لا ينحصر مفهوم الوطن في بقعة جغرافية أو حدود مرسومة على الخرائط، ولا يمكن للوطن أن يكون مجرد مكان نقيم فيه أو ننتسب إليه، بل هو أيضًا الملاذ الآمن الذي تأوي إليه أرواحنا وتتعلق به قلوبنا، وهو الرابطة التي تشدُّنا بعضنا إلى بعض أينما حللنا وارتحلنا، وهو البيت الكبير الذي يجمع الأهل والأحبة أحياءً وأمواتًا.
وفي ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، وولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان، رعاه الله، يزخر وطننا العظيم المملكة العربية السعودية بشعب أصيل يتمسك بهويته ويعشق الانتماء إلى ترابه، ويفاخر به ويسعى لتشريفه في مختلف المحافل والمناسبات، ويذودُ عنه في أحلك الظروف والأزمات.
وترسيخًا لهذه الروح الوطنية الأصيلة، وجَّه الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، في عام 2005م بالاحتفاء رسميًا باليوم الوطني لأول مرة، وأُقرت تبعًا لذلك إجازة رسمية للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة. ومنذ ذلك التاريخ، ونحن نحتفل في الثالث والعشرين من سبتمبر بذكرى توحيد مملكتنا الغرَّاء عام 1932م، على يد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه.
ولأنها ابنة هذا الوطن المبارك، حرصت أرامكو السعودية على الاحتفال بهذا اليوم المجيد والاحتفاء برجالاته ومنجزاته، سواءً في مرافق أعمالها أو من خلال مبادراتها المجتمعية العامة، التي تتوشح ألوانَه الخضراء في أبهى حللها.
حامل الراية يتقدم القافلة
في عام 2007م، احتفت "القافلة الأسبوعية" بحامل الراية السعودية، الشيخ عبدالرحمن آل مطرف، رحمه الله، حيث زارت حفيده في منزله، في محاولة لتسليط الضوء على الراية المرفوعة دائمًا في مختلف المناسبات الرسمية، التي تتشرف بحضور ملك المملكة.
وتعود قصة الراية إلى فترة كفاح الملك عبدالعزيز، رحمه الله، ورجاله لتوحيد المملكة تحت راية واحدة. وكانت تلك الراية مصاحبة للملك في كل معاركه، وقد أصيب كثيرٌ من حامليها أثناء المعارك وقُتل بعضهم، فانتقلت من حامل لآخر حتى رُكزت في رمال البكيرية، من أجل أن يتقدم أحدٌ لحملها، وكان الرجل الذي تقدم هو عبدالرحمن آل مطرف. وقد أمر الملك المؤسس بأن يورَّث أبناء آل مطرف حمل الراية تكريمًا له.
(كاوست).. صرحٌ معرفي للمملكة
شهد اليوم الوطني التاسع والسبعون افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) عام 2009م، حيث كُلفت أرامكو السعودية بإنشائها من قِبل خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، ليكون لها شرف الإسهام في تحقيق رؤيته وحلمه بتأسيس صرح فريد للمعرفة، يعود بالخير على البشرية جمعاء. وقد حظي الاحتفال بهذا الإنجاز برعايته، رحمه الله، وحضور عدد من ملوك ورؤساء وممثلي الدول الشقيقة والصديقة.
(إثراء) في يوم الوطن
يُعد مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) أيقونة أرامكو السعودية في الشراكة المجتمعية، ومبادرتها الأهم لإلهام الإبداع وتفجير الطاقات البشرية. ولما للمركز من دور معرفي وثقافي بارز، فقد أصبح بوصلة للاحتفال بيوم الوطن، من خلال إطلاق منظومة من الفعاليات، التي احتضنها منذ افتتاحه في عام 2018م، والتي تنوعت ما بين الألعاب النارية، والعروض المسرحية والموسيقية الحية، والأنشطة التعليمية والتثقيفية، التي شارك فيها عديد من الزوار.
لكن احتفالات الشركة لا تقتصر على المركز فحسب، بل تعمُّ كافة دوائرها في مختلف مدن المملكة، حيث تحتفي أحياء السكن ومرافق الأعمال التابعة لها بهذه المناسبة مع الموظفين وأفراد أسرهم، من خلال برامج ترفيهية مميَّزة.
كما تشارك أرامكو السعودية في احتفالات الوطن خارج المملكة، فنجدها مثلًا حاضرة في احتفال السفارة السعودية باليوم الوطني في الجناح السعودي المشارك في إكسبو 2010 الدولي في مدينة شانغهاي الصينية.
رسالةٌ للأجيال
في العام 2019م، أنتجت أرامكو السعودية فِلمًا قصيرًا احتفاءً بمناسبة اليوم الوطني. ويحكي الفِلم قصة شاب سعودي يُسافر عبر الزمن حاملًا رسالة للأجيال، يرسلها جلالة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله. وفي رحلة الرسالة عبر الزمن، تومض صفحات مشرقة من تاريخ المملكة العريق، والتطورات السريعة التي مرَّت بها. وقد تجاوزت أصداء الفِلم التوقعات، حيث سجل رقمًا كبيرًا بأكثر من 11 مليون مشاهدة على الإنترنت.
كطويق.. لا توقفنا الأزمات
"نحن لا نتوقف أبدًا أمام الأزمات"، هذا ما قاله رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، في 2020م، ليذكرنا بـالجبل الأشم (طويق)، الذي يمثِّل رمزًا لهمة السعوديين، وأحد المعالم المعبرة عن هوية رؤية المملكة الطموحة.
وما عشناه على أرض الواقع، قبل ذلك التاريخ وبعده، أكد هذه المقولة ورسخها. فعلى الرغم من التحديات المتتالية والصعاب التي واجهتنا، من الهجمات المعادية على مرافق الشركة في بقيق وخريص عام 2019م، إلى جائحة كورونا التي اجتاحت العالم في 2020م وما أعقبها من تبعات اقتصادية وسياسية واجتماعية، إلا أننا كسعوديين في أرامكو، على سبيل الاعتزاز لا الحصر، لم نتزعزع عن الإنجاز والتقدم بفضل الله تعالى، ولن نتوقف عن الاحتفال بإنجازاتنا وبوطننا.