وفاء وعرفان لأبطال الوطن

وفاء وعرفان لأبطال الوطن

في تاريخ الأمم رجالٌ قدموا حياتهم فداءً لأوطانهم، وبقيت أسماؤهم محفورة بأحرف من نورٍ في ذاكرة الوطن، تلهم الأجيال بسيرتهم العطرة، ويفتخر بها ذووهم على مر الأزمان. ومملكتنا الغالية أنجبت، ولا تزال، رجالًا أقسموا ونذروا أنفسهم لحماية الوطن شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، منهم من كتب الله له نيل شرف الشهادة متوشحًا بخفّاق المملكة دفاعًا عنها وعن شعبها ومقدراتها، ومنهم من قُدِّر له أن يُصاب أثناء تأدية واجبه، ومنهم من أُسر وفُقِد، وخلفوا وراءهم شريحة غالية علينا جميعًا وهي أسر هؤلاء الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين.

ولا يمكن لمن يؤمن بالمعنى الحقيقي للمسؤولية الاجتماعية أن يمضي حياته دون أن يستشعر ما لهؤلاء الأبطال وذويهم من حق على الوطن ومؤسساته، ولا سيما فيما يتعلق بتلمس احتياجاتهم وتقديم الدعم والمساندة لهم. ومن هنا كان محور اهتمام أرامكو السعودية منصبًا في أن تقدّم لهذه الفئة شيئًا لا يكون مردوده مرهونًا بالكم، بل يكون دائمًا ومتعدد الفوائد. لذا أطلقت الشركة مبادرات وبرامج لدعمهم عبر «صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين»، وهي شراكة مجتمعية مع الصندوق نَعدُّها واجبًا من باب الوفاء والعرفان لأبطال الوطن.

وبفضل الله، قدمت أرامكو السعودية العديد من المبادرات والبرامج التي تستهدف أسر الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين، وبلغت في حصيلتها 11 برنامجًا يصل عدد المستفيدين منها إلى نحو 4400 مستفيد ومستفيدة من جميع مناطق المملكة، وحرصنا على أن يكون لهذه البرامج الأثر الملموس في رفع المستوى العلمي والعملي والثقافي لهم بما يعزز مهاراتهم وقدراتهم، ويفتح لهم آفاقًا رحبة لتحقيق طموحاتهم وطموحات الوطن.

وقد ركزت البرامج على مجالات مهمّة هي: العلوم، واللغة، وتنمية المهارات القيادية، وتطوير الأعمال، والثقافة والفنون، وبناء الشخصية، والمشاركة في الفعاليات الوطنية، ودمج المستفيدين من الصندوق في مشاريع ومبادرات دعم الصناعات الصغيرة في أرامكو السعودية. وتم اختيار تلك المجالات بعناية ووفق نتائج البحوث التي قامت بها الشركة، إذ تُسهم في تحقيق العديد من الفوائد على الصعيدين الإنساني والمجتمعي بحيث تجعل المستفيدين يشعرون بأن هناك من يقف معهم، ويقوم بواجباته تجاههم في مساحات من الوفاء والتكافل، وهذا يفسّر التنوع في طبيعة البرامج لتكون أكثر إثراء وحيوية.

فعلى صعيد التدريب والتطوير، تم بحمد الله تدريب 10 سعوديات وتوظيفهن في مصنع بصمة للزي العسكري الموحد في جازان، وهو أحد مشاريع المواطنة لدعم الصناعات الصغيرة، ونعتزم تدريب 10 أخريات وتوظيفهن خلال الشهرين القادمين، فيما استضاف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) عددًا من المستفيدين في برامج تنوين إثراء والعروض المسرحية ومخيم إثراء الصيفي ومناسبات إثراء الموسمية (الأعياد واليوم الوطني) وكذلك تنظيم زيارات لإثراء.

كما تم استيعاب عددٍ مقدّرٍ ضمن برنامج الإعداد لاختبار القدرات، وبرنامج الإثراء الصيفي لطلاب المرحلة الثانوية ودورات تعليم اللغة الإنجليزية في مدارس أرامكو السعودية. وجاري العمل على استيعاب أعدادٍ من المستفيدين في دورات الإعداد لاختبار التحصيلي، ودورة النجاح في بيئة العمل.

ولا شك أن مثل هذه البرامج تلعب دورًا مهمًا في تحسين كفاءة الأفراد علميًا ومهاريًا وثقافيًا، مما يجعلهم أكثر جاهزية لمتطلبات الجامعات وبيئة العمل. فحين وقّعت أرامكو السعودية مذكرة تعاون مع صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين لتمكين المستفيدين من الصندوق، كانت تضع نُصب عينيها تنفيذ مبادرات تتميز بالاستدامة والقدرة المثلى لتحقيق النفع التنموي سعيًا منها لتسريع إستراتيجية بناء القدرات البشرية التي تؤمن بها الشركة لأن النهوض بالمجتمعات – التي تزاول فيها الشركة أعمالها عبر طرح مجموعة من مشاريع ومبادرات المسؤولية الاجتماعية – يمثل أحد المبادئ الأساس التي تبنتها أرامكو السعودية منذ تأسيسها.

إن وقوفنا مع هذه الفئة الغالية يعكس جانبًا مهمًا في منظومة العمل الإنساني والمجتمعي في أرامكو السعودية التي ترتكز على المواطنة، هذه القيمة التي تمت هيكلتها في سياق مؤسسي بحيث أصبحت قسمًا مهمًا ومستقلًا يُعنى بكل الأدوار والأنشطة المجتمعية للشركة من خلال دراسات وبحوث مستمرة تقوم بها، ويتم على ضوئها تحديد القضايا المجتمعية ودائرة المستفيدين في المجتمعات بالمملكة، وبالتالي يمكننا إحداث أثرٍ إيجابي، وهو الدور الذي تضطلع به الشركة تجاه هذه المجتمعات، وطرق تقديم الدعم المناسب لها.

إننا عندما ننظر إلى المواطنة في قاموس أرامكو السعودية نجدها قيمة أساس لها مبادراتها وبرامجها ومخرجاتها التي تحفّزنا بما تحققه من أثر إيجابي على أن نستمر ونكمل ما بدأته الشركة منذ تأسيسها. وما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز هو أن هذا العمل الإنساني النبيل ينسجم مع جهود بلادنا الغالية في خدمة جميع المواطنين وتمكينهم عبر العمل الجماعي المستدام القائم على مثل هذه المبادرات لتعزيز البرامج النوعية لدعم أسر الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين، وتطوير قدراتهم للمشاركة الفاعلة في التنمية الوطنية، بما يُسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في بناء مواطن يتمتع بالقدرة والمهارات اللازمة للمنافسة عالميًا، ويحظى بأفضل أنواع الدعم والرعاية من وطنه ومؤسساته المختلفة.

 

نبيل عبدالله الجامع

النائب التنفيذي للرئيس للموارد البشرية والخدمات المساندة بأرامكو السعودية

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge