عرضت دائرة التنقيب مؤخرًا، على أنظار ما يزيد على 400 من المتخصصين فيها، معجمًا محدثًا لطبقات الأرض. وأطلقت رسميًا واجهة المستخدم الجديدة للمعجم. ويمكن وصف المعجم، الذي هو نتاج لمشروع عمِل عليه قسم الجيولوجيا السطحية لعدة سنوات، بأنه معجم متعمق في علم الأرض يُعرّف ويُسمّي ويصف جميع طبقات الصخور في الجزيرة العربية - التي يسميها الجيولوجيون وحدات الطبقات الصخرية.
وعلم طبقات الأرض هو أحد فروع علوم الأرض الذي يشرح أصل مختلف طبقات الصخور وتكوينها وتوزيعها وتعاقبها الزمني. ويساعد وضع تعريف معتمد لطبقات الأرض جيولوجيّ أرامكو السعودية ومهندسيها على التواصل مما يُسهل عملهم معًا لإيجاد النفط والغاز واستخراجهما من الأرض. ونظرًا إلى أن المواد الهيدروكربونية تتكون داخل هذه الطبقات الصخرية ثم تهجرها إلى غيرها لتستقر في نهاية المطاف داخل طبقات صخرية أخرى ، فقد أصبح تعريف طبقات الأرض أمرًا ضروريًا لإنجاح عملية استخراج وإنتاج الزيت والغاز.
تاريخ عريق بنى المعجم
ويحتل علم الجيولوجيا مكانة مهمة في كل شركة تعمل في قطاع الزيت والغاز وخاصة في أرامكو السعودية. وقد بدأ جيولوجيو الشركة منذ أول عقدين في التنقيب عن الزيت، في الثلاثينيات وحتى الخمسينيات من القرن العشرين، وصف وحدات الطبقات الصخرية ورسم خرائط لها وتسميتها وذلك في الأماكن التي تنكشف فيها الصخور أو "تنتأ" إلى السطح فيما يعرف باسم "المنكشفات الصخرية" في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. ووثقوا ما توصلوا إليه في سلسلة من التقارير الفنية، ولكن لم تكن هناك إستراتيجية موحدة لرسم الخرائط.
وفي يوليو من عام 1953، استحدث نائب رئيس شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) آنذاك، جيمس تيري دوس، بمشاركة مدير هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية، ويليام راذر، وبدعم من حكومة المملكة العربية السعودية وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية، مشروعًا لرسم ممنهج لخرائط إستراتيجية لجميع المنكشفات الصخرية في المملكة. وقد حظي مشروع رسم الخرائط، في عام 1955م، بموافقة رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية آنذاك، فريد ديفيس، وكُلف به كبير الجيولوجيين، ريتشارد برامكامب، ومن ثم ليون راميرز. وتمخض عن هذا المشروع طباعة "الخريطة الجيولوجية لشبه الجزيرة العربية" في عام 1963.
وعلى أساس هذا المشروع، جمع الجيولوجي في أرامكو السعودية، ريتشارد باورز أول معجم رسمي للطبقات الجيولوجية في المملكة ونُشر في عام 1968. وقد جمع هذا المعجم الأول من نوعه بين دفتيه جميع المعلومات الجيولوجية المهمة التي وثقها الجيولوجيون الذين عملوا في المملكة منذ أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين بما فيهم جيولوجي أرامكو الشهير ماكس ستاينكي.
ولكن منذ ذلك الحين، وبسبب التقدم الكبير في علوم الأرض وتقنيات باطن الأرض، تقادم الزمان على الكثير من تعريفات وحدات الطبقات الصخرية البالغ عددها 179 في المعجم الأصلي لطبقات الأرض . وزد على ذلك أن معجم ريتشارد باورز (1968) لا يتضمن العديد من وحدات الطبقات الصخرية التي اُكتشفت وعُرّفت منذ عام 1968. ولحسن الحظ، أصبح لدينا الآن معجم جديد محدث لطبقات الأرض، ويعود الفضل في ذلك للجهود المتكاتفة التي بذلها قسم الجيولوجيا السطحية وخبراء علوم الأرض في الشركة.
ديناميكية البحث عبر المعجم
وقد صُمم هذا المعجم بطريقة تجعله سهل التحديث، حيث يسمح بإضافة مجموعات بيانات جديدة بل ويسمح أيضًا بعمل تعديلات مستقبلية على بنية الصخور الطبقية الحالية. ولهذا المعجم الجديد أيضًا واجهة تفاعلية على شبكة الويب يمكن للمستخدمين من خلالها الوصول إلى المعلومات والأدوات والصور القابلة للتنزيل التي يمكنها أن تشرح لهم المفاهيم المعقدة لطبقات الأرض.
والمعجم الجديد لطبقات الأرض متاح الآن كذلك على هيئة تطبيق على شبكة الويب، أُطلق عليه اسم "واجهة المعجم". وقد طُور التطبيق كليًا داخل الشركة بجهود فريق نظام المعلومات الجغرافية في إدارة خدمات تطبيقات التنقيب في مركز كمبيوتر التنقيب وهندسة البترول (الإكسبك) الذي يضع كمًا هائلًا من المعلومات الحيوية في علوم الأرض في متناول الجيولوجيين والجيوفيزيائيين والمهندسين ويجعل من اليسير عليهم الوصول إلى ما يحتاجونه بصرف النظر عن مرحلتهم المهنية أو مجال خبرتهم.
ويحتوي المعجم الجديد على وصف 120 وحدة من الطبقات الصخرية في شرق وشمال غرب المملكة بالإضافة إلى وصف 32 وحدة أخرى في حوض البحر الأحمر. ويستطيع المستخدمون، بالإضافة إلى اطلاعهم على ملخصات لوحدات الطبقات الصخرية في المملكة، البحث بعمق عن تفاصيل أكثر عن كل وحدة، مثل خصائص الصخور أو تطور حركتها التكتونية أو توزيعها أو نوعية البيئة التي تكونت فيها أولًا وغير ذلك الكثير. وكل ذلك متاح في المعجم الجديد لطبقات الأرض على شبكة الويب الذي يتميز بسهولة الاستخدام.
شرح الصورة أعلى الصفحة: النائب الأعلى للرئيس للتنقيب، الأستاذ سامر الأشقر، ومدير إدارة الأعمال الجيولوجية، الأستاذ سعيد الهاجري، يفتتحان فعالية "يوم المعجم". (تصوير: بريجيدو ألكايد).