معرض الطاقة في أرامكو السعودية يكمل 60 سنة

قصة معرض الطاقة وتاريخه الحافل بمناسبة مرور 60 سنة على تأسيسه حيث برز كمنارة تثقيفية عبر عدة أجيال واستقبل رؤساء دول وزوارًا من مختلف الأطياف.

معرض الطاقة في أرامكو السعودية يكمل 60 سنة

يوافق يوم الجمعة 25 أغسطس 2023، مرور 60 سنة على تأسيس معرض الطاقة في أرامكو السعودية، الذي يعتبر معلمًا من معالم المنطقة الشرقية، وهو الآن يعد مرفقًا أساسًا من مرافق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء). وقبل إثراء؛ كان المعرض هو المرفق الرئيس لأرامكو السعودية في استقبال الضيوف والتواصل مع المجتمع، فهو يقدم تجربة تعليمية وتثقيفية في مجال الطاقة ذات طابع ترفيهي يتسم بالتفاعلية والمستوى النوعي. وعند بداية تأسيسه في العام 1963م، كان المعرض يحمل اسم معرض صناعة الزيت، وشهد تحديثات كبيرة ونقلات نوعية كما شهد عدة تغييرات في اسمه وموقعه قبل أن يستقر عام 1987م في مقره الحالي في المنطقة التاريخية التي اكتُشف بها النفط في المملكة، فهو يبعد نحو 1.5 كم عن بئر الخير بالظهران. ويسلط هذا التقرير بعض الضوء على تاريخ المعرض من حيث بداياته وتطوراته، كما سينشر موقع أرامكو لايف النسخة الكاملة من هذا التقرير الذي يحتوي على المزيد من المعلومات والصور. وفيما يلي أهم الجوانب:

البداية كانت في دمشق

لم تولد لدى أرامكو فكرة بناء معرض دائم لصناعة الزيت دفعة واحدة، بل جاءت على مراحل. وكانت البداية عندما شاركت أرامكو للمرة الأولى في الجناح السعودي بمعرض دمشق الدولي عام 1956م، وهو يعد أكبر معرض في العالم العربي آنذاك. وكانت نتيجة المشاركة رائعة، حيث أعرب الكثير من المسؤولين عن أملهم بأن يأتي اليوم الذي يستطيعون فيه أن يروا في المملكة الجزء الخاص بصناعة الزيت ليأخذ أبناء المملكة فكرة عن تطور أعظم ثروة طبيعية في بلادهم. ثم بدأت أرامكو تخطط لإقامة معرض متنقل يجوب المملكة كجزء من برنامج شامل للتعريف بصناعة الزيت. ونفذت أرامكو مشروع معرض صناعة الزيت المتنقل الذي كان يتحدث أيضًا عن حياة الموظفين وفرص التدريب الصناعي ومشروع تملك البيوت وأحياء سكن الموظفين وأساليب السلامة. وأقامت أرامكو أول نسخة من المعرض في مدينة جدة في ديسمبر 1957م، وكان ذلك بالتعاون مع الشيخ عبدالله الطريقي الذي أصبح أول وزير للبترول فيما بعد. واستمر المعرض مدة شهرين، وكان يتكون من خيمة زاهية بالألوان البرتقالي والأصفر والأخضر. وكان يزور المعرض كل يوم نحو 2000 شخص جاءوا من مكة والمدينة والطائف وضواحي جدة. هذا الإقبال شجع أرامكو على التوسع في إقامة المعرض في عدد أكبر من المدن. 

ثم انتقل المعرض إلى مدينة الرياض في 16 مارس 1958م ودشنه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، عندما كان أميرًا للرياض آنذاك. وزار المعرض طلبة المدارس بمنطقة الرياض وطلاب جامعة الملك سعود وموظفو الجهات الحكومية وأفراد المجتمع. عاد المعرض بعد عامين لمدينة الرياض وتفضل جلالة الملك سعود بافتتاحه في 22 سبتمبر 1960م. وظل العمل بالمعرض المتنقل قائمًا مع تحسينات أضيفت له على مدى 14 سنة، أقيم خلالها 49 مرة في مدن سعودية كثيرة، وآخر محطة للمعرض كانت مدينة الزلفي في 20 أبريل  1971م. ومن الأشياء المتميزة عرض أفلام علمية وثقافية وكانت في تلك الفترة تعتبر شيئًا جديدًا وخلابًا لكثير من الزوار الذين شاهدوا الأفلام لأول مرة في ذلك المعرض.

المعرض الدائم في مقره الأول والثاني والثالث

وبينما كان معرض أرامكو المتنقل يلقى نجاحًا، فكرت أرامكو في تطوير الفكرة وإقامة معرض دائم في الظهران، وقام سمو أمير المنطقة الشرقية بالنيابة، الأمير عبدالمحسن بن جلوي، في 25 أغسطس 1963م بتدشين أول معرض دائم للشركة سمي «معرض صناعة الزيت». وقد شغل المعرض النصف الغربي من مبنى قاعة الطعام الدايننج هول في الحي السكني لكبار الموظفين في الظهران. واستمر المعرض في ذلك المقر 11 سنة واستضاف خلالها نحو 300 ألف زائر، وكان الملك سلمان أبرز الشخصيات التي استضافها في يناير 1973م. ونظرًا لنمو إنتاج الزيت وبداية الطفرة البترولية وزيادة أعداد الموظفين، أصبحت هناك حاجة للتوسع في مبنى قاعة الطعام، وبالتالي تطلب الأمر البحث عن موقع جديد لمعرض صناعة الزيت. وفي 27 نوفمبر 1974م افتتحت الشركة مبنىً جديدًا، في موقع بقرب جناح قسم الطواريء في مركز الظهران الصحي، ليكون مقرًا دائمًا لمعرض صناعة الزيت. تم تصمم المبنى الجديد للمعرض في بيروت، وكان من طابق واحد تضمن قاعة للمعروضات ومكاتب للموظفين وصالة لعرض الأفلام تتسع لـ 160 شخصًا، وكان لدى المعرض نحو 50 فلمًا عن المملكة وعن الصناعة البترولية. استمر المعرض قرابة 10 سنوات ثم انتقل إلى مقر مؤقت بعد أن اصبحت هناك حاجة ملحة لإزالة المبنى لتفسح المجال لتوسعة مركز الظهران الصحي.

وفي مايو 1984م بدأ تشغيل معرض الزيت في مبنى مؤقت في منطقة مرتفعات الظهران غرب حي المنيرة بجانب سكة القطار القديمة. وكان المبنى عبارة عن 4 مبانٍ مؤقتة تم ترميمها وفتحها على بعض، وتضمنت قاعة للمعروضات ومسرحًا به 72 مقعدًا ومكاتب للعاملين. وكان من أكثر المعروضات أهمية المجسم المعماري للمبنى الجديد الطموح، والذي سيكون المقر النهائي للمعرض، وقد صممه مكتب المعماري السعودي المرموق زهير فايز، واستلهم فيه ملامح العمارة الاسلامية. وكان للأستاذ اسماعيل نواب، يرحمه الله، دورٌ بارزٌ في وضع التصور الجديد للمبنى والمحتويات والبرامج والحصول على دعم إدارة أرامكو السعودية في تنفيذ المشروع بأرفع المستويات العالمية.

المقر الحالي

وفي أبريل 1987م تحقق الحلم، وبدأ معرض أرامكو السعودية يستقبل زواره في مقره الحالي وأصبح وجهة مرموقة لزوار المنطقة. وقد تغير اسمه من معرض صناعة الزيت إلى معرض أرامكو السعودية. وكان الزائر عند أخذه جولة كاملة يمر بـ 8 أجنحة، تدعم جميعها موضوع صناعة النفط في المملكة، بدءًا بمقدمة عن البترول، ثم تكوُّنه في باطن الأرض، وجناح ثالث عن أعمال التنقيب والاستكشاف، ورابع عن أعمال الحفر والإنتاج وإدارة المكامن، ثم جناح عن أعمال التكرير والمصافي، ثم شبكة النقل. وقد خصص المعرض جناحا لقصة أرامكو وتاريخها، كما خصص جناحٌ متميزٌ في قلب المبنى للتعريف بمآثر العلماء العرب والمسلمين خلال الألف سنة الماضية. كان كل ذلك يُعرض بأساليب بصرية- صوتية تفاعلية مشوّقة تُثير فضول الزائرين. 

توسع برامج التثقيف

وكان من أبرز ما يقوم به المعرض برنامج زيارات المدارس، حيث توسع عما كان يعمله سابقًا، وأصبح البرنامج كبيرًا وشاملًا يستوعب من 30-50 ألف طالب وطالبة سنويًا. وكانت الشركة توفر الحافلات لنقل الطلبة والطالبات من مختلف مدن وقرى المنطقة الشرقية. كما كانت تقدم الوجبات والهدايا التذكارية. ومن أبرز العروض التي استضافها «معرض الديناصورات»، الذي أقيم عام 1997م وزاره نحو نصف مليون زائر خلال 5 أسابيع، فكان نقلة نوعية في التفاعل مع المجتمع. وبعد 10 سنوات من تشغيله الناجح، أوصى فريق المعرض بتحديث معروضاته بشكل كامل لتتواكب مع المستجدات التقنية. وأغلق المعرض أبوابه لمدة 13 شهرًا، بدءًا من 5 سبتمبر 1998م لإجراء أعمال تطويرية. 

مشروع التحديث الأول

في 9 أكتوبر 1999م تم الافتتاح التجريبي لمعرض أرامكو بعد اكتمال أعمال تحديثه. وكان مما يشد الزوار في هذا القسم حوض مائي به أسماك وشعب مرجانية ملونة، تشير لأصل تكون البترول. أما أكثر التجارب إثارة وتشويقا فكانت التيراسكوب، حيث يدخل عدد من الزوار إلى جهاز يشبه المصعد ثم تغلق الأبواب، ويكون الجهاز مدعومًا بأنظمة محاكاة واهتزازات وتأثيرات بصرية ومقاطع فيديو محيطية تشعر الزائر أنه يهبط بين الطبقات الجيولوجية إلى باطن الأرض على عمق نحو كيلو ونصف الكيلومترٍ إلى الطبقة التي يوجد بها النفط. كما يضم المعرض جناحًا يشعر الزائر فيه وكأنه يدخل في ناقلة بترول عملاقة، ويوضح للزائر كيف تتم أعمال الشحن والتفريغ. وكان المعرض يستقبل بعد تحديثه ما معدله 200,000 زائر سنويًا.

وفي ديسمبر 2002 قدَّم المعرض تجربة جديدة تركت انطباعًا مدهشًا وكانت فلمًا بعنوان «الطاقة للعالم» تم إنتاجه بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد. ومما تميز به المعرض خاصة في الفترة من 2006-2010م تنظيم مهرجان صيف أرامكو السعودية وبرامج رمضان والعيد التي كانت بعض فعالياتها تقام في المعرض والبعض في خيام كبيرة مؤقتة مجاورة. وكان هناك إقبال شديد على تلك المهرجانات، حيث زارها في العام 2010 أكثر من ربع مليون شخص، وشارك فيها مئات المتطوعين. وكان مبنى المعرض مقرًا لفريق العمل الذي ينظم معارض أرامكو السعودية التي تشارك بها في المؤتمرات والفعاليات داخل المملكة وخارجها، وكذلك لفريق العمل الذي يدير المراسم والمناسبات والاحتفالات والزيارات الرسمية للشركة. كما كان مبنى المعرض مقرًا لفريق التواصل مع المجتمع وللفريق الذي يدير برنامج مكتبة أرامكو المتنقلة.

مشروع التحديث الثاني

إعادة صياغة رسالة المعرض وفق الرؤية المستقبلية للمملكة

تم إغلاق المعرض في يونيو 2011م لتنفيذ مشروع تحديث جديد سيكون هذه المرة شاملًا للمبنى من الداخل والخارج والمعروضات. وطال التحديث أيضًا اسم المعرض، كما تمت إعادة تصور فكرة المعرض وتحديث رسالته من متحف لصناعة الزيت والغاز إلى مركز لإثارة شغف الشباب بالعلوم والتقنية وصناعة الطاقة بكافة أنواعها بما فيها الطاقة المتجددة، وسيقدم أيضًا معلومات عن الصناعات الكيميائية. وقد تم تغيير اسمه من معرض أرامكو السعودية إلى معرض الطاقة.

تم تغيير المعروضات بالكامل. وعلى صعيد شكل المبنى، كان التحدي هو كيف يحقق انسجامًا تكامليًا وليس تماثليًا مع طوبوغرافيا المكان والمبنى الأيقوني لإثراء الذي كان قيد الإنشاء آنذاك. ولتبسيط الشكل المعماري وإكسابه طابعًا أكثر معاصرة، تم تخفيف كمية الأقواس في الواجهات، واستبدال الجرانيت البني الداكن بحجر فاتح. كما تم تركيب عمل فني يتشكل من قطع زجاجية ملونة كبيرة عند المدخل. وقد أعيد فتح المعرض للزوار بشكل تدريجي وتجريبي بدءًا من 22 سبتمبر 2017م بالتزامن مع الافتتاح التجريبي لمركز إثراء الذي كان متوافقًا مع احتفالات اليوم الوطني. وفي يونيو 2018م تم الافتتاح العام للجمهور، وتوافق ذلك مع ثاني أيام عيد الفطر المبارك. 

