إضاءة

التفاتةٌ صغيرةٌ.. أثرها كبيرٌ

التفاتةٌ صغيرةٌ.. أثرها كبيرٌ

نستمع كثيرًا إلى كلمات التنظير، وتلك العبارات المنمقة التي تدعو إلى المثالية التي أغرقت المنصات والساحات وملّها الأشخاص، مثل: استثمر في نفسك، املأ وقت فراغك، اقرأ كتابًا كاملًا في فترة قصيرة، أو ابدأ مشروع أحلامك الآن!.. كلها محاولات تدعو لاستثمار الوقت. ولكننا في نهاية المطاف بشرٌ، لسنا مخلوقات خارقة، ولسنا مطالبين بأن تكون جميع أيامنا حافلة. وفي أغلب أوقاتنا وأيامنا لا نحتاج للكثير غير أن يمضي يومنا بسلام! فيكون إنجاز المرء مِنا هو الظفر بأن يحيا يومًا كاملًا في سلام لا تشوبه أي منغصات، ويستيقظ غدًا ساعيًا نحو إنجاز جديد.

وبالرغم من حاجتنا لمرور الأيام بسلام، تأتي أيام أخرى نضطر فيها لمواجهة ساعات قد نبحث فيها عن شيء نفعله فلا نجد، وفي أوقات أخرى نسأم من حدة الروتين اليومي، ومن ساعات الفراغ التي تمضي دون أن نجد ما يملؤها، خاصةً تلك الساعات التي تتبقى من يومنا بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية. فيكون حينها من الأفضل لنا أن نفعل شيئًا مفيدًا هادفًا.

اجتمعت مع صديقتي منذ فترة قريبة، كنا نتذمر من مرور بعض الأيام دون أن نفعل فيها ما يُفيدنا. فقادنا التفكير وتحوَّل اجتماعنا ذاك إلى جلسةٍ للعصف الذهني. بدأنا نعدد الخيارات الممكنة للانشغال المفيد. فالنادي فكرة جيّدة، ومفيدة، كما هو الحال مع تعلم مهارة أو هواية جديدة. لنبدأ في تعلم لغة جديدة مثلًا، وأيضًا هناك أشياء بسيطة ولها أثر كبير، كالتطوع مثلًا!

فجأة توقفنا.. نعم التطوع! ذلك الجهد الذي يبذله الإنسان بكامل إرادته ورغبته. عندما نستشعر السعادة والرضا عند العطاء، دون انتظار المقابل. كأن نخصص ساعة من يومنا أو ساعات قلة من أسبوعنا لتنمية هذه الصفة فينا وجعلها عادةً تُنمي ذواتنا وتسمو بنا.

وبالتزامن مع محادثتنا هذه، ها نحن اليوم في الأسبوع الذي يتصادف وقوع يوم التطوع العالمي في أحد أيامه، وهو ٥ ديسمبر 2022م. ولذا فإني أجدها فرصة لأدعو نفسي قبل أن أدعوكم لأن ننمي أنفسنا ونستثمر فيها تطوُعيًّا.. أن نعلمها كيف تُعطي وتُقدم ولا تنتظر مقابلًا. أن نستشعر اسم العطاء، وننشر ثقافة التطوع.

أمثلة كثيرة وممكنة لأفعال وممارسات في حياتنا اليومية بوسعنا تقديمها بمحض إرادتنا، كأن نُعلم مهارةً نحن متقنوها لمن لا يعرفها، نُعبِّر بالقول الحسنِ، نبادر بفعل الخير وننشره، كأن نسقي نبتةً، ونطعم قطةً، ونخصص مبلغًا لمحتاجٍ متعففٍ دون أن نحرجه. فحين نتطوع نحن نرجو أشياءً عديدةً، قد نطلب أجرًا، أو أثرًا نفسيًا يُبهج أرواحنا ويُحقق لها شعورًا بالرضا. أو قد نطلب الاثنين معًا، وفي كلتا الحالتين نحن مَن يربح ويحصد ربحه هذا اليومَ أو غدًا.

كما أن للتطوع أشكالًا وصورًا عديدة، منها تلك الأفعال التي تكون على المستوى الشخصي وأخرى تُسهم في تنمية المجتمع وبنائه، كالانضمام إلى المبادرات التي تُقدمها المؤسسات التطوعية الرسمية من أجل خدمة المجتمع الذي نعيش فيه. وتُعد المنصة الوطنية الموحدة للعمل التطوعي وِجهة مناسبة للباحثين عن فرص تطوعية، وتشتمل على عدة مبادرات للتطوع، كل واحدة منها تقود المتطوع إلى الصفحة الرسمية الخاصة بالجهة المُقدمة للمبادرة. فقد يكون تطوعه لإنشاء فريق، أو إهداء تبرع، أو تسجيل وقف جديد.. ولربما كان في أبسط حالاته، فكرةً، تقوده هو أو غيره نحو آفاقٍ جديدةٍ.

 

نوره العمودي، قسم النشر. 
يرحب أرامكو لايف بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge