مواجهة التهديدات السيبرانية باستخدام الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات
وأكد النائب الأعلى للرئيس للتحول الرقمي وتقنية المعلومات، الأستاذ نبيل النعيم، على أهمية رقمنة البيانات، حيث قال: "لكي تصبح أرامكو السعودية أكبر شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة على مستوى العالم؛ تتبنى الشركة التحول الرقمي وتطلق العنان لما تحمله أصول البيانات من قدرات نظرًا لدورها بالغ الأهمية في التحول الرقمي".
واستكمل النعيم حديثه مؤكدًا أهمية دور الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات وضرورته في القطاعات الحيوية. وأضاف النعيم: "يتحتم علينا استغلال هذه البيانات والاستفادة من تعليم الآلات للحصول على مرئيات وتطوير عملية اتخاذ القرار واكتساب ميزة تنافسية، فهي بلا شك ميزة تنافسية في مجال الأمن السيبراني سريع التطور. وإلى جانب ذلك، فإن وجود أمن سيبراني قوي يمثل أحد عوامل التمكين لأي تحول رقمي".
التوجه المبكر للاستفادة من البيانات
ومن واقع فهم إدارة حماية المعلومات للمسار الذي يسلكه قطاع الأمن السيبراني، ولوجود فرصة يقدمها الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات، وإدراكًا لخطورة التأخير في اتخاذ الإجراءات اللازمة، انطلقت الإدارة في رحلة التحول نحو دفاع سيبراني قائم على البيانات.
وتؤتي هذه الخطوة المبكرة للاعتماد على البيانات ثمارها الآن. فقد أصبحت الشركة الآن في عام 2023م، تستخدم الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات لحمايتها من أحدث التهديدات في المشهد السيبراني سريع التطور.
ولم تعد الأساليب والممارسات الدفاعية التقليدية التي تعتمد على مؤشرات معروفة أو على مهام يدوية كافية لإحباط الهجمات السيبرانية. فالهجمات الإلكترونية تزداد تعقيدًا ومنتهكو الأمن السيبراني يتبنون المزيد من قدرات الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات في مناوراتهم ليفلتوا بفعلتهم دون الكشف عن هويتهم أو لفت الأنظار إليهم.
المرونة والديناميكية
ولمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، استمرت أرامكو السعودية في مواكبة التطورات التقنية، بل واتّبعت أساليب جديدة. وعن طريق تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات، وإنتاج قدرات مصممة خصيصًا لاحتياجاتها، تستطيع أرامكو السعودية تسريع الانتقال إلى وسيلة دفاع سيبراني "تنبؤية".
وقد بين مدير إدارة حماية المعلومات، الأستاذ عمر الذكير، أن الإدارة بدأت مرحلة جديدة تستفيد فيها من البيانات الضخمة، وتعمل على إنتاج نماذج للذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات مصممة خصيصًا لتتناسب مع توقعات كبيرة لدى الشركة بشأن الأمن السيبراني.
وقال الذكير: "في أرامكو السعودية لدينا كم هائل من البيانات التي نحصل عليها من كافة الأنظمة التي نحميها". وأضاف: "نحن نعرف البيانات ونعرف كيفية تنظيمها لذلك فإننا نعلق أهمية كبيرة على أن نكون قادرين على استخدام البيانات ووضع خوارزميات يمكنها الوصول لقدرات متخصصة. لذلك، قمنا ببناء نماذج أمن سيبراني تستخدم قوتنا الحاسوبية لتعزيز قدرات خبرائنا وأجهزتنا الأمنية في اكتشاف التهديدات التي ربما لا يمكن كشفها بغير هذه الطريقة. وهذا هو التحدي الأكبر أمامنا".
ميزة تقنية وتنافسية
ومن هذه القدرة التقنية تكمن منصة البيانات الضخمة الخاصة بالأمن السيبراني إذ تقوم المنصة بجمع وتحويل وإرسال كميات كبيرة من البيانات إلى نماذج الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات التي أنتجتها أرامكو السعودية بمعايير خاصة تناسب أمنها السيبراني ولها القدرة على حل مشكلات تتعلق بالأمن السيبراني لا يمكن مواجهتها من خلال الحلول التقليدية المتاحة.
وقال الذكير موضحًا: "إذا ما سألتني عن رؤيتي في الأربع أو الخمس سنوات القادمة فإنني أرى الذكاء الاصطناعي سيندمج في نسيج جميع إجراءات عمليات الأمن السيبراني ووظائفه. ونريد أن تستطيع حلول الذكاء الاصطناعي كشف التهديدات والثغرات الأمنية والاستجابة لها بالشكل المناسب لنتمكن من تطوير قدرات موظفينا محللي العمليات الأمنية على مواجهة مشاكل الدفاع السيبراني المعقدة".
وعلى الرغم من استمرار عملية دمج التقنيات الجديدة في المزيد من البيانات، إلا أن استخدام منصة البيانات الضخمة في السنة الماضية أحدث نقلة نوعية.
وأضاف الذكير: "بدأنا إنتاج عدد من نماذج تعليم الآلات لمواجهة مشكلات مختلفة، وسنركز على مواصلة إنتاج نماذج أكثر وإنشاء قدرات ذات مستوى عال من التقنية، وسنواصل في الوقت نفسه توجهنا نحو تبني الذكاء الاصطناعي وتطوير رأس مالنا البشري في تعليم الآلات والذكاء الاصطناعي".
توجه مبتكر
ولا شك أن السيطرة على البيانات الضخمة واستخدام منصة تقنية قوية، قد فتحت الباب أمام قدرات جديدة للدفاع السيبراني، ولكن تحقيق هذه القدرات بحاجة إلى توجه مبتكر.
ويتولى ماجد السلامة، زمام قيادة التحول في مجال الأمن السيبراني المدعم بالذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات في إدارة حماية المعلومات، ويشدد على أن التحول يستلزم توسيع فهمنا للذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات والاستفادة من الأدوات المناسبة ودعم الابتكار في جميع مجالات الأمن السيبراني.
وقال السلامة موضحًا: "يتطلب إنتاج نماذج متخصصة تحديد الثغرات وإيجاد روابط مشتركة وإدخال أفكار متنوعة وتعاون جماعي لتصور حلول مبتكرة للدفاع السيبراني".
وأضاف السلامة: "نتقبل الضبابية التي تكتنف هذا المجال، ونتبنى التفكير بطريقة تصميم الحلول وفق الاحتياج (التفكير التصميمي) في تطويرنا لحلول جديدة مبنية على الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات، ونعتمد بشكل كبير على ورش عمل صياغة الأفكار التي يحضرها خبراء متخصصون في شتى مجالات الأمن السيبراني".
فرق متعددة التخصصات
ويقوم على هذه الورش فريق مخصص لتحليلات الأمن السيبراني داخل إدارة حماية المعلومات، ويتكون من محللي أمن سيبراني ومهندسي تعليم الآلات يعملون جنبًا إلى جنب. وقد أسهم فهمنا للأمن السيبراني من جهة والذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات من جهة أخرى في ازدهار هذه الأفكار، وتدرك إدارة حماية البيانات أهمية تمكين موظفيها.
وقال السلامة: "تمثل ورش العمل فرصًا لمحللي الأمن السيبراني في مختلف تخصصات الأمن السيبراني لرصد الاستخدامات المحتملة للذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات وتطبيق الممارسات المعمول بها على مهام عملهم اليومية."
وختم قائلًا: "يتمحور توجهنا في التحول إلى الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات حول التمكين والتعاون وتعميم مهارات الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات. ونهدف إلى أن يكون الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات أمرًا معتادًا بين موظفي الأمن السيبراني".
تنمية رأس المال البشري
وتتماشى إستراتيجية استقطاب الكفاءات في إدارة حماية المعلومات مع هدف بناء فرق متمكنة في الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات والأمن السيبراني.
شوق القرني موظفة حديثة التخرج وحاصلة على شهادة البكالوريوس في الذكاء الاصطناعي، قالت وهي تستعيد ذكريات اختيارها للتخصص، بعد أن أمضت سنة واحدة في الشركة: "بدأت دراستي الجامعية في تخصص علوم الحاسب الآلي، ولكنني كنت مهتمة بالذكاء الاصطناعي لأنه كان مجالًا ناشئًا لتوه. لذا، حينما سنحت الفرصة اخترت دراسته فورًا". وأضافت القرني: "لا أزال أتعلم الكثير من زملائي في فرق الأمن السيبراني وأطور مهاراتي في الذكاء الاصطناعي أكثر فأكثر، والتعلم في هذا المجال مستمر، ولكن هناك الكثير من الفرص التي تلوح في الأفق".