غاز أوبتيما.. تقنية طموحة لزيادة إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية

غاز أوبتيما.. تقنية طموحة لزيادة إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية

في عصر يتسم بالتغيرات العالمية المتلاحقة التي تشمل التحول في مجال الطاقة والتطورات التقنية، لم يكن أمن الطاقة وموثوقيتها أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويساعد إنتاج أرامكو السعودية من الغاز في تزويد المملكة بمصدر إضافي للطاقة لتلبية الطلب المحلي ودعم النمو والازدهار.
ولا شك أن المراقبة الفعالة لشبكة الغاز الرئيسة هي عملية معقدة، خاصة وأنها تغذي العديد من معامل معالجة الغاز على نطاق واسع، وتمتد لأكثر من 15 ألف كيلومتر من خطوط الأنابيب وآلاف آبار الغاز المنتشرة في العديد من حقول إنتاج الغاز . ولكن تمت مواجهة هذا التحدي بشكل مباشر من خلال إطلاق منصة رقمية طموحة لأعمال الغاز على سطح الأرض وداخل الآبار تعرف باسم «غاز أوبتيما»، وهي حائزة على جائزة أرامكو السعودية للتميز لعام 2022.

ثورة في استراتيجية الإنتاج لأوقات الذروة 

وفي عام 2010، قدمت أرامكو السعودية استراتيجية إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية، التي تهدف إلى توفير المزيد من الغاز الطبيعي إضافة إلى الالتزامات الشهرية العادية لإنتاج الغاز. وتتفق هذه الاستراتيجية مع خطط المملكة، حيث توفر الغاز الطبيعي في المقام الأول في إطار استراتيجية استبدال الوقود السائل، ليكون الغاز مصدر طاقة بديل لتوليد الكهرباء خلال ذروة الطلب في موسم الصيف. 

 

ويهدف هذا التوجه إلى المساعدة في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مقارنة باستخدام النفط الخام كوقود لتوليد الكهرباء خلال فترات ذروة الطلب الموسمي . كما يتماشى ذلك مع رؤية أرامكو السعودية للاستثمار في تقنيات يمكنها دعم استقرار التحول في مجال الطاقة، حيث تستخدم مصادر مختلفة للطاقة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة مع الحد في الوقت نفسه من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. ولضمان موثوقية الإمدادات، تعمل استراتيجية إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية في الوقت نفسه كبروتوكول طوارئ لتعويض أي خسارة في إنتاج الغاز بسبب الاضطرابات التشغيلية أو وقف التشغيل في الحالات الطارئة.
وكان توليد المزيد من الغاز في الماضي يعد عملية يدوية شاقة تستهلك الوقت والموارد، مما استلزم تحليل أداء الآبار. واستخدم المهندسون في ذلك العديد من البيانات من الآبار والحقول المختلفة لتلبية الطلب على الطاقة في أوقات الذروة الموسمية دون المساس بالالتزام الحالي. 

وقد أدت التطورات التقنية الأخيرة إلى إطلاق مبادرة التحول الرقمي التي أحدثت ثورة في استراتيجية الإنتاج في أوقات الذروة الموسمية، وذلك من خلال تحسين مزيج الغاز وسير العمل، بحيث يمكن الآن وخلال لحظات فقط تنفيذ مهام كانت تستغرق أيامًا . فقد أصبح بإمكان المهندسين اليوم، تحليل المعوقات الحالية التي تواجه كل بئر سواء المعوقات الميكانيكية أو التي تجري أثناء الحفر تحت سطح الأرض في غضون ثوان، مما يقلل بشكل كبير من الوقت اللازم لتقديم المعلومات الإضافية المطلوبة. وهذا بدوره يضمن توريد الغاز بصورة أكثر اتساقًا وموثوقية، ويعزز الأداء التشغيلي والإنتاجية العامة.

تمكين صناعة القرار الإنتاجي 

وقد مهد استخدام منصات متطورة مثل غاز أوبتيما الطريق أمام تحقيق كفاءة ودقة غير مسبوقتين في إدارة المكامن. وتوفر هذه المنصة للمهندسين نظامًا يعمل بنقرة واحدة لعرض منظر شامل لشبكة الغاز بأكملها في الزمن الآني.  ومن خلال الاستفادة من إمكانيات تحليل البيانات وتعليم الآلات، تقوم منصة غاز أوبتيما بدمج البيانات من مصادر متعددة بسلاسة، وتبسيط التعقيدات،  مما يمكن المهندسين من اتخاذ قرارات مدروسة لزيادة معدلات الإنتاج وتلبية الطلب على الطاقة خلال فترات الذروة.

