توفر التكاليف والوقت وتحافظ على البيئة والسلامة..

مهندسو الحفر في أرامكو السعودية يبتكرون تقنية لتطوير أعمال تنظيف الآبار

مهندسو الحفر في أرامكو السعودية يبتكرون تقنية لتطوير أعمال تنظيف الآبار

توصلت دائرة الحفر وصيانة الآبار، مؤخرًا، في إطار بحثها المستمر عن طرق مبتكرة لرفع كفاءة أعمالها، إلى أسلوب بديل أكثر أمانًا وأقل تكلفةً لتنظيف آبار النفط والغاز بعد الانتهاء من أعمال الحفر، وذلك بواسطة تقنية جديدة تُعرف باسم (جمب ستارت)، تتميز بتعزيزها لمستوى السلامة في أعمال التنفيذ من خلال تقليص المعدات الثقيلة وعدد العمال في موقع البئر، إلى جانب الاستغناء عن استخدام الغاز والمواد الكيميائية عالية الضغط. وترتقي هذه التقنية الجديدة بمستوى الكفاءة، مع تقليل وقت استخدام أجهزة الحفر، والحد من حالات قصور التنفيذ، وخفض تكلفة التشغيل.

فكرة خلاقة

وتكمن العبقرية الهندسية وراء تقنية (جمب ستارت) في كيفية حلها لمشكلة طالما واجهتها أعمال الحفر في جميع أنحاء العالم؛ فبعد الانتهاء من حفر أي بئر للنفط أو الغاز، من الضروري أن تُعاد السوائل التي استُخدمت في معالجة البئر إليها، فيما يُعرف بـ (التدفق العكسي).

ونظرًا للتكلفة العالية لأعمال التدفق العكسي والتنظيف التقليدية باستخدام أنابيب النيتروجين الملفوفة، وتطلبها لمساحة كبيرة للمعدات، وتضمنها لمخاطر تتعلق بالسلامة واللوجستيات، فضلًا عن أنها قد تستغرق في معظم الأحيان ما يصل إلى 20% من الوقت اللازم لحفر البئر،  فإن الاستغناء عن استخدام أجهزة الحفر، وتحسين كفاءة الوقت سيؤدي إلى توفير كبير في تكلفة مشروع الحفر.

وتقوم تقنية (جمب ستارت) على فكرة استخدام مضخة كهربائية غاطسة وإطلاقها عبر الأنابيب بصورة مؤقتة، ثم استعادتها بالكامل بعد الانتهاء، حيث تقوم بطرد السوائل الناتجة عن الحفر، مما يقلل الوقت اللازم للتدفق العكسي بنسبة تصل إلى 50%، مقارنةً بأساليب التنظيف التقليدية.

فرص ومكاسب واعدة

وبهذه المناسبة، قال مدير إدارة تقنية الحفر، الأستاذ خليفة العمري: "هذه الفكرة من شأنها تحقيق مكاسب طائلة جراء ترويجها على الصعيد الدولي، فضلًا عن إبرازها مكانة أرامكو السعودية كشركة رائدة في مجال ابتكار تقنيات إنتاج النفط والغاز".

وأضاف قائلًا: "ستعود التقنية على الشركة والمملكة بعديدٍ من الفوائد الكبرى، وستُثبت عمليًا الريادة التقنية لأرامكو السعودية في قطاع الطاقة العالمي، بالإضافة إلى أنها ستسرع سلسلة أعمال حفر الآبار، وتقلل وقت استخدام أجهزة الحفر. كما ستخفف من العقبات المتعلقة بمسألة السلامة واللوجستيات، وستقدم نموذج أعمال جديد لتعزيز ميزتنا التنافسية من خلال تبني تقنيات جديدة لحقول النفط".

هل تنجح في البحر؟

من جانبه أشار الأستاذ علي العسيري، الذي كان يشغل منصب المدير لإدارة هندسة التنقيب وحفر آبار الزيت بالوكالة في وقت إطلاق هذه التقنية، إلى أن التحدي الأكبر الذي توجَّب على تقنية (جمب ستارت) مواجهته هو تطبيق هذا الحل الجديد في أعمال الحفر البحرية.

وأوضح قائلًا: "تستغرق أجهزة الحفر البحرية وقتًا طويلًا لإعادة السوائل في الآبار بعد حفرها، وهو أمرٌ ذو تكاليف باهظة تؤثر على التكلفة السنوية لسلسلة أعمال حفر الآبار. كما أن معظم منصات الشركة الخاصة بالآبار المحفورة حديثًا غير متصلة بمعامل لفرز الغاز من الزيت، مما كان من شأنه أن يسهل عملية تنظيف البئر والتدفق العكسي لها".

ووفقًا للعسيري، فإن هذه التقنية لم ترتقِ إلى مستوى تطلعاته فحسب بل فاقتها، إذ إنها تطبق أيضًا، أثناء معالجتها للسوائل الناتجة عن الحفر، سياسة أرامكو السعودية الصارمة التي تحرص على الوصول إلى مستوى عدم إنتاج أي مخلفات، كما أنها تعمل في نطاق الحيز المحدود لأسطح أجهزة الحفر البحرية وصهاريجها محدودة السعة، مما يجنبنا الحاجة إلى تدخل سفن الدعم.

وقال العسيري: "نحن في دائرة الحفر وصيانة الآبار نفخر بقصة نجاح (جمب ستارت)، حيث أتت هذه الفكرة ثمرة للعمل الجاد والتعاون بين فريق هندسة الحفر وصيانة الآبار، وفريق أعمال الحفر، الذين قادوا هذا الابتكار من مرحلة الخيال الإبداعي إلى مرحلة التنفيذ والتسويق".

تواتر التطوير سمة المبدعين

وشارك رئيس وحدة الهندسة الأولى في إدارة هندسة صيانة الآبار، سليمان العزوني، إلى جانب كبير مهندسي الحفر بالوكالة آنذاك، الأستاذ نجيب العبدالرحمن، في ابتكار تقنية (جمب ستارت).

وقال العزوني في هذا الصدد: "تقنية (جمب ستارت) ما هي إلا غيض من فيض الابتكارات التي تزخر بها دائرة الحفر وصيانة الآبار، والتي تهدف إلى تحسين أعمال الحقل الاعتيادية". وأضاف بقوله: "ما يميز عملنا هو تواتر الحلول التي نتوصل إليها كجزء من عملنا المعتاد في الميدان، والآن أصبحنا نسجل هذه الحلول ونحمي هذه الأفكار من خلال براءات الاختراع، ونسوق لتطبيقها سواءً على مستوى أعمال الشركة أو القطاع ككل".

وقد رخصت دائرة الحفر وصيانة الآبار هذه التقنية، التي لا تزال بانتظار براءة الاختراع، لصالح شركة (إكسس إي إس بي)، الشركة المصنعة للمضخات الكهربائية الغاطسة التي تعمل دون الحاجة إلى استخدام أجهزة الحفر. ويوجد مقر الشركة في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، وهي تسوق للابتكار تحت اسم "تقنية (جمب ستارت) للتدفق العكسي وتنظيف الآبار"، لتطبيقها في الآبار البحرية والبرية على مستوى العالم.

منافع عديدة

وحول هذا الإنجاز التقني، قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية للتقنية، الأستاذ عباس الغامدي: "نحن سعداء بتحقيق هذا التعاون المهم مع شركة (إكسس إي إس بي)، حيث إنه يمكننا من إنزال مضخة قابلة للاسترداد لقاع البئر باستخدام سلك إنزال المعدات؛ لإزالة الطين الثقيل المانع لتدفق السوائل قبل البدء في الإنتاج، وسيقلل ذلك إلى حد كبير من وقت استخدام أجهزة الحفر، كما سيقلل من المخاطر أيضًا".

وأردف قائلًا: "علاوةً على ذلك، فإن المنافع الإضافية المتمثلة في خفض انبعاثات الكربون وتوفير التكاليف، تشكل خطوة واعدة في اتجاه تحسين الجدوى الاقتصادية لعديدٍ من الآبار عالية القيمة في جميع أنحاء العالم. ونحن على ثقة كبيرة في قدرة شركة (إكسس إي إس بي) على إنجاح تسويق تقنية (جمب ستارت)".

 

وصف الصورة في أعلى الصفحة: سليمان العزوني يستعرض تقنية (جمب ستارت)، التي توظف مضخة كهربائية غاطسة تُطلق عبر الأنابيب بصورة مؤقتة، لتقوم بطرد السوائل الناتجة عن الحفر.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge