في يومها العالمي 2022

اللغة العربية.. احتفاء وتعليم للأجيال.. وهوية ثقافية نعتز بها

اللغة العربية.. احتفاء وتعليم للأجيال.. وهوية ثقافية نعتز بها

يحتفي العالم أجمع في يوم 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية. لغة الضاد التي يستخدمها ما يزيد على 400 مليون شخص حول العالم، الثريَّة بمرادفاتها وتعبيراتها، وصورها الجمالية وأساليبها البلاغية. وتلك التفاصيل اللُغوية البهيَّة، التي جعلت منها لُغةً شجيَّة، تغنَّى بفصاحتها الشعراء والأدباء، وأبحر في علومها ونهض بها العلماء، وهم كثرة لا يمكن حصرهم، غاصوا في بحورِ شعرها وأدبها ونحوِها، أمثال المتنبي والفراهيدي والجاحظ وسيبيويه.

وكما قال الشاعر أحمد شوقي: "إنَّ الذي مَلَأ اللُّغاتِ مَحَاسِنًا.. جعَلَ الجمالَ وسِرِّهُ في الضادِ"، فإن اللغة العربية تمثل رمز عز وفخر لأمة العرب. فقد اختارها وخصَّها الله لأن تكون لغة كتابه، القرآن الكريم، وليس بعد ذلك أكثر من هذا تشريفًا وتعظيمًا. وعلى مر السنوات، التي مضت وستمضي، تستمر لغتنا العربية في تصدُر المشهد بقوتها وثرائها اللغوي، فكُل عامٍ وهي تزهو وتنفردُ وتتألق أكثر.

 

 جهود وطنية لهوية عربية

كرست المملكة العربية السعودية جهودها من أجل تعزيز دور ومكانة اللغة العربية محليًا وعالميًا عبر عدة قطاعات، أحدها الدور الذي تلعبه وزارة الثقافة السعودية، من خلال تقديمها للعديد من الأنشطة والفعاليات التي تعمل على ترسيخ قواعد اللغة العربية وإجلاء ما هي عليه من أهمية، وتوطيد علاقة الأفراد بالهوية التي يحملونها.

ويعمل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية على تعزيز هذا الدور أيضًا، من خلال مبادرات عديدة يقدمها لإرساء الدور الثقافي والحضاري للغة العربية، إحداها جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، التي تم إطلاقها لحفظ هويتنا العربية، وترسيخ ثقافتنا، وتكريم المتميزين فيها، تماشيًا مع خطى المملكة نحو رؤية 2030، التي يُمثّل تعزيز الهوية أحد رواسخها. 

وفي يوم اللغة العربية للعام 2022م، شارك المجمع بحملة تحت شعار "مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية"، تخللتها عدة نشاطات وفعاليات على المستويين المحلي والعالمي، أبرزها محليًا: المشاركة في مؤتمر اللغة العربية والقطاع غير الربحي، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الذي يهدف إلى تشجيع القطاع غير الربحي على تعزيز التنمية اللغوية والمحافظة على الهوية اللغوية للمجتمع. وأبرزها عالميًا: المشاركة في فعالية الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية المنعقدة في مدينة نيويورك بمقر الأمم المتحدة على مدى يومين، والمشاركة أيضًا في حضور أعمال احتفاء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) باليوم العالمي للغة العربية في مقرها الرئيس بالعاصمة الفرنسية باريس. 

كما أطلق المجمع مبادرة رقمية من خلال حملة بعنوان #نفخر_بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي احتفاءً بلغتنا العربية الخالدة، وتعزيزًا لحضورها في الفضاء الرقمي.

 

أرامكو السعودية بحِلتها العربية

اعتنت أرامكو السعودية باللغة العربية منذ بواكير نشأتها، فقد اهتمت بتقديم البرامج التدريبية لموظفيها باللغتين، الإنجليزية والعربية، وعلى هذا الأساس تم إنشاء قسم الترجمة بالشركة منذ أواخر الثلاثينيات في القرن الماضي. وعلى مر السنوات، أدى قسم الترجمة دورًا تكامليًا مع إدارات الشركة الأخرى، خاصةً مع الجهود الرائدة التي تم بذلها من أجل توافر المعاجم التي تتناول المصطلحات والمفردات الفنية المرجعية في مجالات صناعة البترول والهندسة والمالية والطب والمحاسبة والقانون وغيرها. كما عمل القسم على تدريب الشباب السعودي الذين التحقوا بالقسم وتلقوا التدريب المكثف وتم ابتعاث البعض منهم للدراسة بالخارج والحصول على شهادات جامعية في تخصص الترجمة.

القافلة.. الميلاد

في عام 1951م، صدر أول عدد تجريبي من نشرة "قافلة الزيت" (القافلة الأسبوعية حاليًا) وكان عنوانها "الأحداث"، التي جاءت على غرار النشرة الإنجليزية التي كانت تصدر من قسم العلاقات العامة آنذاك. ثم تغيرت إلى "الحوادث" لتتحول إلى "قافلة الزيت" في عام 1953م. بدأت الفكرة عندما اقترحها ثلاثة مترجمين من أرامكو السعودية، فيما سبقتها عدة محاولات من الشركة لوجود نشرة عربية. 

وكانت لفكرة النشرة باللغة العربية فوائد عديدة، لعل أهمها توطيد العلاقات بين الموظفين المتحدثين بها، ومد جسور من الصداقة والوِفاق مع المجتمع والمحيط الاجتماعي الخارجي. وأيضًا باعتبارها وسيلة تثقيفية مهمة تنقل للناس صورة عن صناعة الزيت في المملكة.

 

إثراء.. رحلة في الأندلس

يدعم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) الاقتصاد المعرفي في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال نشر المعرفة والتشجيع على الإبداع والانفتاح على العالم. وفي ظل الجهود والخطى نحو الانفتاح الثقافي، لم يكن غريبًا حضور إثراء القوي في اليوم العالمي للغة العربية، الذي خصص مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي له عدة فعاليات وأنشطة متنوعة، مناسبة ومُوجهة لكافة الأعمار، في الفترة ما بين 14 إلى 17 ديسمبر 2022م. فقد شارك المركز للاحتفاء بها هذا العام بتسليط الضوء على فن الموشحات، الذي هو أحد الفنون الأدبية العربية العريقة التي نشأت في الأندلس، والمُشتَق اسمها من الوِشاح أي الرداء الذي يمتاز بزركشته، وتزيينه بالزخارف، لكون معناها اللغوي هو: "الكلام المنظوم على وزنٍ مخصوص".

تراوحت الفعاليات بين مناحي عديدة متعلقة باللغة العربية، بدءًا من "نزهة في بدائع الموشحات" التي تنوعت بين جلسات حوارية وجلسات توقيع للكتب، مرورًا بالعرض الموسيقي "يا زمان الوصل" نحو جولة في "تطور اللغة العربية"، إلى ورشة العمل "خزف، خط عربي وقهوة"، مع الكثير من المسابقات الحيّة والشيّقة، "لغز في قصر الحمراء" و"عربي أم معرَّب؟" و"ترحال دون سفر".

 
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge