خبراء حماية البيئة في الشركة يبحثون فرص الاستفادة منها في تطبيقات متعددة..

الطحالب الدقيقة.. حلٌ طبيعي لتحويل الطاقة الشمسية إلى كيميائية

 الطحالب الدقيقة.. حلٌ طبيعي لتحويل الطاقة الشمسية إلى كيميائية

نبتةٌ صغيرة ربما تبوح بأسرار تُسهم بدورها في التغلُّب على بعض التحديات العالمية؛ هذا ما يعكف على استكشافه برنامج الطاقة الخضراء من خلال أبحاثه في مجال الطحالب الدقيقة، حيث يُعدُّ هذا البرنامج، الذي تقوده حماية البيئة في أرامكو السعودية، مبادرة مؤسسية تهدف إلى مساندة جهود الشركة في مجال التخلص من الكربون وتعزيز الاستدامة والاقتصاد الدائري للكربون.

ويقود برنامج الطاقة الخضراء جهود الشركة لتعزيز الحلول القائمة على الطبيعة، مثل زراعة ملايين أشجار القرم، واستكشاف مجموعة كبيرة من التقنيات الحديثة التي يمكن الاستفادة منها في هذا الإطار، مثل الزراعة بواسطة الطائرات بدون طيار.

وضمن تلك الجهود، تستكشف أرامكو السعودية في الوقت الحالي عديدًا من التطبيقات المتعلقة بالطحالب الدقيقة داخل الشركة والمملكة.

ما هي الطحالب الدقيقة؟

الطحالب الدقيقة هي في الأساس نباتات أحادية الخلية أو متعددة الخلايا تعتمد على عملية التمثيل الضوئي، وتنتج الطاقة عن طريق تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية.

وتُعد الطحالب الدقيقة من بين أكثر النباتات كفاءةً عندما يتعلق الأمر بعملية التمثيل الضوئي؛ لأنها لا تحتوي على بنية الأنسجة المعقدة الموجودة في النباتات متعددة الخلايا الطبيعية، مما يعني أن الطحالب الدقيقة يمكنها إنتاج مزيد من الطاقة في مساحة محدودة وبموارد أقل.

وعلاوةً على ذلك، يمكن أيضًا زراعة الطحالب الدقيقة في مياه الصرف الصحي أو مياه البحر، حسب النوع. وعند زراعتها في مياه الصرف الصحي، فإنها تؤدي مهمة عامل المعالجة الحيوي، حيث تقوم بإزالة المواد المغذية من الماء.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد الطحالب الدقيقة في تنقية مياه الصرف الصحي في الأحياء السكنية.

وبالمثل، يمكن استخدام الانبعاثات الصناعية مثل ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين لتعزيز إنتاج الطحالب في برك مياه الصرف الصحي.

ويؤدي تدفق هذه الانبعاثات في البرك إلى زيادة الإنتاج، وتحتجز الطحالب كميات ثاني أكسيد الكربون الإضافية بشكل فاعل من خلال عملية التمثيل الضوئي، وتستخدم مركبات أكسيد النيتروجين كوسيلة للتخصيب.

ومن خلال عملية التمثيل الضوئي، تعمل الطحالب بفاعلية على تحويل ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون والماء والمواد المغذية المتوفرة في مياه الصرف الصحي إلى كتلة حيوية غنية بالكربوهيدرات والبروتينات، إلى جانب الأكسجين النقي الذي يتم إطلاقه في الغلاف الجوي.

ويمكن بعد ذلك تحويل الكتلة الحيوية الناتجة إلى عديد من المنتجات المفيدة، مثل الوقود الحيوي والعلف الحيواني والمستحضرات الصيدلانية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطحالب الدقيقة البحرية مسؤولة عن إنتاج %70 من الأكسجين في الكوكب، والواقع أن كثيرًا من موارد النفط والغاز في العالم تأتي نتيجة لأجيال من إنتاجية الطحالب الدقيقة في البحار الضحلة قبل ملايين السنين.

حلٌ طبيعي

وتعكف أرامكو السعودية على دراسة عديد من التطبيقات المتعلقة بالطحالب الدقيقة. وتحظى المملكة بفرص جيدة لإنتاج الطحالب الدقيقة، نظرًا لوجود تكوينات السبخات من المسطحات المائية المالحة الواسعة والفريدة على طول الخليج العربي.

ويمكن تحويل هذه السبخات بسهولة إلى برك مالحة لإنتاج الطحالب. كما تقع مناطق السبخات نفسها بالقرب من عديد من المرافق الصناعية التابعة لأرامكو السعودية، مما يعني إمكانية استخدام الانبعاثات في إثراء برك الطحالب وزيادة الإنتاجية، وهو ما من شأنه أن يساعد في الحد من الانبعاثات الناتجة عن أعمال الشركة.

وهناك ميزة أخرى تتمثل في مناخ المملكة، الذي يتسم بالدفء وسطوع الشمس على مدار العام، مما يزيد من إنتاجية الطحالب.

بالإضافة إلى ذلك، تمتلك أرامكو السعودية أكبر مرفق لحقن مياه البحر في العالم في القريَّة على ساحل الخليج العربي، حيث تمتد شبكات خطوط الأنابيب عبر تكوينات السبخات في أعماق الصحراء.

كما تمتلك الشركة البنية التحتية للتكرير، التي يمكنها معالجة ومزج الخام الحيوي للطحالب مع النفط الخام الذي تنتجه الشركة مع إدخال تعديلات طفيفة، وربما دون أي تعديلات.

تجربةٌ ناجحة

وإدراكًا منها للفرص التي قد تقدمها الطحالب الدقيقة لها وللمملكة، وضعت الشركة في 2019م خطة تنفيذ لمسارات إنتاج الطحالب ضمن برنامجها للطاقة الخضراء.

وقد بدأ تشغيل أول مرفق اختبار تجريبي للطحالب الدقيقة بالقرب من معمل حقن مياه البحر في القريَّة.

ويهدف هذا المرفق إلى دراسة إمكانية إنتاج وقود حيوي أخضر جديد قليل الاعتماد على الطاقة بواسطة الطحالب لأرامكو السعودية، إلى جانب تقييم المنتجات المفيدة من الكتلة الحيوية المصاحبة، مثل العلف الحيواني.

ويقوم المرفق التجريبي بتقييم التغيرات السنوية في نمو وإنتاجية أنواع مختلفة من الطحالب الدقيقة المحلية، في مياه الصرف الصحي أو مياه البحر، وكذلك قدرتها على احتجاز ثاني أكسيد الكربون.

وفي عام 2021م، تمكَّن المرفق التجريبي للطحالب الدقيقة من إنتاج أول دفعة من الخام الحيوي الأخضر في أرامكو السعودية.

ولضمان استمرارية النجاح، تتعاون الشركة مع مؤسسات متخصصة لتحسين عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون، وزراعة الطحالب، وتطوير المنتجات القائمة على الطحالب في أعمال التكرير والمعالجة والتسويق.

 

بقلم: رونالد لوفلاند، ونايف العبداللطيف، وأحمد الحمران، وعبدالله العتيبي.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge