أمين مكتبة إثراء ينصح بـ «كبسولات القراءة» للمبتدئين، ويؤكد..

القراءة وقود الكتابة وهي ليست المصدر الوحيد للمعرفة

القراءة وقود الكتابة وهي ليست المصدر الوحيد للمعرفة

كان طارق طفلًا في الثامنة وكان والده يمتلك مكتبة أغوته بالاقتراب من رفوفها وتصفح كتبها إلى أن وقعت يداه ذات يوم على أول كتاب يكمل قراءته وكان عن «البستنة»، لتبدأ بعد ذلك رحلة القراءة منذ تلك اللحظة حتى الآن، عابرة به انعطافات كبيرة في الاهتمامات ووعي أكبر بالانتقاءات. ولعُ طارق بالكتب وشغفه بها قاده ليكون اليوم أمينًا لإحدى أكبر المكتبات في المنطقة، ألا وهي مكتبة إثراء التي تضم ما يقرب من نصف مليون كتاب مطبوع موزع على أربعة طوابق شامخة. 

على هامش الإعلان عن انطلاق برنامج «أقرأ» الذي ينظمه مركز إثراء، كان لـ (القافلة الأسبوعية) هذا اللقاء مع أمين مكتبة إثراء العامة والمشرف على البرنامج، الكاتب طارق خواجي، الذي صدر له كتابان هما (قلعة الأنمي) و(العازف على بوابات الفجر).

 

  ● في خطوة جريئة تنم عن شغف معرفي مبكر، أقدمت على الكتابة عن عالم شبه مجهول محليًا وعربيًا، وذلك حين أصدرت كتابك الأول (قلعة الأنمي)، الذي يصف فن الرسوم المتحركة اليابانية في سبعة فصول شيقة وتفصيلية. ماذا تعني لك هذه البدايات وهذا الإسهام المهم الذي أضفته إلى أرفف المكتبة العربية؟ وهل من أعمال قادمة في نفس الإطار؟

 حين أتحدث عن البدايات أعود بالذاكرة إلى عام 2007م، حين ذهبت إلى اليابان وبحوزتي 200 صفحة كتبتها كمسودة عن عالم الأنمي زعمًا بإلمامي بهذا الفن العظيم، وبالرغم من أن هذه المسودة قد استغرقت ٣ سنوات من الوقت والجهد، إلا أن أول أمر فعلته حين عدت أدراجي للوطن، هو تمزيقي لتلك الصفحات، فقد توسعت عدسة المشهد حينها وأردت تقديم ما يليق بالقارئ العربي، وفي مطلع عام 2009م، صدر الكتاب بحلةٍ جديدة، وبنجاح باهر فاق المتوقع حيث أصبح مرجعًا عربيًا للمهتمين؛ إذ استندت عليه أطروحتان لدرجة الماجستير، وتم تكليف بعض طلاب الفنون حول المملكة بقراءته ضمن مقرراتهم. ولا زلت حتى اليوم، أشعر بالضغط الشديد لأتفوق عليه. ونعم، القادم سيكون أجمل بإذن الله، وسيتم العمل عليه قريبًا. 

 

  ● ماذا يعني لك، وأنت القارئ النهم، أن تكون أمينًا لإحدى أبرز المكتبات في المنطقة؟ وماذا أضافت لك هذه المسؤولية العظيمة؟

 حلمٌ تحقق، وأمرٌ رائع لدرجةٍ لا تصدق، ولكن بعد أن تتسلم المنصب، وكقارئ مهتم جدًا بالكتب، تبدأ باكتشاف أن الأمر ليس منوطًا بك، أو بشغفك للقراءة، ولكن أيضًا بكيف تدير هذا المكان بكفاءة وتجعله منارة معرفة للقراء والمهتمين ليحمل رسالة ومهمة المركز، وكيف تُعيد الناس لأحضان المكتبات. 

 

  ● هل كل قارئ كاتب بطبيعة الحال؟ وهل هناك علاقة وثيقة بالضرورة بين القراءة والكتابة؟ 

 كل كاتب هو بالضرورة قارئ في المقام الأول، فالقراءة مهمة جدًا لعملية الكتابة، لكن ليس كل قارئ كاتب. وللعرب مقولة فحواها أن الأسد هو مجموعة من الخراف التي أكلها، وأنا أقول أن الكاتب هو مجموعة من الكتب التي قرأها. 