إن هذا التطبيق المبتكر ليس مجرد أداة، بل هو نقلة نوعية في قطاع الطاقة يحسن الكفاءة التشغيلية للشركة ويعزز الاستخلاص، مع المحافظة على صحة المكامن في الوقت نفسه. وتعزز منصة غاز أوبتيما قوة الذكاء الاصطناعي مما يوفر مراقبة فورية لكل حقل ومعمل غاز، ومن خلال تبني هذا المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعي، تعمل الشركة على وضع معايير جديدة في قطاع الطاقة. وليد الملحم
وقال النائب الأعلى للرئيس لهندسة البترول والتطوير، الأستاذ وليد الملحم: «إن هذا التطبيق المبتكر ليس مجرد أداة، بل هو نقلة نوعية في قطاع الطاقة يحسن الكفاءة التشغيلية للشركة ويعزز الاستخلاص، مع المحافظة على صحة المكامن في الوقت نفسه. وتعزز منصة غاز أوبتيما قوة الذكاء الاصطناعي مما يوفر مراقبة فورية لكل حقل ومعمل غاز، وبالتالي إمكانية تحليل التداخل بين معوقات حفر الآبار فوق سطح الأرض وداخل البئر. كما أنها تتميز بقدرة لا مثيل لها على توليد سيناريوهات سريعة لتلبية الطلب، وكل ذلك يتحقق في غضون ثوان فقط. ومن خلال تبني هذا المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعي، تعمل الشركة على وضع معايير جديدة في قطاع الطاقة.»

ومع استمرار تطور هذا التحول الرقمي ينطلق قطاع الطاقة نحو مستقبل أكثر كفاءة. ولا يقتصر هذا التوجه الابتكاري لمنصة غاز أوبتيما على مواجهة تحديات شبكة الغاز الرئيسة والتغلب على محدوديات أداء المرافق الفردية، بل يدعم أيضًا سلامة شبكة المكامن ويحسن الإيرادات من خلال تحسين مزيج الغاز مع توفير إمدادات طاقة موثوقة للعملاء في جميع أنحاء المملكة.

وقال نائب الرئيس لأعمال تطوير الغاز، الأستاذ عدنان الكنعان: «يتميز برنامج الغاز منذ بدايته بتفوقه في الاستفادة من الإنجازات التقنية وحلول الثورة الصناعية الرابعة لتحسين أداء إنتاج الحقول وتلبية الطلب المتزايد على الغاز في المملكة. وتعمل الشركة على نشر هذه التقنيات الناشئة لترسيخ سمعتها القوية وتميزها في أعمال التنقيب والإنتاج، وفي الوقت نفسه توفير إمدادات موثوقة من الطاقة اللازمة للنمو الاقتصادي بشكل آمن وفّعال.»
 

نتائج ملموسة بلغة الأرقام 

منذ أن وٌضعت استراتيجية إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية في عام 2010، ساعد إنتاج الغاز في خفض الاستهلاك المحلي من النفط بنحو 254 مليون برميل مكافئ نفطي، مما أدى إلى تجنب إطلاق ما يصل إلى 28 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى توفيرها لتصديرها للخارج. وقد ساعدت هذه الاستراتيجية لأكثر من عقد من الزمان في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المملكة. 

وفي هذا العام، تم تحقيق أقصى استفادة من استراتيجية إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية على الإطلاق. ويضيف تطبيق استراتيجية إنتاج الغاز في أوقات الذروة الموسمية قيمة جوهرية من خلال دعمه لتوفير التكاليف، وزيادة الإيرادات من خلال تحقيق عائد نقدي من منتجات الغاز الثانوية الإضافية وتجنب استخدام النفط الخام عالي القيمة.

ولا شك أن فرق دائرة تخطيط وتنظيم توريد الزيت جاهزة للتعامل مع التغير الموسمي في الطلب والاستجابة للمتطلبات التشغيلية بالاستفادة من تفوق الشركة في المجالات الهندسية والابتكارية والتقنية والتي من أمثلتها منصة غاز أوبتيما وغيرها من الحلول لتلبية الاحتياجات في الوقت الحالي وفي المستقبل.

 

بقلم: عبد الرحمن الهذلول وحسن المرهون وفاطمة البلوي

 

 

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge