هاروكي موراكامي، لمن لا يعرفه، هو أحد أبرز الأصوات الروائية في الأدب العالمي المعاصر، وتتصدر أعماله قوائم الكتب الأكثر مبيعًا بمجرد صدورها، وهو يكتب في الغالب حبكات مُتخيلة عن الوحدة والعزلة لكنه في هذا الكتاب يسرد حديثًا من نوع آخر يتسم بالواقعية وبه قدر لافت من التأمل.
يندرج الكتاب تحت تصنيف المذكرات الشخصية ويحمل عنوان: "ما أتحدث عنه حين أتحدث عن الجري". ورغم كونه استعراضًا لآراء صاحبه عن نشاط بشري شخصي، إلا أن بوسع القارئ أن يستخلص منه ما يشبه الحكم على الركض باعتباره فعلًا وجوديًا خالصًا.
والجري، بالنسبة لموراكامي كما نفهم من فصول كتابه التسعة، ضربٌ من الإبداع مثل الكتابة تمامًا، فهما يتقاطعان وفيهما يكتمل معنى المعاناة التي تُعد في نظره اختيارًا: يختار الكاتب والعدّاء تحمل الألم في سبيل الانتهاء من عملهما، فالعدّاء يقترب من خط النهاية شيئًا فشيئًا وحين يلامسه تنسلخ عنه آثار المشقة، والأمر نفسه حين يخط الكاتب آخر كلمة في عمله الذي كان يشغله بالليل وبالنهار.
ويسرد المُبدع الياباني ذو الـ 73 عامًا، الذي بدأ في ممارسة الركض في خريف عام 1982م، في هذا العمل، وبطريقة هادئة وممتعة، شذرات من خبرته حين يمارس رياضة الجري، بعيدًا عن التعامل معه، كما يشير، باعتباره فعلًا وقائيًا مفيدًا للإنسان، إنما يسعى إلى "التفكير بصوت عالٍ" بشأنه، ومنح القارئ عددًا مما قد ندعوه دروس الحياة كانت محصلة لتعلم فعلي جاء من تحريك الجسد.
وفي الكتاب، نتعرف على "ذكريات بسيطة وعادية" ولكنها في عينيّ المؤلف "ثمينة وذات مغزى"، عن طبيعة العلاقة بين الكاتب والركض، ولحظات النشوة، وسرعة الجري بالنظر إلى مسافته، وشكل مساره ونمط إيقاعه، والجهد والتركيز، والنفخ واللهاث، وركض البعض وكأن لصوصًا يطاردونهم، والجري وكأنه آخر شيء في العالم يرغب شخص ما بفعله.
العنوان: ما أتحدث عنه حين أتحدث عن الجري
المؤلف: هاروكي موراكامي
ترجمة: بثينة الإبراهيم
الناشر: دار أدب للنشر والتوزيع
عام النشر: 2022م
عدد الصفحات: 167 صفحة
ردمك:0-9-91808-603-978