 

  ● هل القراءة لطارق سبيل لاكتشاف الذات وفهم العالم من حوله؟ أم أنك تقرأ في ما يهمك من المجالات فقط؟

 بالنسبة لي، القراءة الجيدة تكمن باقتناص الكتب التي تُخرج القارئ من منطقة الراحة، فهناك فرق كبير بأن تحب «القراءة» أو أن تحب «ما تقرأ».

 ● مرّ العالم في السنة الماضية بانغلاق تام بسبب الجائحة. ماهو الكتاب الذي رافق طارق في عزلته وكان أنيس مجلسه؟

«الطفل الذي بنتهُ الكتب» للكاتب البريطاني فرانسيس سبوفورد.

 

 ● هناك مقولة شهيرة للروائية بثينة العيسى تقول فيها «القراءة الحرة تصلح ما أفسدته المدرسة»، ما مدى اتفاقك مع هذا الرأي؟ 

هناك عبارة أخرى تقول أن أطفالنا يولدون أذكياء، والمدرسة تجعلهم أغبياء، ولكن أنا لا أعتقد أن المدرسة لوحدها من تدفعهم إلى مرحلة التراجع، ولكن يشترك في ذلك الآباء، والأسرة، والعائلة لتشمل الأقارب، وأخيرًا المجتمع، لأن الطفل ينشأ فطريًا بفضول واسع، ونحن من نضع العوائق ونخلق الحواجز عندما نمنعهم من الاكتشاف ونضع أسوارًا لفضولهم. والقراءة هي أحد الحلول وليست الحل الوحيد.

 

  ● هل حرية الفكر- مالم تتعارض مع ثوابت الدين- مرتبطة بحرية القراءة وحرية انتقاء الكتب؟ وهل هي سبيل الإنسان إلى الحرية باعتبارها السد المنيع في وجه التبعية وانعدام الرأي؟

 القراءات تجعلك متسامحًا أكثر، وربما تضيف لك بعض التمرد، وأقصد في ذلك التمرد الفكري وليس تمرد الممارسات، ولا أرى في ذلك إشكالية، إذ أن القناعات يجب أن تكون عن يقين ورغبة تامة. ولكننا نبالغ أحيانًا في اعتقاد أن القراءة تُصلح دائمًا، فليس الكل قادرًا على تبني الأفكار الصحيحة، وكما يقول علماء المسلمين، «من كان شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه»، فالبقاء داخل الكتب وحدها يصنع فقاعه ترشيحية لا تختلف عن الفقاعة التي تصنعها شبكات مثل نتفلكس، على سبيل المثال. 

 

  ● بماذا ترد على من يردد عبارة (أمة اقرأ لا تقرأ) مشيرًا إلى عجز المجتمعات الإسلامية أو العربية عن نشر ثقافة القراءة الحرة؟ 

 باعتقادي أن من يردد هذه العبارة هو نفسه مُقِل في القراءة، وهو يوجه أصابع اللوم إلى الآخرين عوضًا عن لوم ذاته، ويعيش في غياهب الجب ولا يرى من حوله، وما الأعداد الهائلة لزوار معارض الكتب، بل والعدد الكبير للمشاركين في مبادرة (أقرأ) إلا دليلًا على الاهتمام بالقراءة من كافة الأعمار وأطياف المجتمع. 

 

  ● الكثير منا لديه الرغبة وحب الاطلاع على الكتب، لكنه يفتقر إلى مهارة إدارة الوقت حتى يجد للكتب متسعًا في ساعات يومه..هل من نصيحة أخيرة توجهها لهم؟

بدايةً، القرار. لابد من أخذ القرار الحازم وتحديد أوقات معينة في اليوم للقراءة، ومن ثم يبدأ الاعتياد وتصبح عادة روتينية وجزأ لا يتجزأ من اليوم، كما أن الكتب الرقمية هي من أفضل الحلول لمن لا يملك الوقت. أحد الحلول أيضًا هو البدء بالكتب الصغيرة التي تحمل في طياتها فائدة كبيرة، حيث تُشعر قارئها بلذة الإنجاز حين الانتهاء منها فيتشوق للبدء بالآخر، وتلك الأخيرة أحب أن أسميها بـ «كبسولات القراءة».

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge