الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء: طريقنا إلى المستقبل

الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء: طريقنا إلى المستقبل

تختلف مواقع التصنيع حديثة الطراز في وقتنا هذا عما بدت عليه قبل عقد واحد فقط. فنحن بالفعل نشهد عصر الثورة الصناعية الرابعة، التي تستخدم تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، بهدف إحداث تحول رقمي في الأعمال وفي مستوى أدائها بطرق مذهلة.
ويشمل ذلك استخدام الطائرات المسيرة لإجراء الفحوصات بسرعة أكبر وأكثر أمانًا، أو استخدام تقنيات قابلة للارتداء على الجسم لتحذير العاملين إذا ما كانوا في خطر ما، أو المستشعرات التي تنبه مشغلي المعدات آليًا عند الحاجة لإجراء الفحوصات. ومع تزايد أهمية بعض القضايا، مثل مرونة واستدامة سلاسل التوريد، تبرز الأهمية الكبرى لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في التحول الرقمي للقطاع.
وقد عكف المنتدى الاقتصادي العالمي منذ عام 2018م، على متابعة أداء الشركات الرائدة في مجال التحول الرقمي من خلال شبكة المنارات العالمية التابعة له. فجرى بموجب ذلك تكريم بعض المرافق التابعة لأرامكو السعودية بإضافتها إلى شبكة المنارات العالمية، نظير دورها الرائد ليس في قطاع النفط والغاز فقط، بل في قطاع التصنيع ككل.

 

تحول في وقت مثالي

تأتي التطورات التي تقدمها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في وقت مثالي للغاية. فلا شك أن حالة الضبابية التي تكتنف المشهد الجيوسياسي، والضغوطات الاقتصادية، وانقطاعات سلاسل التوريد تفضي إلى آثار تضر بالمصنعين. وعند النظر إلى الحاجة إلى المحافظة على مشاركة القوى العاملة، وأهمية مبادرات الاستدامة، والتحول الأوسع في قطاع الطاقة، نجد أن قطاع الصناعة لديه كل الأسباب التي تجعله ينضم إلى الركب.
وتقدم شبكة المنارات العالمية مخططات أولية لطرح هذه التقنيات الجديدة وصقل مهارات القوى العاملة. وتضم الشبكة مرافق تصنيع وسلسلة قيمة ذات ريادة عالمية، تستخدم جميعها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة على نطاق واسع لتعزيز الكفاءة والإنتاجية بصورة أكبر، مع تحسين حماية البيئة.
 

وفي كل عام ترتفع معايير اختيار الجهات التي ستضاف للشبكة، خاصة مع ازدياد طلبات المصنعين للانضمام، وازدياد تعقيد المشاريع التي يتم تقديمها. ويُعتبر ضم أربعة مرافق تابعة لأرامكو السعودية بمثابة شهادة على حسن استخدامنا لأحدث تقنيات الثورة الصناعية الرابعة؛ لمحاولة المساعدة في إنتاج طاقة أكثر بانبعاثات أقل، من خلال أربعة من أكثر معامل الإنتاج تقدمًا في قطاع الطاقة العالمي.
وهذه المعامل هي معمل الغاز في العثمانية، وهو أول مرفق في قطاع النفط والغاز ينضم إلى شبكة المنارات العالمية في عام 2019م. ووقع الاختيار في عام 2020م على خريص، وهو أكبر حقل نفط ذكي في العالم. وفي عام 2021م، تم ضم مرفق بقيق التابع لأرامكو السعودية، وهو أكبر مرفق لمعالجة النفط وأحد أكبر معامل تركيز النفط الخام في العالم، أما في عام 2023م فتم الإعلان عن إدراج مصفاة ينبع تقديرًا لجهودها في التطبيق الفعّال للتقنيات المتطورة على نطاق واسع، لتصبح رابع المرافق التابعة لأرامكو السعودية التي تنضم إلى شبكة المنارات العالمية، مما يجسد قوة الحلول التي تقدمها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في قطاع الطاقة لتحقيق الاستفادة القصوى.

 

تغيير البنية التحتية والثقافة

وتبين تلك المواقع ما يمكن عمله لأجل التغيير، سواء للمرافق الأخرى في أرامكو السعودية أو للمصنعين عالميًا. فتقنيات الثورة الصناعية الرابعة تساهم في جعل أعمالنا أكثر ذكاء وكفاءة وأقل كثافة كربونية. مما يوجب على المصنعين الذين يرغبون في الحفاظ على الميزة التنافسية في ظل ديناميكيات السوق المتغيرة أن يتحركوا الآن.
ولا يخفى أنه على الشركات التي ترغب في اتباع هذه الطريق أن يدركوا أن ثمة معوقات قد تكون ثقافية أو تقنية، فقد يكون طرح تقنية جديدة أمرًا ثوريًا، كأن يقلق بعض الموظفين من أن يتم استبدالهم، ولكننا نعتقد أنه يمكن لتقنية الثورة الصناعية الرابعة أن تفرغ الموظفين ليعملوا على مهام أكثر قيمة.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من إمكانية جني الأرباح من الاستثمار في هذا المجال خلال عام أو عامين، إلا أن المواقع القديمة قد تتطلب أعمالًا تطويرية في البنية التحتية، ربما لا يزيد ذلك على تطوير أجهزة الكمبيوتر، ولكن تطبيق التقنيات المرتبطة بإنترنت الأشياء، يتطلب وجود شبكة واي فاي على نطاق صناعي، كما يجب التغلب على بعض المشكلات مثل وجود جدران مانعة لانتقال الإشارات في بعض الأماكن غير المناسبة.

وتستند أرامكو السعودية على حجم أعمالها المميز ومواردها وعمق خبرتها لتطوير حلول للطاقة الرائدة في القطاع، من خلال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وعلى الرغم من اعتيادنا على الأعمال الضخمة، إلا أن هذه المشاريع تحتاج إلى تخطيط مُحكم. مما يوضح الضرورة لطرح نماذج للثورة الصناعية الرابعة بسرعة نسبيّةٍ، إذا ما تم اختيارها مع أخذ قابلية التطوير في الحسبان، والأهم هو أن ننجز الأمر بصورة صحيحة، في حال أردنا وأراد غيرنا النجاح في تجهيز قطاع التصنيع للعقود المقبلة.

 

بقلم: الأستاذ نبيل النعيم، النائب الأعلى للرئيس للرقمنة وتقنية المعلومات.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge