اختار اللغة

إثر تقاعده من العمل في الشركة وتكريمه

جمعان الزهراني يستعرض 45 عامًا من مسيرة عطائه وقيادته في أرامكو السعودية

عالمي

الأستاذ جمعان الزهراني يتسلم هدية تذكارية من المهندس أمين الناصر في حفل تقاعده، الذي حضره، رئيس قطاع التنقيب والإنتاج، الأستاذ ناصر النعيمي (إلى اليسار) والنائب التنفيذي للرئيس في قطاع التنقيب والإنتاج لأعمال الغاز، الأستاذ عبدالكريم الغامدي (إلى اليمين).

روح الريادة

على مدى مسيرته المهنية التي امتدت لـ 45 عامًا في أرامكو السعودية، قدم الأستاذ جمعان الزهراني خلالها تفانيًا استثنائيًا، وضرب نموذجًا للقيادة التي تصنع التحول في الأوقات الحساسة. ومع توسّع الشركة في إنتاج الغاز لتلبية الاحتياج المتزايد للطاقة في المملكة، تولى الزهراني أدوار الإشراف والإدارة والقيادة في عدد من أكبر معامل الغاز في أرامكو السعودية، مسهمًا بدور كبير في تمكين الشركة من التوسّع في إنتاج الغاز.

ولم يكن العمل في أرامكو السعودية مجرد وظيفة بالنسبة للزهراني، الذي تقاعد من منصب النائب الأعلى للرئيس لأعمال الغاز في منطقة الأعمال الشمالية في الأول من أبريل 2025م، بل كان يرى في عمله فرصة للإسهام في تحسين جودة الحياة للمواطنين السعوديين وسكان العالم، ودعم نمو اقتصاد المملكة وازدهارها.

وقال الزهراني: «حين انضممت إلى أرامكو السعودية كانت الشركة أبسط بكثير. وكان لدينا سمعة طيبة في مجال النفط، لكن إنتاجنا من الغاز كان محدودًا للغاية. 

وأضاف: «حين أعود الآن إلى قريتي أرى الناس ينعمون بالكهرباء والإنترنت، ويتمتعون بحياة سعيدة. لقد ساعدَت أرامكو السعودية في توفير الطاقة لتحسين جودة الحياة، ليس فقط في المملكة، بل في أنحاء شتى من العالم.»
بدأ الزهراني مسيرته في أرامكو السعودية عام 1980م كطالب في مركز التدريب الصناعي بعمر 17 عامًا. وبعد حصوله على درجة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية من جامعة لافاييت، سرعان ما وجد لنفسه السبل لتوظيف مواهبه في واحدة من أكثر مبادرات الشركة طموحًا. وحين كان مهندس عمليات شاب ابتكر الزهراني معالجات جديدة ضمن مشروع استخلاص الإيثان العميق، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في قدرة معمل الغاز في برّي. وقد تم بعد ذلك تطبيق تلك المعالجات في جميع معامل الغاز التي تنتج سوائل الغاز الطبيعي، بما في ذلك معامل الشيبة لسوائل الغاز الطبيعي ومعامل الخرسانية والحوية وغيرها.

ورأى الزهراني مشروع استخلاص الإيثان العميق أحد أبرز محطات مسيرته، ليس فقط بسبب التحديات التقنية التي صاحبت تنفيذه، بل لما مثله من نموذج للتعاون بين أفراد فرق العمل من مختلف الجهات في الشركة، بما في ذلك العاملون في العمليات والصيانة وهندسة وإدارة المشاريع وغيرها، حيث أسفر هذا التعاون عن استحداث مفاهيم جديدة على مستوى الشركة.

أعتقد أن هذا كان هو مفتاح نجاحنا. لقد تم اختيارنا كفريق ومُنحنا الحرية الكاملة لاستكشاف أفضل المعالجات والمضي قدمًا في تطبيقها.» وأضاف: «لقد كان المشروع تعاونيًا إلى أبعد حد، وقد حققنا النجاح بفضل الثقة التي منحتنا إياها الإدارة. وفي النهاية أكملنا المشروع في الوقت المحدد، وبتكلفة مثالية، مما ضاعف قيمة العوائد على الشركة والمملكة من خلال رفع إنتاج الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي إلى أقصى حد ممكن.
الأستاذ جمعان الزهراني

وعلى الرغم من تركيز الزهراني وفريقه على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، إلا أنه حرص أيضًا على التزام معامل الغاز بممارسات حماية البيئة الصارمة المعتمدة في الشركة. ولاحقًا في مسيرته المهنية، خلال فترة عمله مديرًا عامًا لأعمال الغاز في منطقة الأعمال الشمالية عام 2019م، حاز معمل البري للغاز على جائزة الرئيس للتميّز البيئي، وذلك تقديرًا لجهوده طويلة الأمد في الإدارة البيئية.

كما عبّر الزهراني عن فخره بكونه أحد الأعضاء الرئيسين في الفريق الذي طوّر وصمم وشغّل أكبر منشأة في تاريخ الشركة لمعالجة الغاز غير المصاحب من أول حقل غاز بحري، حيث أضاف هذا المشروع قدرة إضافية لإنتاج الغاز من خلال معمل الغاز في الخرسانية، وقد أُنجز المشروع في وقت قياسي.

وبالإضافة إلى دوره في قيادة أعمال الغاز في منطقة الأعمال الشمالية، وظّف الزهراني قدراته القيادية بتوليه رئاسة مجلس إدارة مشروعين مشتركين في أرامكو السعودية، وهما شركة معمل الفاضلي للطاقة وشركة تناجيب للتوليد المشترك، كما كان عضوًا في مجلس المهندسين السعوديين ومجلس الصيانة في أرامكو السعودية.

ويُرجع الزهراني الفضل في نجاحه عبر هذه السنوات إلى الروح القيادية التي تحلى بها مديروه، والتأثير الإيجابي من زملائه، وثقافة تطوير المواهب الراسخة في أرامكو السعودية.

وفي إحدى مهامه الأولى في الشركة، لفت الزهراني اهتمام أحد ناظري الأعمال في معمل الغاز في البري.

وقال الزهراني: «لم أكن أرى نفسي شخصًا مميزًا لكنني كُلّفت بمهام صعبة جدًا، وقد تحليت بالقدرة على الخروج من منطقة الراحة، مما دفعني إلى الإبداع في حل المشكلات والتحلي بالمرونة. إن قيادة التحديات تبني الثقة والمرونة، وتجعلك أكثر استعدادًا لتجاوز العقبات طوال حياتك المهنية.»

واليوم، يرى الزهراني أن التحوّل الجاري في الشركة والتوسع غير المسبوق في موقعها التجاري يصنعان فرصًا هائلة للجيل الجديد من المواهب في جميع المستويات للتميز في أعمالهم وتحقيق طموحاتهم الشخصية.

وقال: «أعلم من واقع تجربتي أنه لا توجد شركة تطور موظفيها كما تفعل أرامكو السعودية. علينا جميعًا أن نعمل بجد على تطوير أنفسنا، لكن لا تقلق كثيرًا بشأن المستقبل، فثقافة تطوير المواهب وموثوقية أنظمة الإدارة في الشركة ستأخذ بيدك. كل ما عليك هو أن تبذل قصارى جهدك في تنمية مهاراتك، وستأتيك الخطوة التالية، لا تقلق.»

وقال الزهراني إنه يتطلع لقضاء الوقت مع أسرته، ويعتزم المحافظة على التواصل مع الأشخاص الذين عمل معهم في فرق مختلفة لعقود.

واجهنا تحديات صعبة معًا، لكن العمل الجماعي غالبًا ما يقود إلى النجاح. إن قوة التعاون وتضافر الجهود أمر حاسم لترسيخ مكانة الشركات في المشهد التنافسي في هذا السوق عالي الديناميكية
الأستاذ جمعان الزهراني