تحدث عن «الأسباب الحقيقية» لأزمة الطاقة العالمية، وحدّد ثلاث «ركائز» إستراتيجية
الناصر يدعو إلى خطة «موثوقة» للتحول في قطاع الطاقة
قال رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، في مؤتمر رقمي عالمي كبير في لوزيرن، سويسرا، إن أزمة الطاقة العالمية الحالية متجذرة في ضعف الاستثمار المزمن في قطاع الطاقة.
وأشار الناصر في كلمته أمام منتدى شلمبرجير الرقمي إلى ما وصفه بـ «الأسباب الحقيقية» للأزمة، وحذر من أن «سوء الفهم العميق للأسباب التي أدت لوصولنا إلى الوضع الحالي في المقام الأول لا يقدم لنا سوى أمل ضئيل للتوصل لحل سريع».
الاستدامة الذكية
وقد أُعلن في المنتدى أن أرامكو السعودية وشلمبرجير تدرسان إمكانية إنشاء منصة ذكية للاستدامة يمكنها تسويق عددٍ من الحلول الرقمية ودعم طموحات الشركتين في تحقيق صافي انبعاثات صفري، علمًا أن للشركتين تاريخ مشترك من الشراكة يعود إلى عام 1941م.
وقد استغل الناصر هذه المناسبة لتسليط الضوء على التحدّيات التي تواجه قطاع الطاقة وطرح نهجًا ثلاثي الركائز لتحقيق إجماع عالمي على التحول في قطاع الطاقة.
وأضاف الناصر: «عندما يتناول المؤرخون الأزمة الحالية، فسيجدون أن علامات تحذيرية حمراء تتعلق بسياسات الطاقة العالمية قد ظهرت بصورة جلية على مدى ما يقرب من عقد من الزمان.
ولسنوات كثيرة، أكد الكثيرون من بيننا على أنه في حال استمرار انخفاض حجم الاستثمار في قطاع النفط والغاز، فإن نمو العرض لن يواكب النمو على الطلب، ما سيؤثر على الأسواق والاقتصاد العالمي وحياة الناس.
وفي حقيقة الأمر، فقد انخفضت الاستثمارات في قطاع النفط والغاز انخفاضًا كبيرًا تجاوز 50% بين عام 2014م وأواخر العام الماضي، حيث انخفضت من 700 مليار دولار إلى أكثر من 300 مليار دولار بقليل».
قليلة ومتأخرة جدًا
وحذر الناصر من أن «الزيادات في حجم الاستثمارات هذا العام كانت قليلة جدًا، ومتأخرةً جدًا وقصيرة الأمد».
وأضاف الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين أن خطط التحول الحالية في قطاع الطاقة قد قُوِضت بسبب «السيناريوهات غير الواقعية والافتراضات الخاطئة.
فعلى سبيل المثال، أدى أحد السيناريوهات بالكثيرين لافتراض أن القطاعات الأكثر استخدامًا للنفط ستتحول إلى مصادر الطاقة البديلة بين ليلة وضحاها، ما يعني أن الطلب على النفط الخام لن يعود أبدًا إلى مستوياته قبل جائحة كوفيد-١٩.
وعلى أرض الواقع، عاد الطلب القوي على النفط والغاز بمجرد بدء خروج الاقتصاد العالمي من الإغلاقات».
وأشار الناصر إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا تزال تمثل 10% فقط من توليد الكهرباء على الصعيد العالمي، وأقل من 2% من إمدادات الطاقة العالمية.
وأضاف قائلًا: «ربّما كانت الفكرة الأشد ضررًا هي إمكانية تجاهل التخطيط لحالات الطوارئ دون وقوع مخاطر، لأنه عندما يُوجّه اللوم للمستثمرين في قطاع النفط والغاز، وتُفكك محطات توليد الكهرباء العاملة بالنفط والفحم، ولا يجري تنويع إمدادات الطاقة (خاصة الغاز)، وتُكون هناك معارضة لبناء فُرضٍ لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، وتجابه الطاقة النووية بالرفض، فمن الأفضل وجود خطة انتقالية صائبة».
التداعيات
وقال الناصر: «في حقيقة الأمر، وكما برهنت الأزمة الحالية، فلم تكن هذه الخطة سوى قلعة من الرمال تحطمت على أمواج الواقع. ويواجه مليارات البشر في مختلف أنحاء العالم اليوم تبعات ذلك، متمثلةً في صعوبة الحصول على الطاقة وتكلفة المعيشة، والتي من المتوقع أن تكون قاسية وطويلة الأمد».
ورأى الناصر أن الأزمة تتطلب «إجماعًا عالميًّا جديدًا» يقوم على ثلاث ركائز إستراتيجية قوية وطويلة الأجل.
وقال إن ذلك يستلزم ما يلي:
- إدراك صانعي السياسات والجهات المعنية الأخرى أنه لا تزال هناك حاجة لتوريد الطاقة التقليدية بكميات كافية وأسعار معقولة على المدى الطويل.
- تحقيق خفض إضافي في الانبعاثات الكربونية الناجمة عن مصادر الطاقة التقليدية، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة، وتطوير التقنية التي تتيح تحقيق هذين الهدفين.
- تطوير مصادر طاقة جديدة ومنخفضة المحتوى الكربوني، لتكون بمثابة المُكمّل لمصادر الطاقة التقليدية المثبتة.
وقد دأبت أرامكو السعودية على التصدي للمجالات الثلاثة التي تطرق لها الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين.
الحلول الرقمية
من جهته، تحدث كبير مسؤولي التقنيات الرقمية في أرامكو السعودية، الأستاذ نبيل النعيم، عن «التزام الشركة بتقديم الحلول الرقمية المبتكرة ذات التأثير الكبير».
وأشار إلى تركيز الشركة على حاجات المستخدمين والمرونة وعمليات تعلم الآلات الفاعلة والبنية التحتية.
المرونة
وقال النعيم: «بدون وجود سلسلة عمليات لتعلم الآلات، فإن التركيز على حاجات المستخدمين والمرونة لن تجدي لأنه لن يكون بمقدورك تطوير منتجات رقمية قوية ومستدامة. وتشمل العمليات الفاعلة لتعلم الآلات منصة ذكاء اصطناعي مناسبة، يمكن أن تستند إلى مصدر مفتوح أو على منصة تجارية للذكاء الاصطناعي. كما تحتاج إلى نموذج تشغيل محدد لعمليات تعلم الآلات وعملية ذكاء اصطناعي شاملة تضم إدارة البيانات، وإدارة منتجات الذكاء الاصطناعي، ونمذجة الذكاء الاصطناعي، وعمليات التطوير، وإدارة الموظفين والمهارات، ومؤشرات الأداء الرئيسة والأهداف والنتائج الرئيسة وإدارة الأطراف المعنية».
وأشار النعيم إلى بعض الأمثلة على خطوات أرامكو السعودية في مجال التقنية الرقمية، بما في ذلك:
- البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي
- كما تَحَسّن معدل الحفر بنسبة 30% باستخدام الحوسبة الحدية وتحليل البيانات الضخمة التي تزود طواقم الحفر بمعايير الحفر المثلى.
- ويحدّ تطبيق التحليل التنبؤي للمضخات الكهربائية الغاطسة من الأعطال بنسبة تصل إلى 30%، مما يعني تجنب الخسائر.
- ويستفيد النموذج القائم على البيانات من بيانات آبار الموازنة التي لها سجلات تآكل تاريخية، في إنشاء سجلات التآكل الصناعي في الآبار التي لم تُسجَّل في السابق باستخدام الروابط الجغرافية المكانية.