، في تقليل الاعتماد على جولات التفتيش الميدانية التقليدية، مما أدى إلى تحسين كفاءة فُرق أعمالنا، وسلامتهم، وعلى قدرتهم على اتخاذ القرار. في الواقع، تؤدي الروبوتات والطائرات المسيرة الآن 30%من بنود قائمة أعمالنا الروتينية.
ثانيًا، مكّننا إدخال تقنيات تعليم الآلات والخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، من إجراء ضبط رقمي استباقي مستمر لعملية تركيز النفط الخام، والذي أسهم بدوره في تحسين مستوى الأداء وانتظام جودة المنتجات، مما أدى إلى زيادة بنسبة 4.5 % في أداء توليد الطاقة منذ عام 2019م، والذي تم توزيعه في النهاية على المستوى المحلي، وكذلك خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ثالثًا، تمكّن مهندسونا من خلال استخدام البيانات، وأدوات التحليل والنمذجة التنبّؤية، من التنبّؤ بالمشكلات والأعطال المحتملة للنظام على نحوٍ أكثر فاعلية، مما أدى إلى تعزيز الأداء والكفاءة. فعلى سبيل المثال، حقّق هذا النهج القائم على البيانات انخفاضًا في معدل حرق الغاز في شعلات المعمل بنسبة 3.6% منذ عام 2019م.
إطلاق العنان للمواهب
قد يتبادر إلى ذهن البعض، أن تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة يشكّل تهديدًا للوظائف، إلا أننا في أرامكو السعودية، نرى أنها فرصة هائلة من شأنها أن تعفي موظفينا من القيام بمهمات مملة أو خطرة، ومن جانب آخر ، تمكّنهم من توسيع معارفهم العلمية وتطوير مهاراتهم الحالية، إذ أصبح بوسعنا اليوم تدريب مفتشي السلامة في الشركة على قيادة الطائرات المسيرة وعلى البرمجة، لكي يتمكّنوا من برمجة مسارات جديدة، وتوجيه الطائرات المسيرة عند الحاجة، والاستفادة من خبراتهم المتراكمة في اكتشاف مواطن الخلل المحتملة بطريقة أكثر سلامةً وكفاءة باستخدام البيانات التي تم جمعها.
إن النجاح في تنفيذ التحوّل الرقمي على نطاق واسع، يتطلب التزامًا كبيرًا بالتعليم والتدريب، وهو ما تقوم به أرامكو السعودية من خلال عددٍ من المبادرات، من بينها التدريب المُقدّم داخل الشركة لتزويد الموظفين بالمعارف والمهارات اللازمة للاستفادة التامة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وصقل مهاراتهم من خلال دورات خارجية في معاهد متقدمة عالميًا، وابتعاثهم لنيل الماجستير بشكلٍ خاص في مجال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. لدينا أيضًا شراكات بحثية وبرامج مختلفة مع عدد من الجامعات المحلية. فضلًا عن ذلك يقدّم مركز الثورة الصناعية الرابعة التابع للشركة الدعم لجميع قطاعات أعمالها.
لدينًا أيضًا مركزٌ متكاملٌ لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في بقيق، أنشأناه بهدف تعزيز التبادل المعرفي بين مختلف التخصصات والإدارة الداخلية – واستغلال الفرص التي يتيحها هذا المركز قدر الإمكان.
* تم نشر المقال في جريدة الجزيرة يوم الإثنين 18 أكتوبر 2021م