 

محطات في تاريخ معرض الطاقة في أرامكو السعودية
• تأسس المعرض عام 1963م وشهد تحديثات كبيرة في اسمه وموقعه قبل أن يستقر في موقعه الحالي عام 1987م
• تم اختيار موقعه الدائم بعناية بالقرب من بئر الخير ليحكي للأجيال قصة ملحمة اكتشاف النفط
• بدأ المعرض متنقلًا عام 1975م داخل المملكة حتى تأسس ليكون معرضًا دائمًا منذ 1963م.
• شهد المعرض الدائم ثلاثة تنقلات كان آخرها مقره الأخير الذي يطلع بدور تثقيفي أكبر ليشمل برامج زيارات طلاب المدارس وغيرها من برامج الزيارات التثقيفية لصناعة الزيت والغاز في أرامكو السعودية.
• شارك المعرض عبر تاريخه في أجنحة المملكة في معارض إكسبو العالمية، ومعرض المملكة بين الأمس واليوم وفي مئات المعارض الوطنية والعالمية المتخصصة في مجال النفط والغاز والطاقة والبيئة التي تشارك فيها أرامكو، وكان له دور مهم في التعريف بصناعة الطاقة وبأعمال أرامكو وتطورها.

 

بعد استكمال مشروع التحديث، أصبح الزوار يبدأون جولتهم من منطقة تأثير الطاقة التي تناقش بدائل الطاقة مثل الطاقة المتجددة، وأيضا مبادرات أرامكو البيئية مثل زراعة أشجار المانجروف، وبعد ذلك يدخلون منطقة الاستكشاف وكأنهم يدخلون في كهف حجري في باطن الأرض ليتعلموا كيف تكوَنَ البترول. وهناك قاعة تضم مجسمًا للكرة الأرضية معلقًا يبين بالأنيميشن تشكل القارات والمحيطات. كما توضح تلك القاعة كيف استطاع الجيولوجيون الأوائل والأدلاء السعوديون الذين يساندونهم من تحديد المواقع وبدء أعمال التنقيب والحفر. 

وهناك سيارة «وانيت أحمر»  قديمة منذ الخمسينيات كان يستخدمها مهندسو الشركة تلفت أنظار زوار هذه القاعة.

ثم يتجول الزوار في القاعة التالية التي بها مجسمٌ كبيرٌ يمثل جزءًا من جهاز الحفر ومعداته، ثم ينتقل الزوار إلى قاعة توضح معامل معالجة الزيت وفصله عن الغاز ومعامل التكرير (المصافي) ومعامل الغاز. بعد ذلك يدخل الزوار في قاعة بها منصة بحرية وبها أجهزة محاكاة لجوانب هندسية وتشغيلية لإعطاء الزوار إحساسًا أكثر بأجواء أعمال صناعة الطاقة من خلال اللعب. ثم يمر الزوار بجناح في المعرض يشرح الصناعات الكيميائية ويوضح أن كثيرًا مما نراه حولنا في حياتنا اليومية من مواد بلاستيكية أو منسوجات أو مواد مركبة هي في الواقع منتوجات كيميائية من أصل بترولي. بعدها يدخل الزائر قاعة تشبه على نطاق مصغر مركز تنسيق العمليات (أوسباس) في أرامكو السعودية. وهناك مسرح المعرض الذي تم تحديثه وتقام فيه عروض سينمائية ومسرحية صغيرة. ويكون المعرض في أوج تألقه حينما يحتفل باليوم العالمي للرياضيات في 14 مارس من كل عام عبر فعاليات علمية تستمر مدة أسبوع. 

شخصيات عالمية أجنبية زارت المعرض

حظي المعرض عبر تاريخه بزيارات كثيرة لشخصيات، منها 

  • زيارة السيدة مارجريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، في سبتمبر 1991م 
  • الرئيس الإيراني السابق، علي رفسنجاني. 4 مارس 1998م 
  • الرئيس الصيني السابق، جيانغ زيمن. 3 نوفمبر 1999 
  • الرئيس الفنزويلي السابق، هوغو شافيز. 20 فبراير 2001م 
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge